فكرة فك الارتباط الزائفة
رسالة لأخواني الجنوبيين ممن يعيشون في اليمن ويعانون من تفكك الدولة: لا تصدقوا الكلام الزائف بأن الانفصال حق شرعي، وبأنه ليس إلا فك ارتباط يقره القانون الدولي، والذي يروجه المستثمرون للمشروع الانفصالي وداعميهم الأجانب. فهذا الكلام غير صحيح تماما؛ ففي البداية فك الارتباط لا يتم في الدول التي التي اتحدت في وحدة اندماجية كاملة كما حدث في اليمن، وإنما يتم بين الدول التي تدخل في اتحادات كونفدرالية مثل الاتحاد الأوروبي أو الاتحاد السوفيتي السابق؛ ففي هذه الاتحادات يسمح للدول الأعضاء أن تفك ارتباطها وفق القواعد الخاصة بكل اتحاد. وقد فصلت هذا الكلام بدراسة طويلة تجدوها على هذا الرابط: https://almuwadea.blogspot.com/2017/08/httpalmasdaronline.html
وما يؤكد ما أقوله الحقائق التاريخية التالية: لو كان هناك شرعية لفك الارتباط للمحافظات الجنوبية وفق القانون الدولي، لتم تفعيل هذا الحق مع إعلان علي سالم البيض الانفصال عام 94، خاصة وأن الظروف كلها كانت في صالحه. فعمر دولة الوحدة حينها لم يكن يتجاوز 4 سنوات، وكان نظام صالح معزولا، وبدون سند خارجي بعد أزمة الخليج، وكانت كل دول الخليج باستثناء قطر داعمة للانفصال. ومع ذلك رفضت كل دول العالم ومجلس الأمن الاعتراف بالانفصال، وتم التعامل مع الحرب حينها كقضية داخلية وليس نزاع دولي. ولدي دراسة في عام 2001 حول هذا الموضوع تجدوها على هذا الرابط : https://almuwadea.blogspot.com/2014/10/1994-2001.html
إلى جانب ذلك لو كان هناك حق في الانفصال تحت اسم فك الارتباط أو حق تقرير المصير أو غيرها من التسميات، لتم الأمر منذ بداية الحرب قبل عشر سنوات، فمنذ ذلك الحين أصبحت اليمن، وحكومته التي يعترف بها العالم، تحت سيطرة الدول الداعمة للانفصال، والتي لها مصلحة مباشرة في إنهاء الوحدة اليمنية. ولكن لأن الانفصال غير شرعي، ويخالف القانون الدولي لم تتجراء الدول التي تتحكم باليمن إعلان الانفصال أو إجراء استفتاء تقرير مصير أو إعلان حكم ذاتي أو غيرها من الخطوات؛ لأنها تدرك بأن هذه الخطوة تخالف القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الخاصة باليمن.
ولهذا كله لا زالت الجمهورية اليمنية هي الكيان القانوني الشرعي والوحيد. ووفقا للقانون الدولي ستبقى الجمهورية اليمنية دولة واحدة غير قابلة للتقسيم حتى يقرر الشعب اليمني في الشمال والجنوب عبر استفتاء حر تفكيك الدولة بعد تغيير الدستور، كما حدث في السودان، وهذا أمر شبه مستحيل.
قادة الانفصال يعرفون هذه الحقائق لأنهم سمعوها ويسمعوها من كل دول العالم، ومن شركات المحاماة التي وظفوها لهذا الغرض، لكنهم لا يمكن أن يصارحوا الناس بهذه الحقائق، لأنهم ببساطة لا يريدون أن يخسروا المكاسب الضخمة التي جنوها ويجنوها من مشروع الانفصال الزائف، فهذا المشروع كان ولا زال دكان للابتزاز الداخلي والإرتزاق الخارجي، وليس من مصلحة المستفيدين من هذا الدكان إغلاقه.
على الأخوة الجنوبيين، ممن هم غير مستفيدين من مشروع الانفصال، وبالذات ممن هم في اليمن يعانون من تفكك الدولة، أن يدركوا بأن الدولة التي يسعى الانفصاليون لتدميرها هي الدولة الوحيدة والممكنة التي سيعيشون تحت ظلها، وليس هناك من دولة ستقام لا في الجنوب أو الشرق أو الغرب أو الشمال. ولهذا فإن من مصلحتهم الوقوف ضد المشروع الانفصالي لأنه يلغي حقهم في أن يكون لهم دولة.
التعليقات