عبارات ذات سلطة.. أجمع العلماء.. أثبتت الدراسات

تلك عباراتٌ بات لها سلطتُها على المتلقي، وجعل بعضُ المثقفين والمتحدثين يستغلُ سلطتَها وتأثيرَها الكبيرَ عليه، فيستعينُ بها للإقناعِ والتأثير، وللتأكيدِ على صحةِ أقواله، وكأنه يُجري على أقواله بها مَسحةً من القداسةِ التي لا يصحُّ معها رفضُها، أو ردُّها، أو حتى مناقشتُها وإبداءُ الرأي فيها، ولا يملكُ المتلقي المستمع، أو المتلقي القارئ إزاءها إلا الاستسلام، ومما يُؤسَف له أن هؤلاء وجدوا لدى كثيرٍ من المتلقين قابليةً واستسلاما، وقد كان كاتبُ هذه السطورِ أحدَ ضحايا الإيمانِ المطلقِ بقداسةِ هذه العباراتِ، فقد استلقفتُ مرةً من أحدِهم قولًا مشفوعًا أو مُذَيلًا بتلك العبارات، فآمنتُ به، وأغنتني عبارة(أجمع العلماء) عن البحثِ في بطونِ الكتبِ والمصادرِ المتعلقةِ بالموضوع، وسلبتني تلك العبارة حريةَ التفكير، وجعلتني أتفضلُ على غيري بذلك القولِ بشجاعة، ثم تَبيَّن لي أنه مما لم يُجمِع عليه العلماءُ البتة، وهكذا نستسلمُ لكلِّ وافدٍ على عقولنا من المعلوماتِ من غيرِ تثبُّت.

 

نعم هناك أمورٌ أجمع عليها العلماء، وهناك أمورٌ أثبتتها البحوثُ والدراسات، ولكن لماذا لا تكلفُ نفسَك مهمةَ الغوصِ في بطونِ الكتبِ والبحثِ في المصادرِ المتعلقةِ بالموضوعِ ذاته؟ وكيف تَقبلُ لنفسِك أن تكونَ متلقيًا سلبيًا، لاتفكر، ولا تفترضُ بُطلانَ أو على الأقلِ ضَعفَ ما تتلفظُ به أفواهُ غيرك، وتتلقاه أذنُك؟!

يَجدرُ بك ألا تنقلَ لغيرِك ما سمعتَه من غيرِك دون تثبتٍ وتَحقُّق، فقد يَسوقُ لك أحدُهم قولًا بعد تصديره بواحدةٍ من تلك العبارات، أو تذييله بها، فتقعُ تحت تأثيرِ سلطتها، وتؤمنُ بما سمعت، فتنقلُ لغيرك باطلًًا تخسرُ به ثقةَ غيرك بك، وتَجلبُ لنفسك استهجانَ الآخرين وسخريتَهم بك.

كم تعاني أمتُنا من عقولٍ تستسلمُ ولا تفكر، وتتلقى ولا تفحص، وتنقل ولا تتبيَّن.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية