خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
فيضانات اليمن.. كوارث تستدعي تدخلات فاعلة لحماية الناس

آخر ما كان يخشاه العديد من أبناء شعبنا اليمني هو أن تأتي الفيضانات وسيول الأمطار لتخطف منهم أحباءهم، وأقاربهم، أو تجرف معها منازلهم المتواضعة، ومزارعهم، وتضاعف من وطأة معاناة كبيرة هي قائمة بالفعل منذ سنوات جراء الحرب، وما خلفته من أزمات اقتصادية ومعيشية وإنسانية حادة.
الصور القادمة من بلادنا، لا سيما محافظات الحديدة وحجة وتعز مؤلمة جداً تكفي وحدها لشرح حجم الكارثة التي حلت بعشرات الآلاف من السكان جراء الفيضانات الناجمة عن التغيرات المناخية التي يشهدها اليمن منذ أواخر يوليو/ تموز الماضي.
فهناك العشرات قضوا في مصارف السيول، وآخرون أتت العواصف والفيضانات على منازلهم ومزارعهم ليجدوا أنفسهم وقد أصبحوا مشردين بلا مصدر دخل وبلا مأوى تحت وابل الأمطار الكثيفة وموجات الصقيع المصاحبة له.
وفي أحدث تقرير أممي، بشأن هذه الكارثة هناك ما يزيد عن 34 ألف عائلة متضررة من السيول التي تسببت أيضا في تدمير 12 ألف منزل ومأوى لمواطنين ونازحين، بشكل كلي أو جزئي، فضلا عن تدمير مساحات واسعة من الأراضي الزراعية التي يعتمد عليها الكثير من السكان المحليين في كسب لقمة عيشهم.
على أن ثمة أخطارا أخرى متمثلة في تزايد المخاوف من تفشي الأوبئة بسبب تلوث مصادر المياه النظيفة، وجرف السيول لشبكات الألغام وبقايا الذخائر غير المنفجرة جراء الحرب لاسيما في محافظة الحديدة نحو الطرق والسهول والوديان، ما يهدد بشكل جدي وكبير حياة آلاف المواطنين.
إننا إذاً إزاء كارثة رهيبة تفوق قدرات الحكومة اليمنية التي استنفرت كل مواردها المتواضعة بهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه، فضلا عن عدم مقدرتها على الوصول إلى العديد من مناطق الكارثة لوجودها خارج مناطق سيطرتها، وتخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية التي اكتفت بمشاهدة آثار الكارثة دون أن تحرك ساكناً.
هذا الأمر يضاعف الحاجة الماسة لتدخل وكالات الاغاثة الاقليمية والدولية وتلك المرتبطة بالأمم المتحدة لتكثيف نطاق تدخلاتها الطارئة وإغاثة أبناء شعبنا المنكوبين، والتفكير بمشاريع ذات أثر ملموس في واقع، وحياة الناس على المدى البعيد.
في وثبة إنسانية شجاعة بادرت العديد من الجمعيات والهيئات لتقديم المساعدة العاجلة للمتضررين من كوارث السيول، لا سيما المرتبطة بدول وحكومات الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي، وهي جهود كبيرة ومضيئة ستظل محل امتنان وعرفان من شعبنا.. لكن يجب أن نقول إن الوضع كارثي وكل يوم تتكشف حجم المأساة أكثر وأكثر وهو ما يستدعي جهدا أكبر من إخواننا وأشقائنا جميعاً.
ويجب أن نعيد التذكير بضرورة أن تتجاوز الحلول مسألة المعونات الاغاثية، إلى حشد كل القدرات والإمكانات لإعادة تأهيل وتطوير بنية تحتية قادرة على مواجهة المواقف الطارئة، مثل بناء وتشييد شبكات تصريف قوية، ومسارات تدفق للمياه تكون قادرة على مواجهة مثل هذه الكوارث.
إنها فرصة لتجديد الدعوة إلى كافة الجهات والهيئات الإقليمية والدولية لتوظيف الدعم الذي تتلقاه من المانحين من أجل مشاريع بنى تحتية مستدامة، إلى جانب الاغاثة الإنسانية، وإعادة تحديث أولوياتها بما يتوافق مع برنامج الحكومة الذي يركز على توجيه التدخلات نحو برامج تنموية ذات أثر مستدام.
حفظ الله وطننا وشعبنا من كل مكروه.
*صحيفة الشرق القطرية

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.