العليمي في ذكرى الوحدة: لا انتصار على الحوثي دون توحيد الخطاب والالتفاف حول الدولة
في خطاب وصف بأنه يحمل رسائل استراتيجية متعددة، دعا الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، كافة القوى الوطنية اليمنية إلى جعل ذكرى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، محطةً للعودة إلى الثوابت، وتجديد العهد الوطني، وتوحيد الخطاب الإعلامي لمكونات الشرعية، في مواجهة المشروع الحوثي الإيراني، الذي وصفه بـ"التهديد المشترك للجميع دون استثناء".
العليمي، وفي خطابه بمناسبة الذكرى الـ35 للوحدة اليمنية، شدد على أن الوحدة التي ينشدها اليمنيون اليوم لم تعد مجرد شعار سياسي، بل مشروع وطني جامع لدولة مدنية عادلة، تقوم على الحكم الرشيد، واستقلال السلطات، وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، مضيفاً أن "الوحدة الوطنية تقف اليوم نقيضاً للإمامة وثقافة الكراهية والموت والعنصرية".
وفي تعبير سياسي واضح عن إدراك تعقيدات المرحلة، أشار العلمي إلى أن الاحتفاء بهذه المناسبة لا يعني التغاضي عن الأخطاء، بل يمثل "اعترافاً بها، والتزاماً بتصحيح المسار"، في رسالة تؤكد سعي القيادة نحو بناء دولة حديثة تستوعب التنوع وتحقق الشراكة والعدالة.
ولم يغب البُعد الجنوبي عن الخطاب، حيث أكد العليمي أن القضية الجنوبية تمثل جوهر أي تسوية سياسية عادلة، وأن حلّها "لن يتم عبر تسويات شكلية، بل من خلال إنصاف كامل وضمانات حقيقية تمكّن الجنوبيين من تقرير مستقبلهم في إطار شراكة سياسية واقتصادية عادلة".
وفي مواجهة المشروع الحوثي المدعوم من إيران، قال العليمي إن بناء اليمن الحديث مرهون بتحقيق ثلاثة شروط: حماية النظام الجمهوري، وترسيخ التعددية السياسية، وبناء وحدة متكافئة تقوم على العدالة والمواطنة المتساوية. مؤكدًا أن هذه الشروط تمثل خلاصة التجربة اليمنية ومعاناة الشعب، وضمانة لمستقبل الدولة.
واستعرض العليمي الخطوات التي اتخذها مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتصحيح المسار، بما في ذلك تعزيز استقلال السلطات، وتوسيع اللامركزية، ومعالجة آثار حرب 1994، موضحاً أن هذه ليست مجرد وعود، بل "إجراءات ملموسة وخيارات مفتوحة تُدار بحكمة ومسؤولية".
ورغم التحديات الاقتصادية وهجمات الحوثيين على المنشآت النفطية والموانئ، أكد العليمي أن الدولة لم تتخلّ عن مسؤولياتها، بل استمرت في دعم الاحتجاجات السلمية، والنظر إلى المطالب الشعبية كحوافز للتصحيح، مشيداً في هذا السياق بدور النساء في عدن وغيرها من المحافظات.
وأشار العليمي إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد انفراجة في بعض الاستحقاقات الخدمية والاقتصادية، بدعم من الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، داعياً الحكومة والسلطات المحلية إلى اتخاذ إجراءات حازمة لردع الخارجين عن القانون، وتحقيق العدالة للمتضررين.
واختتم رئيس مجلس القيادة الرئاسي خطابه بالتأكيد على أن الدولة وحدها، لا المليشيا، هي الضامن الحقيقي للحقوق والحريات، والدعامة الأساسية لأي تسوية سياسية مستدامة تحفظ لليمنيين كرامتهم، وهويتهم الوطنية، وتضمن لهم حق تقرير مستقبلهم.
نص الخطاب:
نص الخطاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم في الداخل والخارج،،
يا أبطال قواتنا المسلحة والامن البواسل في ميادين العزة والكرامة،،
أيتها المواطنات الصامدات في دروب التضحية والعطاء،،
أحييكم جميعا بتحية الجمهورية، والحرية في الذكرى الخامسة والثلاثين لليوم الوطني الثاني والعشرين من مايو، الذي جاء تتويجاً لمسيرة نضالية عظيمة، امتدت من وهج سبتمبر المجيد، إلى شعلة أكتوبر الخالدة، حتى لحظة الميلاد العظيم للجمهورية اليمنية.
لقد كانت الروح الجنوبية سبّاقة إلى الحلم الوحدوي، نشأةً وفكرًا، وكفاحًا، فكان النشيد جنوبياً، والراية جنوبية، والمبادرة جنوبيّة بامتياز، في مشهد تاريخي يعكس صدق النوايا، ونبل المقاصد.
ونحن، إذ نتذكر هذا السبق، فإننا نتفهم اليوم تمامًا متغيرات المزاج الشعبي تحت ضغط مظالم الماضي، والإقصاء، والتهميش، والمركزية المفرطة.
ومع ذلك، يثبت الجنوب، أنه لم ولن يكن يوماً طرفاً عارضاً في المعادلة الوطنية، بل كان وما يزال منارةً للتنوير، ومهداً للدولة المدنية، ودرعها الصلب، ومستقرًّا للملايين من أهلنا النازحين من جحيم الكهنوت الحوثي، الذين وجدوا في عدن، وغيرها من المحافظات الجنوبية، ملاذهم الآمن، وفرص العيش الكريم.
وكما كانت عدن عاصمة لقوى التحرر من الاستعمار والامامة القديمة، ها هي اليوم ترسخ موقعها كقاعدة انطلاق لدحر مشروع الامامة الجديدة، وداعميها، والذود عن النظام الجمهوري، وأهدافه الخالدة.
أيها الاخوة المواطنون والمواطنات،،
ان الاحتفاء بهذا اليوم المجيد هو وفاء لكل من ضحّى من أجل مشروع دولة قوية، كما انه اعتراف متجدد بالأخطاء، والتزام قاطع بتصحيح المسار.
ولهذا نؤكد من جديد أن القضية الجنوبية تمثل جوهر أي تسوية سياسية عادلة، وأن معالجتها لن تتحقق من خلال تسويات شكلية، بل بالإنصاف الكامل، والضمانات الكافية التي تُمكن أبناء الجنوب من صياغة مستقبلهم، وتقرير مركزهم السياسي والاقتصادي، والثقافي، بما يعزز مبدأ الشراكة في السلطة والثروة، وفقا للمرجعيات الوطنية، والإقليمية، والدولية.
لقد أثبتت التجارب المريرة لاسيما عقب انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، أن بناء اليمن الحديث لا يمكن أن يتم إلا بتحقيق ثلاثة شروط رئيسية: حماية النظام الجمهوري، وترسيخ التعددية، وبناء وحدة متكافئة تقوم على العدل والمساواة، لا على الهيمنة، والإقصاء.
ان هذه الأركان الثلاثة تمثل خلاصة التاريخ النضالي لشعبنا العظيم، كما انها تمثل ضمانة الحاضر، والمستقبل لبناء دولة العدالة، والمواطنة المتساوية.. الدولة التي تكفل لمواطنيها تكافؤ الفرص وتمنحهم الحق في تقرير مستقبلهم، وتصون هويتهم الوطنية و القومية.. الدولة التي تؤمن بمبادئ حسن الجوار، وتحترم المواثيق والمعاهدات، وقواعد الشرعية الدولية، كعضو فاعل في حاضنتها الخليجية، والعربية.
أيها المواطنون ايتها المواطنات في كل مكان،،
إن الوحدة الوطنية التي ننشدها اليوم ليست شعارًا، بل ممارسة واقعية، تتجسد في مؤسسات عادلة، وسلطات مستقلة، ودولة مدنية تُدار بالحكم الرشيد، وتكافؤ الفرص. إنها وحدة تقف نقيضاً لمشاريع الإمامة الكهنوتية، وثقافة الموت، والكراهية، والعنصرية.
وقد شرعنا بالفعل في خطوات جادة لتصحيح المسار، بدءًا بتعزيز استقلال السلطات، وتفعيل اجهزة انفاذ القانون، ومعالجة بعض آثار حرب صيف 1994، وتوسيع اللامركزية المالية والادارية، وفقاً للدستور، ومرجعيات المرحلة الانتقالية.
ونحن اليوم لا نطرح وعوداً، بل نتحدث عن إجراءات ملموسة، وخيارات مفتوحة، نحرص على ادارتها بحكمة ومسؤولية، بعيداً عن ردود الفعل، وبما يحفظ وحدة الصف الوطني، ويعيد الاعتبار للدولة كضامن حقيقي للحقوق، والحريات العامة.
أيها الشعب العظيم،،
بينما نُحيي هذه الذكرى، وسط معاناتكم المؤلمة، نؤكد لكم العهد الا نغفل لحظة واحدة عن معركتكم المصيرية في استئصال جذر المشكلة المتمثل بالمشروع الحوثي الامامي، كتهديد وجودي لنظامنا الجمهوري، وأمن بلدنا، ونسيجه الاجتماعي، وهويته العربية، والثقافية، ومصالحه الإقليمية، والدولية.
إن هذه الجماعة الارهابية، التي تزايد باسم الوحدة، والسيادة، هي من تغلق الطرقات، وتحاصر المدن، وتستنزف العملة الوطنية، وتُعيد إنتاج التمييز، والفوارق بين الطبقات، وفرض واقع الانفصال بالقوة، والنهب والجبايات، وتذهب بمزيد من مغامراتها الطائشة الى استدعاء التدخلات الخارجية، وتصدير الفوضى خدمة لأجندة إيران ومشروعها التوسعي.
يا أبناء شعبنا الأبي،،
لقد عملت مع إخواني في مجلس القيادة الرئاسي خلال السنوات الماضية، على استلهام روح الوحدة الوطنية وتحويلها إلى واقع عملي، من خلال تعزيز التوافق، ودعم الشراكة، وتمكين الحكم المحلي، والتشديد على مركزية القضية الجنوبية.
ورغم التحديات الهائلة، وأزمة الموارد، التي فاقمتها هجمات المليشيات الحوثية الإرهابية على موانئ تصدير النفط، وسفن الشحن البحري، لم نتخل يوماً عن مسؤولياتنا، ولم نقمع احتجاجاً سلمياً، بل نظرنا إلى أصواتكم - وفي مقدمتها تظاهرات النساء الملهمات في عدن وغيرها من المحافظات- كحافز صادق لتسريع وتيرة العمل، وتخفيف المعاناة بالشراكة مع اشقائنا في تحالف دعم الشرعية، وشركائنا الدوليين.
وهنا نُجدد التزامنا بمواصلة الإصلاحات في مجالات الكهرباء، والطاقة، والخدمات الأساسية، استكمالًا لما أُنجز خلال السنوات الاخيرة، بدعم كريم من أشقائنا في المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذين لم يترددوا يومًا في مساندة بلدنا، ودعم استقراره، والوقوف إلى جانب قيادته السياسية، وشعبه الصابر.
وسنحرص في هذا السياق مع رئيس الوزراء، والحكومة على تحديد أولويات المرحلة، بالتركيز على الاستحقاقات الاقتصادية، والخدمية، التي ستشهد خلال الأيام المقبلة انفراجة بعون الله تعالى.
كما نوجه الحكومة، والسلطات المحلية باتخاذ كافة الإجراءات لردع الخارجين على النظام والقانون، وتعزيز دور الأجهزة المعنية في إقامة العدل، والانصاف العاجل للمظلومين.
وهنا يجدر التذكير بالتحسن المستمر في أداء السلطة القضائية خلال الفترة الماضية، حيث تم توقيع أكثر من 150 حكم قضائي بات في قضايا جنائية جسيمة، بعد نحو عشر سنوات من التوقف عن إمضاء هذا النوع من العقوبات الرادعة.
يأتي ذلك جنبا الى جنب مع تعزيز جاهزية قواتنا المسلحة والأمن، وكافة التشكيلات العسكرية، لخوض معركة الخلاص، في حال استمرت المليشيات الحوثية الإرهابية برفض الاستجابة للإرادة الشعبية، وقرارات الشرعية الدولية ومساعي حقن الدماء، وانهاء المعاناة.
ايتها الاخوات المواطنات، أيها الاخوة المواطنون،،
هذه هي الوحدة الوطنية التي نؤمن بها اليوم:
وحدة من أجل الدولة لا المليشيا،
وحدة من أجل الجمهورية لا الإمامة،
وحدة من أجل المواطنة والشراكة والتنوع لا الهيمنة، والإقصاء.
فلنجعل من هذه الذكرى محطة للمبادرات الخلاقة، وتجديد العهد، وتوحيد الخطاب الإعلامي لكافة مكونات الشرعية، والارتقاء إلى مستوى التهديد المحدق بالجميع دون استثناء.
الرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار،
الشفاء العاجل لجرحانا الأبطال،
الحرية للمعتقلين والمختطفين،
عاشت الجمهورية اليمنية، دولة مدنية، عادلة، ومتجددة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التعليقات