العلاقة بين أمريكا والحوثيين من السر إلى العلن

علاقة أمريكا بالحوثيين ليست جديدة ، الجديد فيها أنها كانت سرية وأصبحت اليوم جهرا ، وفي حقيقة الأمر تعود هذه العلاقة إلى أوائل تسعينيات القرن الماضي ، فليس صدفة أن يعقد المبعوث الأمريكي إلى اليمن لقاءات مع قيادات حوثية في عمان ويتدارس معهم مستقبل اليمن ، بالرغم من رفع الحوثيين شعار الموت لأمريكا .

شعار الموت لأمريكا شعار كاذب ومخادع الهدف منه حشد المخزون العاطفي من الكراهية لأمريكا وإسرائيل وتفجيره في وجه اليمنيين ، وعلى الرغم من كل هذا الخداع في الشعار المعادي لأمريكا وإسرائيل إلا أن الإدارة الأمريكية تفضح زيفه ، فكل الإدارات الأمريكية ترى أن الحوثي مسالم ولا علاقة له بالإرهاب وأن الشعار ليس موجها لأمريكا ، لذلك يسوقون له على أنه يأتي في إطار الحريات السياسية .

وكما قلنا فإن ماكان سرا بين الأمريكان والحوثيين أصبح اليوم جهرا ، وما كان يقال سرا في الغرف المغلقة أصبح الأمريكيون ينادون به من على السطوح ، فقد رموا بكل ثقلهم في حماية الحوثيين من السقوط في الحديدة والذهاب بهم إلى ستوكهولم وهاهم اليوم يرمون بكل ثقلهم لإنقاذهم بعد أن أصبحوا منهكين على مدى ست سنوات لم يبق لهم سوى المراهقين الذين يتم تدريبهم لأسابيع والزج بهم في القتال فيقعون بين قتيل وجريح وأسير .

وكما قلنا فإن المحادثات التي جرت بين الحوثيين والأمريكيين لم تكن وليدة اللحظة فقد بدأت منذ فترة بعيدة ، لكننا سنتوقف عند ٢٠١٥ وهو عام الحرب التي فجرتها هذه المليشيا بانقلابها على الشرعية الدستورية ، فقد التقى مبعوثون كبار في إدارة أوباما سرا مع الحوثيين في مسقط ، تلا ذلك لقاء عام ٢٠١٦ ، حينما التقى وزير الخارجية جون كيري مع الحوثيين في مسقط أيضا في لقاء علني ، وتجدد اللقاء عام ٢٠١٨ في ستوكهولم .

وفي عام ٢٠١٩ ، أعلن مساعد وزير الخارجية ديفيد شنيكر أنهم يجرون محادثات مع الحوثيين ، وكل هذه اللقاءات لم تكن صدفة ولم تكن من أجل صناعة السلام في اليمن ، فقد أفصح بومبيو وزير الخارجية في عهد ترامب ومعه ماتيس وزير الدفاع عن إمكانية إعطاء منطقة حكم ذاتي في شمال اليمن للحوثيين كونهم أقلية .

وفي كل المحطات كانت الولايات المتحدة الأمريكية تحرص على إضعاف الشرعية من خلال الإماراتيين والسعوديين حتى أوصلت الأمر إلى الحوار مؤخرا في مسقط بين الحوثيين والأمريكيين والسعوديين واستبعاد الشرعية ضاربة بالقرارات الأممية عرض الحائط والتي تنص على وحدة اليمن وإنهاء الانقلاب واستعادة الشرعية الدستورية .

وتاتي علاقة أمريكا بالحوثيين من منطلق علاقتها بإيران والتي تستخدم كقفاز لمواجهة دول الخليج ، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار سحب أمريكا لبطاريات صواريخ باتريوت وبعض الطائرات المقاتلة وهي الموقعة مع المملكة إتفاقية الدفاع المشترك وترك المنشآت السعودية تحت مرمى الصواريخ والطيران المسير الذي تطلقه إيران من اليمن .

أمريكا أعلنت بالقول والفعل أنها لم تعد مسؤولة عن حماية المملكة ولذلك اقدمت على فكرة إعطاء الحوثيين إقليما خاصا بهم وهذا يؤكد عمق العلاقة بين الطرفين واستخدام الحوثيين كأداة في خلخلة أمن المنطقة ، وعلى السعودية أن تدرك أن أمريكا أقرب إلى إيران منها ، وليس المهم ما تسمعه من خلاف بين أمريكا وإيران ، فالأهم ما تراه يتحقق على أرض الواقع .

فمثلما فيلق القدس الإيراني لم يحارب أمريكا ولا إسرائيل ، فإن الحوثي كذلك لن يحارب أمريكا ، وأمريكا ستحاول أن تمنع الحوثيين من السقوط ، لكن ذلك لن يكون ، فاليمنيون سيسقطون المشروع الأمريكي الإيراني في اليمن والذي اتضحت معالمه بضرب الشرعية الدستورية وبناء المليشيات دون أن يتمعر وجه أمريكا الراعية لإرهاب الحوثي ومعركة مأرب التي تراهن عليها أمريكا في الأيام القادمة ستكون نهاية عصابة الحوثي الإرهابية ، لأن اليمنيين أدركوا العلاقة القذرة بين الحوثي وأمريكا .

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية