إعادة التموضع..!!

لم يكن طارق صالح يوماً ما جزءً حقيقاً فاعلاً من المعركة ضد الحوثي، على الرغم من أن كثيرين حاولوا اعتباره كذلك مستغلين لحظة رغبته في الثأر لعمه، لكن الواقع يخبرنا أنه ومنذ اللحظة الاولى التي غادر فيها صنعاء وتلقفته الإمارات ودعمته بملايين الدولارات لتشكيل مليشيا مسلحة لم يثبت يوماً انه جزء من المعركة الوطنية، حتى المناطق التي كانت تحت سيطرة الحوثي وسيطر عليها طارق بشكل أو بآخر لم يكن يمكن اعتبارها مناطق محررة عادت إلى حضن الشرعية.

تمركزت مليشيا الساحل الغربي في مناطق مستقطعة من أطراف تعز الساحل ومناطق تابعة إدارياً لمحافظة الحديدة وفرضت وصايتها على أهالي تلك المديريات بالقوة وحصَلَتْ الجبايات المالية وفرضت شخصيات محسوبة عليها على رؤوس المواطنين هناك ولم يُعلن طارق ولاءه للشرعية، بل لم يستخدم مفردة الشرعية إلا بعد فترة طويلة من فرض تواجده بدعم إماراتي في تلك المناطق.

مجتمعيًا أيضاً لم يستفد أبناء تعز من تواجد طارق هناك، بل على العكس شكل تواجد ميلشياته عائقاً أمام حصول سلطة تعز المحلية على إدارة مديرية المخا وتمتعها بوضعها الطبيعي كجزءٍ تابعٍ لها، بل لم تفتح حتى الطرقات لتسهيل حركة المواطنين بين مناطق الشرعية المحررة في الاطراف الغربية لمدينة تعز وبين المناطق الخاضعة لسلطة مليشيا طارق في الساحل الغربي.

عسكرياً؛ ومن خلال أكثر من مرة يمكن قراءة دور طارق السلبي عند اشتداد المعارك في جبهات أخرى قريبة منه أو بعيدة، فعلى مرمى حجر منه استطاعت قوات الجيش الوطني بتعز تحرير مناطق واسعة باتجاه الساحل الغربي وتحركت بقدرات متواضعة لتحرير الكدحة ووصلت حتى نقطة البرح الواصلة بين الحديدة وتعز ولم يحرك طارق ساكناً.

غير بعيد عن ذلك كله المعارك الدائرة في مأرب، فكلما تنادت القوى الوطنية لهبة جامعة لمواجهة الحوثي تململ طارق و حاول ذر الرماد على العيون حينما أوفد في احدى المرات بعض قادة مليشياته من الصف الثاني والثالث إلى مارب برفقة سيارتين محملتين بالبسكويت والاشياء الرمزية أراد من خلالها إيهام الرأي العام بأنه يدعم الجيش هناك وهو ما كان عُرضة للتندر والسخرية حينها؛ أما القيادة السياسية والعسكرية فقد طلبت منه بكل جدية أن يتحرك لتخفيف الضغط على مأرب بفتح جبهات محاذية له أو دعم مأرب دعماً حقيقياً بالسلاح والعتاد وهو ما ينقصها و ليس دعماً مشروطاً بتسليم مناطق له ولقواته.

كان التحجج باتفاق ستوكهولم هو النغمة الدائمة التي أصابت اليمنيين بالقرف من كثر تكرارها لتبرير خموله في الساحل الغربي على الرغم مع العتاد المهول الذي يملكه ولكنه في كل مرة كان يكرر هذه الاسطوانة المشروخة كان يأتيه الرد نفسه؛ بأن اتفاق استوكهولم لا يحصر تحركاته في مئات الكيلومترات بعيداً عن ميناء الحديدة المشمول في الاتفاق، ثم إنك لم توقع على اتفاق ستوكهولم ولم تنتدب أحداً للتوقيع عنك، وترفض اعتبار قواتك ضمن قوات الجيش الوطني تأتمر بقياداته لتكون مُلزمة بهذا الاتفاق.

أخيراً، من الإنصاف القول أيضاً أن قرار طارق ليس بيده، فالقوات هناك مجرد شركة أمنية إماراتية وظيفة طارق فيها أقل حتى من مجرد مدير تنفيذي وبالتالي ليس من الحكمة التعويل عليه أو مناشدته أو حتى ما يروجه البعض من أنهم مصدومون من انسحاباته الأخيرة من أكثر من مائة كيلو تسلمها الحوثي دون أن يُطلق رصاصةً واحدة، فيما أسمته جوقة الساحل الغربي من الصحفيين بـ"إعادة التموضع".
*المصدر اونلاين

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية