لماذا تصمت الحكومة اليمنية عن التمدد الإماراتي في جزرها؟
كشف تحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجرته وكالة أسوشيتد برس مؤخرًا، عن مدرج طائرات بطول يقارب 2000 متر في جزيرة زقر اليمنية.
المشروع الجديد يُضاف إلى منظومة قواعد ومدارج إماراتية في ميون وذوباب والمخا وعبدالكوري، وصولًا إلى القرن الإفريقي، ضمن خطة تموضع عسكري عابر للحدود، بما يفتح باب التساؤل حول أبعاد السيطرة على مفاتيح الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن من قبل الإمارات، التي تعمل وكيلاً أمنيًا وعسكريًا لعدد من الدول، منها أمريكا وبريطانيا وإسرائيل.
وتحوّل الدور الإماراتي إلى نقطة هيمنة دائمة على المدى الطويل في المنطقة، قد يترتب عليها ترسيخ وجود عسكري يُمكّن أبو ظبي من التحكم بالممرات البحرية بعد الحرب، وذلك من خلال إسناد حلفائها في الجغرافيا اليمنية كالمجلس الانتقالي وطارق صالح، كقوى محلية تمكّنها من العمل داخل الجغرافيا اليمنية.
- استغلال الجزر اليمنية
يقول المحلل العسكري الدكتور علي الذهب، إن جزيرة زقر هي إحدى الجزر اليمنية التي يبلغ عددها أكثر من 186 جزيرة، وربما أكثر من ذلك، ويمتد أغلبها في البحر الأحمر، ونحو 30 أو 33 جزيرة في بحر العرب وخليج عدن.
وأضاف: تمثل هذه الجزر إحدى دعامات الأمن البحري، بمعنى أنها في العمليات العسكرية الخشنة يمكن أن تُتخذ فيها قواعد عسكرية في إطار السيادة اليمنية، بمعنى أن الحكومة اليمنية هي التي لها الحق الأول والحصري والوحيد في إنشاء قواعد عسكرية لحماية أمنها القومي، ومراعاة الأمن الإقليمي والعالمي، وبما لا يهدد بطبيعة الحال دول الجوار.
وتابع: الحكومة اليمنية لا تُساءل في إنشاء أي قاعدة تكون بمحض إرادتها ودون تدخل أي دولة أخرى، كذلك يمكن توظيف هذه الجزر في عمليات أمنية لمكافحة القرصنة وتهريب الأسلحة والاتجار غير المشروع، فضلًا عن تهريب المخدرات والمهاجرين وغير ذلك.
وأردف: أيضًا يمكن إنشاء الفنارات أو الإرشادات البحرية التي تخدم السفن، وهذا فيما يخص الأمن البحري، لكن الآن يبدو أن هناك استغلالًا آخر لهذه الجزر لإنشاء قواعد عسكرية من شأنها تأجيج الأزمات الإقليمية الراهنة في المنطقة.
وزاد: خصوصًا في منطقة البحر الأحمر، التي تشهد توترات أو تنبئ بتوترات أخرى ليس في اليمن فحسب أو في السودان أو الصومال، كما هو الحال، ولكن هناك توترات إقليمية بين دول مشاطئة وأخرى تحاول البحث عن موطئ قدم أو موانئ كإثيوبيا، بقصد إرسال رسائل تهديدية لدول تتخذ مواقف متشنجة في إحدى قضايا الأمن القومي، وهو الأمن المائي.
ولفت إلى أن الإمارات العربية المتحدة أبرمت اتفاقًا مع الحكومة اليمنية، وقّعه وزير الدفاع في 2022، ووقّع عن الجانب الآخر وزير العدل، وسُمي الاتفاق باتفاق التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب.
وقال: هذه الاتفاقية لم تمر على مجلس النواب ليقرّها، لأن أي اتفاقية دولية وخصوصًا العسكرية يجب أن تخضع للدراسة والنقاش عبر اللجان المختصة في مجلس النواب ثم تُقرّ بعد ذلك.
وأضاف: المسألة لا تخضع للنوايا، فهذه أرض يمنية، ونحن لا نُخوِّن أحدًا، على اعتبار أن جزيرة زقر تحت سلطة المقاومة الوطنية ويقود القوات فيها طارق صالح، وهو عضو مجلس القيادة الرئاسي، إذًا فالمسألة يتحملها عضو مجلس القيادة الرئاسي بصفته قائدًا لهذه القوات.
وتابع: في الوقت نفسه، البرلمان الذي يختلق الذرائع من أجل نزع المسؤولية عن عاتقه، مُساءل تاريخيًا ووطنياً وأخلاقيًا أمام الخروقات للسيادة اليمنية التي تتعرض لها من وقت لآخر.
وأردف: العلاقة بين الأطراف لا تقوم على حسن النوايا، فهذه ليست أراضي مشاعة بين شخصين يتبادلان فيها الأخذ والعطاء، إنما هي أراضٍ تابعة للجمهورية اليمنية محكومة بالدستور والقانون، وأي علاقة مع أطراف دولية تقوم على المساواة والتكافؤ ومبدأ احترام الآخر، لكن ما يحدث الآن هو فرض قوة، من قوة قوية إلى حكومة ضعيفة، في إطار التدخل أو ما يُعرف بالتحالف العربي.
- الإمارات كوكيل
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة الدكتور فيصل الحذيفي: أود التنويه إلى أن الإمارات أعلنت تقريبًا في عام 2018 أو 2019 الانسحاب العسكري من اليمن، وهو إعلان له ما وراءه من المغالطات.
وأضاف: مع وجود أي سلطة شرعية تستطيع أن تدافع عن سيادة اليمن، لا تستطيع الإمارات ولا غيرها أن تصمد أمام هذه الانتهاكات.
وتابع: الإمارات عندما أعلنت الانسحاب، كانت قد أعدت وكلاء لها على الأرض، وبالتالي هي تشتغل باسمهم وعن طريقهم في مثل هذه الاستحداثات العسكرية أو في المياه البحرية اليمنية والجزر اليمنية.
وأردف: من المهم الإشارة، مقابل هذا الإعلان بالانسحاب، إلى أن تصرف أي دولة خارج حدودها في مثل هذه الانتهاكات يتم غالبًا عبر دول عظمى لها أطماع وصراعات دولية، وتوازنات، ولا تريد أن تورط نفسها بشكل مباشر بخرق القانون الدولي، لذا تُوكل المهام لدول أصغر.
وزاد: الإمارات لا تُصنّف كدولة عظمى، ولكن الدول العظمى ذات المطامع في اليمن لا تريد التورط بانتهاك القانون الدولي، فتعطي الضوء الأخضر للإمارات لتقوم بالدور كوكيل.
وقال: اليوم، كل المصالح التي تجنيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض الدول الغربية مثل فرنسا وغيرها، تتم عبر الإمارات، وهذا ليس عشوائيًا، بل تحرك مخطط له.
وأضاف: الإمارات نفسها لا تستطيع كدولة محدودة القوة، وحضورها التاريخي قصير، أن تتصرف كما تفعل دول استعمارية كبرى، مثل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها، لذا هي تعمل كوكيل.
وتابع: هناك ثلاث نوافذ لفهم التصرفات الإماراتية في الجزر والمياه الإقليمية اليمنية: السلطات الشرعية الهشة، التدخل السعودي والإماراتي، دعم قوى محلية غير شرعية، وكل ذلك يُعد خرقًا للقانون الدولي وانتهاكًا للسيادة اليمنية.
- "إعادة بناء اليمن"
يقول عضو مجلس النواب الشيخ جعبل طعيمان: المسألة يمكن أن تدخل في نطاق إعادة بناء اليمن من قبل الأشقاء، لأن الأرض يمنية، وأي منجزات أو مشاريع فيها، سواء مطارات أو غيرها، فهي تعود لصالح اليمن.
وأضاف: هذه الجزر مناطق نائية، وممكن أن تكون مدرجات مدنية مستقبلًا، أو حتى عسكرية في صالح اليمن لحماية البحر.
وتابع: هذه الدولة الأخرى تأتي بالمشاريع فقط في إطار إعادة بناء اليمن، ومهما كانت الأعمال الآنية، إلا أن الأرض يمنية، والإنسان يمني، ولا يمكن لأحد أن ينازع اليمنيين في حدودهم، ولا يمكن التنازل عن الحقوق.
وأردف: نحن في مجلس النواب تساءلنا كثيرًا ووجّهنا أسئلة، لكن البرلمان مشتّت الآن، وهناك أطراف لا تريد له أن ينعقد.
وزاد: أي اتفاقيات دولية لم يُوافق عليها مجلس النواب تُعتبر باطلة في الأصل، فالدستور اليمني يُلزم بعرضها على البرلمان، ونحن لا نعترف بها، إلا من باب التعاون مع الأشقاء لإعادة بناء اليمن أو بنيته التحتية.
وقال: في هذا الظرف، يريدون إعادة الإعمار في الجزر بسبب القرصنة التي حدثت في البحر الأحمر، ويريدون حماية الممرات المائية.
وأضاف: ما دام التدخل العربي موجودًا في اليمن، فهم يقيمون هذه المدرجات للحاجة، وهي في النهاية تعود لمصلحة اليمن.
وتابع: البرلمان هو السلطة التشريعية الباقية، لكن مجلس القيادة الرئاسي لا يريد للبرلمان أن يجتمع، ونحن كأعضاء جميعنا نطالب بانعقاده، لكن المسألة مترابطة.
اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"
التعليقات