الوحدة اليمنية التي فهمتها

فرق كبير بين مفهوم الوحدة على الأرض، والوحدة خلف شاشات اللمس التي تقتصر على يوم في العام؛ حيث يضع اليمنيون شعار 22 مايو حول صورهم في نوفذ التواصل الاجتماعي، فنستعرض معا هذه الذكرى كما لو أننا قرأنا ضصفحة من كتاب تاريخي يروي كاتبه شهادته على أحداث تاريخية..

ويبدو أن الوقت الممنوح لهذه الذكرى قد انتهى على أمل اللقاء في العام القادم، وفي المجمل لم يكن سوى احتفاء باهت أديناه من خلف شاشات اللمس، بعد أن استعرضنا صورا وثقت الحدث وأصبحت أرشيفية، وسمعنا بعض المقطوعات المغناة لمجموعة من الفنانين.

لكنه في حقيقته منجز عظيم بلغ الثلاثين، وأصبح واقعا تجسده يوميات المواطن اليمني شمالا وجنوبا لولا أخطاء الساسة، وجنون الحوثي الذي اجتاح بعض المحافظات الجنوبية ونكأ جرحا كاد أن يلتئم، وخلف كل هذا الاحتجاج لدى بعض إخواننا في الجنوب.

أما عن المواطن اليمني من الداخل، فسأختصر لكم المشهد في رحلة قصيرة إلى المكلا، حيث كنت ضيفا لدى جامعة حضرموت، وفي الطريق عرفت  معنى الوحدة اليمنية.

مسافة 14ساعة بين الجبال والسهول والوديان والصحاري والمدن والقرى قطعتها بصحبة عائلتي، لم نشعر فيها بالقلق أو الخوف، كنت أجهل خط السير فإذا سألت أحدهم مدنيا أو أمنيا وقف وبذل جهدا في الشرح والتوضيح، وأشعرني بأني أهم شخص في تلك اللحظة.

كان أفراد النقاط الأمنية أو من يعرفون بقوات النخبة، كلما مرينا، رحبوا بنا ووضعونا على رؤوسهم وتعاملوا معنا بكل تقدير واحترام..

كلما قلنا وكتبنا وغنينا لا يساوي في نظري ونظر أحد أبناء شبوة الذي انتهى وقود سيارته؛ وعلى ظهرها عائلته، فوقف على طريق ممتد على أطرافه سراب بقيعة؛ حيث كان الناس يمرون بسرعة البرق، وكنت واحدا منهم.. لكن ضميري لم يسمح لي بالمضي، فعدت إليه، وأعطيته 10 لتر من وقودي الاحتياطي، فكنت أمامه الدنيا بما فيها. وحتى اللحظة لا أعرف من يكون ولا يعرف من أكون..

أخيرا، لا ذنب للمواطن اليمني مطلقا، وليس هناك من حل لنتجاوز العراقيل سوى مخرجات الحوار الوطني، فهي كفيلة بكل الحلول، وتمثل المخرج الآمن لكل اليمنيين.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية