أصدرَت دورة المتوسّط للدراسات الاستراتيجية—وهي مؤسسة بحثية فرنسية—تقريرها السنوي في نسخته الخامسة والثلاثين تحت عنوان: "البحر الأحمر في تقاطع إعادة التشكّل الجيوسياسي والاستراتيجيات العامة"، والذي تناول واقع الأمن الإقليمي والمخاطر المهدِّدة للملاحة الدولية حتى عام 2030. التقرير، الذي تجاوز 120 صفحة، قدّم رؤى تحليلية متعددة، إلا أنّ أبرز ما أثار الجدل كان التنبؤات “غير الواقعية” للمجموعة البحثية الثالثة، بحسب عرض الباحث اليمني مصطفى ناجي.

محور سعودي–إسرائيلي وصعود تكنولوجي مشترك

تتحدث التنبؤات المثيرة عن تشكّل محور ثنائي يجمع السعودية وإسرائيل، تكون فيه الرياض القوة السياسية ذات الثقل الاستراتيجي، بينما توفر إسرائيل التفوق العسكري والتكنولوجي. ويستند التقرير إلى سيناريو وصول بيني غانتس إلى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، بما يؤدي إلى تجاوز الانقسامات الداخلية وتسريع الابتكار بدعم مالي سعودي.

سيناريو “انهيار مصر” وصدام محتمل في سيناء

أكثر ما أثار الجدل هو توقع التقرير تدهور موقع مصر الاستراتيجي وانهيار قدراتها العسكرية والاقتصادية، بطريقة وصفها محللون بأنها “غير واقعية وغير مسندة”. وفي سيناريو تصعيدي، يفترض التقرير لجوء إسرائيل إلى عمل عسكري يؤدي إلى السيطرة على سيناء والتحكم بقناة السويس بحجة “تأمين الملاحة الدولية”.

ثغرات بحثية وانتقادات واسعة

وبحسب العرض النقدي للباحث مصطفى ناجي، تجاهل التقرير عناصر محورية في معادلة البحر الأحمر، أبرزها:

• النفوذ الإيراني ودور الوكلاء المسلحين في زعزعة الأمن البحري، رغم أن المنطقة ما تزال تعيش تبعات “حرب 12 يوماً”.

• الصراع الإثيوبي–الإريتري، الذي يُعد أحد أخطر مصادر التوتر الجيوسياسي على خطوط البحر الأحمر.

• الدور الإماراتي، رغم أن التقرير نفسه سبق وأن تناول نفوذ أبوظبي في فصول سابقة.

ويرى منتقدو التقرير أن تنبؤاته اتجهت نحو “الخيال السياسي” أكثر من اعتمادها على معطيات واقعية، ما يجعلها أقرب إلى الرغبات الجيوسياسية لا السيناريوهات الاستراتيجية المبنية على منهجية بحثية.