شباب الاصلاح في مواجهة استفهامات اليدومي وعسل الانسي!
يكتب الأستاذ اليدومي منشورا على حسابه في الفيس بوك، او تغريدة في تويتر قد لا تتضمن أحيانا سوى علامات استفهام أو مقولة مأثورة، لكن سيلا من التعليقات والتفاعلات تتبعها وتنقضي الليلة كلها سمرة مع المنشور أو التغريدة في منصات مواقع التواصل.
من الطبيعي أن يثار الاهتمام ويحصل التفاعل - رفضا أو قبولا - تجاه ما يصدر عن رئيس أكبر وأهم حزب سياسي في البلاد، لكن أن يصبح الامر تقليدا لحفلة رباح مع كل منشور فهو أمر غريب.
اللافت أن كما معتبرا من تلك التفاعلات والمنشورات يكتبها شباب من أعضاء الاصلاح في سياق النقد والسخرية من رئيس حزبهم!
ليس بالضرورة أن يكون كل ما يقوله الشخص - أي شخص- كلام خطير ومهم في كل الاوقات، بل ليس من الضرورة أن نتحدث في كل الاوقات ونعلق على كل حادثة ونشترك في كل زفة، وقادة الدولة والاحزاب هم أشخاص كغيرهم وإن ارتفعت مسميات مناصبهم.
قبل أشهر، انتشرت صورة التقطت في شقة الاستاذ عبدالوهاب الانسي بالرياض تجمعه بالسفير الصيني الذي زاره اثر تماثله للشفاء من أزمة دماغية، وفي تفاصيل الصورة لاحظ المهتمون علبة عسل في طاولة مجاورة، أصبحت العلبة أكثر شهرة من كتاب شمس العلوم، هب لتداولها كثير من بزغة الاصلاح لدرجة افقدتهم اللياقة ليباركوا لأمين عام حزبهم بالسلامة ولو من باب الذوق والمجاملة والاقتداء حتى بالسفير الصيني.
وقبل ذلك نتذكر جميعا الحفلة التي رافقت انتشار صورة الانسي ذاته في وليمة عشاء في حفل زفاف لشاب يمني، روّجها خصوم الاصلاح و(أنصف الخصوم) كدليل دامغ لسوء الاصلاح وعيوب قياداته.
بالتأكيد من حق كل شخص ان ينتقد أي شخصية عامة ومضمون مايصدر عنها ولا أحد فوق النقد لا العزي اليدومي ورفاقه ولا غيرهم، لكن مايحصل من صخب وغوغاء لا يمكن أبدا اعتباره ضمن حرية الرأي وحق النقد، فهو مجرد ردح وإسفاف بلا مضمون.
لم يعد هناك أسهل من انتقاد قيادات حزب الاصلاح، بسبب ودون سبب يمكنك ان تتهمه وقياداته بكل التهم وتلفق كل الأكاذيب، لكن استمراء هذه الاساليب مبعثه امر وحيد، أنكم تأمنون عواقب انتقام الاصلاح وتثقون أنه لا يحقد.
الاصلاح هو اخر كتلة صلبة ومتماسكة في اليمن الممزق بطعنات الامامة وتفاهات واخفاقات قواه السياسية التي تتراكم من عقود، لكن خصوم الاصلاح أو منافسيه بلغ بهم الفجور والقبح حد الاضرار باليمن ذاتها تحت شهوة الانتقام من الاصلاح او الكيد به، لا يدركون أبدا ان أحلامهم في انهيار الاصلاح وتفككه تفقدهم هم بقية ما يراهنون عليه.
ممارسة الخصوم لذلك أمر يخصهم ويعكس اخلاقهم ولا لوم عليهم، انما الغريب هو تكرار انجرار بعض طيور الاصلاح المهاجرة لهذا السخف.
هناك سؤال يمكن توجيهه لهذا النوع من أعضاء الاصلاح وغالبيتهم يلاحظ أنهم في المنفى:
ما هو دافعكم لهذا الامر؟! ماذا تنقمون على قيادة حزبكم؟!
توجيه السؤال لكم دون سواكم مبعثه ان دافع خصومكم للشتيمة والردح لرجالات حزبكم سببه أنهم إصلاحيون وقادة لحزب انتم من أفراده.
هل تظنون لو غادرت هذه القيادات الليلة مواقعها ستشرق الشمس وقد رضي عنكم خصومكم واعترفوا بحزبكم وأقلعوا عن طعنات الغدر وحملات التشويه ؟!
ثم يتبقى هناك أمر مهم عن هذه القيادات وهو شخصي بالمقارنة مع كثير من النخب السياسية في اليمن والمنطقة.
هل العيب الوحيد لرئيس حزبكم هو تغريدة غامضة لم تفهمونها أو تواكب مستواكم في العمق والتفكير؟ وهل تهمة الامين العام هي حضوره وليمة عشاء قُدمت فيها الذبيحة للضيوف كاملة !!.
قد يبرر البعض هذه الحملات أنها تعبيرا عن سخط شباب الاصلاح وانعكاسا لمزاجهم تجاه الوضع القائم، وهو الوضع الذي لم يكن صانعيه هم قياداتهم كما انهم ليسوا أبدا كحزب وأفراد معنيون الا بذات القدر الذي يقع على رفاقهم من اليمنيين في محاولة الخلاص بالبلاد.
لكن ليس طول زمن المعركة ولا البقاء في الرياض دافعكم، حتى حين كنا في صنعاء كانت هذه الظاهرة تتوسع ويقع فيها أعضاء كوادر الاصلاح فرائس سهلة لحملات الخصوم.
من يتذكر تلك الحملة الواسعة التي شنتها مطابخ معروفة عن مساعي عبدالوهاب الانسي لتأميم وزارة التربية واستثمار مواردها عن طريق زوج ابنته الذي اختاره وزيرا ؟ وهو عبدالرزاق الاشول.
من يتذكر الحملة المجنونة التي اندلعت مع خبر توظيف نجل الاستاذ اليدومي في مكتب رئاسة الجمهورية ؟
تورط فيها كثيرون، لكن لاحقا لم يكلف أحدهم نفسه التعامل مع الحقيقة التي تؤكد أنه ليس هناك أي علاقة أسرية أو عائلية بين الاشول والانسي.
خلال السنوات الماضية تهافت كثير من القيادات السياسية والرفيعة لتعيين أولادهم وأقاربهم في مناصب قيادية بمبرر القرابة، وبالتأكيد يمتلك كثيرون أسبابا منطقية لتبرير تعييناتهم كالمؤهل والكفاءة لكن ذلك اذا اثير عن احد قادة الاصلاح لا يهدأ .
أعرف أغلب أبناء الاستاذ محمد اليدومي، وبعض أبناء الاستاذ عبدالوهاب الانسي والاستاذ أحمد القميري والاستاذ محمد قحطان، شباب يمتلكون مهارات عالية وتأهيل علمي محترم ومع ذلك لم نجد واحدا منهم وزيرا ولا وكيلا ولا قائدا عسكريا ولا موظفا مرموقا رغم ان في هذه المناصب من لا يمتلك مثل قدراتهم ولا بعضها.
كلهم يرفض أباءهم التحاقهم بالوظيفة العامة احتراما لمسيرتهم السياسية وافسحوا المجال لشباب الاصلاح، اتجهوا للقطاع الخاص مابين محاسب ومبرمج في شركات غيرهم ولم يكونوا عالة على اباءهم ولا الدولة ولا الحزب.
قبل فترة قرأت في صفحة استاذنا العزيز غائب حواس، أن الاستاذ عبدالوهاب الانسي اوقف قرارا حكوميا لتعيين أحد أولاده دبلوماسيا في احدى السفارات اليمنية، وحين سألت عن الامر قال لي شقيقه، نعم اعترض الوالد على التوجيه الذي تم دون علمه وقال لاخي مايقوله لنا دوما: قد أكون منعتكم عن حق لكم في وظيفة الدولة، لكن من حقي عليكم كوالد لكم أن أجنب نفسي الدوشة والمهاترات بسببكم.
يستطيع الاستاذ أحمد القميري وهو صاحب العلاقات الواسعة والسمعة الطيبة أن يمنح أولاده مناصبا وامتيازات يستحقونها او لا يستحقونها ومعيشة كما يرغبون، لكن ابنه يعمل منذ سنوات طويلة في المهجر محاسبا في قطاع خاص لا يصمد فيه ويتحمل معاييره الا من لديهم تأهيل مهني عالي وانضباط كبير، وهذا يخفق فيه ابناء الدلع والمجاملات.
قد يبقى أمر اخير، تعرض ابن اليدومي وابن الانسي للاعتقال مع كثير من شباب الاصلاح، اعرف بعض اولاد اليدومي منذ سنوات يشاركون مع بقية اليمنيين في الجبهات تطوعا، لم نرى لهم صورة او لقطة مزايدة، لم يعرف احد ان ابن للاستاذ احمد القميري يرابط مقاوما في تعز منذ انطلاق المقاومة الا حين رأيناه جريحا وبعد تعافيه عاد للميدان بهدوء.
هؤلاء قوم عركتهم الاحداث ولم تلعب بهم الايام، لهم اخطاء واخفاقات بالتأكيد وربما نال منهم الزمن لكنهم للانصاف خيرة رجالات اليمن تجردا وبساطة وترفعا وانحيازا للبلاد وهمومها.
الاصلاح هو القلعة الاخيرة التي تماسكت في هذه البلاد التي احتشدت الانهيارات في وجهها مرة واحدة، نحتاج لهذا الكيان اليماني أن يصمد ويتماسك حتى تستعيد البلاد عافيها وتعودون إلى صنعاء ياشباب المنفى.
ويوم تعودون إلى صنعاء وتعود اليها جمهوريتها أعدكم وعد شرف أن نقدم جميعا استقالة جماعية من الاصلاح، ولكن بعد أن نستمع من كوادر وأعضاء الاصلاح هناك وفي كل مناطق سيطرة الامامة دروسا من خبرتهم التي منحتهم اياها سنوات الامامة والمحن.
لكم ان تتعلموا منهم وتكونوا مثلهم فهم أصدق وأوفى ما انجبت اليمن، لم يفرطوا فيكم ولا في حزبكم أو قيادتكم بحرف سوء أو يتورطوا في مسايرة حملات التفاهة يوما رغم بؤس واقعهم، لكنهم حين قسى عليهم الزمن لاذوا بالصمت وسكتوا دون ابتذال ولا تفريط.
ستشرق الشمس وتزول المحنة، ستعود اليمن لأهلها جمهورية، ثقوا باقتراب الفجر وتبدل الحال فقد طال الليل بما فيه الكفاية، وحتى تلك اللحظة نحتاج ان نستعين بالتماسك وشد الأزر والصمود.
والله مع المتقين.
التعليقات