خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
محاكمات ناقصة وعدالة تائهة ..ملف اغتيالات عدن أمام القضاء لم تطل الرؤوس بعد (تقرير خاص)

بعد تغييب ملف اغتيالات عدن عن التحقيق والمحاكمة لـ10 سنوات ، طيلة هذه المدة تراكمت فيها الجرائم، وسال نهر من دماء الضحايا الابرياء، وبلغ حجم الاغتيالات أكثر من 200 حادثة إغتيال بين سياسيين ومقاومين ومسؤولين ابرزهم المحافظ الأسبق لعدن جعفر محمد سعد، وبعد طول انتظار تحركت دعاوى المحاكمات ناقصة، لتكشف عن عدالة تائهة في ظل سلطة أمر واقع تحكم العاصمة المؤقتة لا تريد لهذا الملف أن يُمس، الا أن السؤال الأبرز كيف قبلت السلطة القضائية بشقيها ( النيابة والمحكمة) أن تخوض في محاكمات ناقصة وتنتقي ملفات وحوادث اغتيالات دون غيرها؟


محاكمات ناقصة

من بين كل حوادث الاغتيالات التي شهدتها عدن والضالع منذ 2015 حتى اليوم صدر حكم واحد، في قضية مقتل الشيخ سمحان الراوي، قضى بإعدام ثلاثة متورطين، تحدثوا في محاضر التحقيقات أن من جندهم ودفع لهم وكافأهم هو هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي المقيم في ابو ظبي، حكم المحكمة الابتدائية لم يقترب من بن بريك ما جعل اهالي الضحية يستأنفوا ويطالبوا بمحاكمة المجرمين، ولاتزال القضية غائبة.

في أغسطس 2024م وعلى وقع الاحتجاجات التي شهدتها عدن وأبين على خلفية اختطاف المقدم علي عشال الجعدني واخفاءه وترجيح تصفيته من قبل خلية الاغتيالات، التي تعمل تحت غطاء مكافحة الارهاب في عدن بقيادة يسران المقطري وسامح النورجي، سُمح للنيابة بتحريك ملف الاغتيالات لامتصاص الغضب الشعبي مساند لاهالي ضحايا الاغتيالات الذي تزايد بفعل انكشاف وتعرية المجرمين في قضية (الجعدني) التي اسدلت الستار على مئات حوادث الاغتيالات ومئات الضحايا، ومع تحريك النيابة فقد اختارت خلية اغتيالات المقبوض منهم 3 من أصل 18 في عريضة الاتهام، لقد سمحت النيابة بخروج بعضهم من السجن بضمانات ولم يعودوا حتى اليوم وآخرين يتجولون في الضالع وعدن لم يتم القبض عليهم، وبدت المحاكمات صورية، فيما يطالب الاهالي بمحاكمات عادلة ولجنة تحقيق محايدة تستطيع من خلالها تحقيق العدالة الاقتصاص للدماء التي سالت.


القضية(59)

برزت موخراً القضية رقم (59) في المحكمة الجزائية المتخصصة بعدن، ملف القضية يشهد خبايا جرائم الاغتيالات، من التخطيط ، الى التنفيذ، وقبلها رصد الضحية ومتابعته، وحسرة المجرم على العمليات الفاشلة، والتعبئة التي حصلوا عليها لتشكل الدافع للجريمة، فوصف شخص بانه خطر على قضية الجنوب كان سبب لاستباحة دمه بحسب اعترافات بعض الخلية.

في الجلسة السادسة عشر التي عقدت 29 يناير 2025 وبعد خمسة أشهر من المحاكمات والمماطلة والتأجيل كانت النيابة تعرض اعترافات محمد الدعري، الذي اقرا بتنفيذ عدد من الاغتيالات ومعه أشرف محمد رشيد وشايف علي شايف وكثير من اعضاء الخلية الذين سردهم بالاسم، وفي كل حادثة يقر بها يذكر ابو كاظم سامح النورجي كمراقب للحادثة ومتابع وممول، الفيديو الأخير الذي عرضته النيابة مدته 16 دقيقة كلها اعترافات صادمة لكنها اثارت العديد من الاسئلة عن بقاء هذه الاعترافات مخفية في اداراجها لسنوات، ما يؤكد التقارير الصحفية التي نشرت في اكتوبر 2018م ، وأكدت تورط النورجي بشكل واضح في حوادث الاغتيالات التي شهدتها عدن حينها كان لايزال النورجي يواصل مهمته مع المسؤول الميداني يسران المقطري وكان اخرها اختطاف وتصفية الجعدني في 4 يوليو 2024م، حينها فر خارج البلاد، الا ان الغطاء الذي منح خلايا الاغتيالات الحصانة قرر التضحية ببعضها وأصبحت العدالة قريبة من رؤس العصابة التي تتكأ على مشغليها في حمايتهم، فاليوم سميح وغدا يسران وبعده شلال وبن بريك ولن تظل العدالة تائهة، والدماء دون قصاص، فالنفوس البريئة التي ازهقت يوما ما سيكون المجرم ذليل بما اقترفت يداه، ضعيف دون أن يجد من يحميه من تحقيق العدالة


عقد المجرمين

خيط الإجرام الذي يصل المجرمين ببعض وينفرط كما ينفرط العقد لا ينطبق ذلك في المحاكمات التي تشهدها خلايا اغتيالات عدن والضالع، اذ تنتهي الاعترافات عند ابو كاظم سميح النورجي المسؤول المالي للخلية، والمشرف المباشر على عمليات الاغتيال، هذا ما كشفته مؤخرا وقبل ذلك كان ابو كاظم آمن قبل نشر النيابة الفيديو، وقبل تورطه الاخير في قضية (الجعدني).


إلى هنا يصبح التحقيق واضحا، والجرائم مثبته والمجرم أمام القضاء مع عصابته.
لكن السؤول البديهي الذي ينبغي أن يحضر هنا لايزال غائب، فمن المفترض أن يقود النورجي إلى يسران رفيقه ومسؤوله في تراتبية خلية الاغتيالات كما يقود يسران المعين بمنصب قائد مكافحة الارهاب بعدن، حيث مارس الجريمة بغطاء المنصب ويقود يسران الى شلال.

شهدت عدن جرائم الاغتيالات بين عامي 2015- 2021م وهي الفترة التي كان مدير أمن عدن شلال شائع، وخلال فترة عمله ذكر مرة واحدة ضبط خلية اغتيال المحافظ جعفر ولم يظهر بعدها اين ذهب المجرمون الذين ضبطهم ولم يكشف ماذا أظهرت التحقيقات، شلال شاهد على جرائم اغتيالات لم يحقق في حادثة واحدة ولم يحيل ملف الى النيابة على مدى 5 سنوات، رغم حصول أكثر من حادثة في يوم واحد.

لايزال شلال قائد قوات مكافحة الارهاب معين بقرار جمهوري، محصن بقوة السيطرة على عدن، محمي بغطاء الانتقالي، ويتكأ الى حصن مشغليه، من هنا يمكن فهم كيف تغفل النيابة والحكمة عن عقد المجرمين؟! والى أي مدى سمح للعدالة والقضاء أن يصل في سلسلة المتورطين في سفك دماء الابرياء.

توثيق الجريمة والمجرم حتى يصحو القضاء

جرائم الإغتيالات موثقة، وخيط المجرمين واضح وجلي، ورؤوس عصابات القتل والاغتيالات تجاهر وتتبجح بجريمتها، توثقت الاغتيالات في الذاكرة الجمعية، توثقت في تقارير حقوقية محلية ودولية، توثيق في محاضر رسمية، انكشفت في ايغالها وانغماسها المستمر بدماء الابرياء، ما ينقص فقط تحرك حقيقي للسلطة القضائية لتحقيق العدالة التي وان غيبتها المحاكم اليوم فلن تظل طريقها غدا.


الخاتمة

لايزال الغطاء الذي منح خلايا الاغتيالات الحصانة يقف دون الوصول الى رؤوس الجريمة، ومثلما عجز عن حماية ايادي الجريمة الصغار وقرر التضحية بهم سيكون غدا عاجر اكثر بفعل ملاحقة دم الضحايا وعدالة الله التي لن تغيب، فاليوم سميح وغدا يسران وبعده شلال وبن بريك ولن تظل العدالة تائهة، والدماء دون قصاص، فالنفوس البريئة التي ازهقت دون ذنب، يوما ما سيكون المجرم ذليل بما اقترفت يداه، ضعيف دون أن يجد من يحميه من تحقيق العدالة التي ستطاله.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.