ماذا تستفيد "أذرع" أبوظبي باليمن من معاهدة التطبيع؟
بدا ملفتا، إعلان ما يسمى "المجلس الانتقالي" المدعوم من أبوظبي، ونجل شقيق صالح، قائد ما يعرف "حراس الجمهورية"، طارق صالح، تأييدهم لاتفاق التطبيع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يثير تساؤلات عن مدى الفوائد التي سيجنيها حلفاء أبوظبي من الهرولة وراء التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي.
"ستخسر أنصارها"
وفي هذا السياق، أكد القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، عادل الشجاع أن اليمن خلال الخمسين سنة الماضية، تسابق فيها اليمين واليسار على ضخ البعد القومي والأممي واستحضار الأمة الإسلامية.
وقال في حديث خاص لـ"عربي21"؛ إن هذه الأفكار جعلت القضية الفلسطينية حاضرة في الوعي الرسمي والشعبي، ولم تتفق السلطة مع المعارضة في اليمن إلا بملف القضية الفلسطينية، حيث كان يختلفان في كل الملفات حتى الملف الوطني عدا القضية الفلسطينية الوحيدة التي كانت تجمعهم.
وأوضح الشجاع أن الأصوات التي تدور في فلك الإمارات، ستجد نفسها مثقلة بتحمل تبعات إقدامها على خطوة تصفية القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أنه سينعكس سلبا على هذه الجماعات التي ستجعل منها الإمارات أبواقا للدفاع عن خطيئتها.
وبحسب القيادي بحزب المؤتمر "فإنه من هنا ستخسر الشارع حتى من أنصارها، لأن القضية الفلسطينية كما قلت قضية حاضرة في ثقافة اليمنيين بشكل عام وهي تسبق القضية الوطنية في كثير من الأحيان".
وتابع: "قد تعتقد الإمارات وأذرعها في اليمن أن الاقتراب من إسرائيل يوفر لهم حصانة أو قوة في التعاطي مع القوى الأخرى"، مشيرا إلى أن "هذه قراءة خاطئة، قد تكون صالحة في أي بلد إلا اليمن".
وذكر استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء، أن اتفاق الإمارات مع إسرائيل جعل الكثير من الأطراف التابعة لها في حرج، لافتا إلى أن هناك بعض الأصوات غير المسيسة تغامر بالترحيب بهذا الاتفاق اعتقادا منها أنه يضيف إليها قوة لأنها تتعامل مع إسرائيل، وكأنها مفتاح الوصول إلى السلطة".
وشدد الأكاديمي اليمني على أن اليمن سيكون مختلفا وستكسب القوى المناوئة لإسرائيل، وسيكون للجماعات الدينية الحضور الأكبر بحكم استهدافها من قبل حلفاء الإمارات المتحالفة مع إسرائيل.
"خدمة الصهيونية"
ورأى رئيس تجمع القوى المدنية جنوب اليمن، عبدالكريم سالم السعدي، أن تأثير توجهات دول التحالف (الإمارات والسعودية ) ظهرت منذ الوهلة الأولى لتدخلهما في اليمن، مضيفا أن ما حدث ليس جديدا في اعتقادي؛ سوى أنه أخرج تطبيع العلاقات الإماراتية الصهيونية من تحت الطاولة إلى فوق الطاولة.
وقال السعدي في حديث خاص لـ"عربي21": الإمارات حاولت عبر اتفاق الرياض المشبوه انتزاع غطاء شرعي لأداتها في اليمن المتمثلة بـ"المجلس الانتقالي"، الذي أفضى إلى منح هذا المجلس المتصهين ـ حسب وصفه ـ حق الالتحاق بالخارطة السياسية اليمنية، كمكون يحمل مشاريع دولة الإمارات ويحمي مصالحها.
وتابع: تسعى أبوظبي، إلى تنفيذ الشق الذي كلفها بتنفيذه الطرف الدولي الذي يتخذ منها أداة في المنطقة، بمباركة سعودية إلى تصحيح تركة "سايكس بيكو" ورسم الشرق الأوسط الجديد والكبير.
وأشار إلى أن السلطات الإماراتية تسعى من خلال خدماتها للمشروع الصهيوني ضمان أمنها، والاستمرار في مواجهة تجربة "الربيع العربي" خطرا حقيقيا، بعدما صنعت منه فوبيا يجعلها مستعدة للتعاطي مع الشيطان الرجيم، وفق تعبيره
وأوضح رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، أن هناك خيارين تسعى أبوظبي لتحقيقه واستغلال علاقاتها مع الكيان الإسرائيلي الأول، يكمن في "يمن اتحادي" يخضع الجنوب فيه، جناح حزب المؤتمر التابع لنجل صالح، أحمد علي.
وفي حال فشل هذا السيناريو، فسوف تسعى "لفصل الجنوب عن الشمال"، ولكن بتعابيرها الخاصة؛ بحيث يمثل الجنوب" إمارة إماراتية جديدة لن يسمح لها بممارسة الاستقلالية في القرار ولا في رسم السياسات الاقتصادية بالذات".
وأكد أن ما يسمى "المجلس الانتقالي"، أداة لا أكثر ولا أقل وهو تابع لصانعة في التعبير عن القناعات والمواقف.
وبحسب السياسي اليمني، فإن أدوات الإمارات في الشمال والجنوب، أعلنوا تأييدهم للتطبيع مع الكيان الصهيوني، معتبرا أن هذه مواقف تأتي استجابة لتوجيهات الطرف الإقليمي المحرك لها.
وقوبلت مواقف الأدوات الإماراتية، وفقا للسعدي بـ"السخرية من قبل القوى الوطنية والنشطاء السياسيين ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وهي "مرفوضة من قبل الشعب جملة وتفصيلا".
"يخدم القضية اليمنية"
من جانبه، قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أنور الخضري؛ إن ما تم الإعلان عنه مؤخرا من تطبيع العلاقات بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي ليس بجديد على المتابعين.
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن انقلاب مصر الذي دبرته الإمارات مع السعودية ومولته، "لم يكن إلا إرادة إسرائيلية وتنفيذا عربيا".
واستدل بتصريح للرئيس التونسي السابق، المنصف المرزوقي قال فيه؛ إن "الإمارات أداة في يد إسرائيل لإجهاض الثورات وإدارة الثورات المضادة".
وبحسب الخضري، فإن الإمارات دولة صغيرة وطرف ولا تتمتع بأي موقع استراتيجي أو قوة اقتصادية أو عسكرية، ولا تمتلك أي أهمية حيوية، معتبرا أن ما قامت به لا يمثل وزنها حقيقة، لولا أن ما تفعله هو بضوء من الولايات المتحدة وإسرائيل وتعاونهم معها".
وأردف قائلا: "إذن التطبيع سابق وقديم".
وأكد السياسي اليمني أن دخول الإمارات لليمن هو جزء من مؤامرة صهيونية ضد اليمن بدأت بدعم انقلاب صنعاء ثم انقلاب عدن، مشيرا إلى أن الانقلابين برعاية إقليمية إسرائيلية كما هو انقلاب مصر. وفق قوله
لكن الخضري أوضح أن هذا الانكشاف الإماراتي مع الاحتلال الإسرائيلي، "سيخدم القضية اليمنية وسيظهر للرأي العام اليمني أن أبوظبي "ليست حليفا عربيا بل عدو عبري".
وزاد على ذلك بالقول: "بل محتل ومعادٍ".
وذكر أن "الإمارات تعمل وفق أجندة إسرائيل منذ البداية، ووفق أجندات بريطانيا والولايات المتحدة ضمن اللجنة الرباعية".
وهاجم رئيس مركز الجزيرة العربية، هاني بن بريك، الذي أعلن تأييده للتطبيع مع الكيان الصهيوني وقال: "ذاك الرجل قد باع نفسه للشيطان"، مؤكدا أن تصريحه يهدف لعدة أمور أولها "التقرب لابن زايد أكثر واسترضاؤه وتدعيم مواقفه".
أما الآخر فهو "إظهار أن حلفاء الإمارات سيكونون أوفياء لإسرائيل وسوف يطبعون معها إذا مكنوا".
واختتم قائلا: "من كان لايزال يحسن الظن بحكام الإمارات إلى وقت قريب، فاليوم سيكون من واجبه تحديد موقفه؛ فما عادت المسألة إصلاحا وإخوانا، بل تجاوزت الأمر لخدمة الاحتلال الصهيوني ودولته إسرائيل".
التعليقات