فنانون يمنيون في مرمى إرهاب الميليشيات

ضربت موجة جديدة من الانتهاكات الحوثية حديثاً حريات السكان اليمنيين في مدن عدة، حيث شنت الجماعة حملات مداهمة طالت مناسبات وأعراساً يمنية، واختطفت فنانين شاركوا بإحياء الكثير منها في كل من العاصمة صنعاء ومدن إب وذمار والحديدة وغيرها من المدن الواقعة تحت قبضة الجماعة.

وأفادت مصادر يمنية لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة وسعت منذ مطلع أغسطس (آب) الماضي، من حجم ممارساتها القمعية بحق شريحة الفنانين ومنتسبي الفرق الموسيقية سعياً منها لمحاصرة السكان والقضاء على كافة مظاهر الحياة والابتهاج.

وكان آخر ما قامت به الجماعة الانقلابية تمثل قبل أيام بمداهمة مسلحيها بقيادة المدعو محسن السقاف، حفل زفاف بمنطقة مذبح في صنعاء، واختطاف الفنان أصيل علي أبو بكر، ومصادرة الآلات الموسيقية الخاصة به، واقتياده إلى أحد السجون في المنطقة.

وفي حين أثارت تلك الحادثة انتقادات واستياءً شعبياً واسعاً، تحدث ناشطون حقوقيون في صنعاء عن أن الفنان أصيل لا يزال حتى اللحظة يقبع في سجون الجماعة، مطالبين المنظمات المحلية والدولية بإدانة تلك الجريمة وغيرها من الجرائم التي تعرض لها الفنانون.

وسبق ذلك بأيام ارتكاب الجماعة ممارسات قمعية بحق مطربين بعضهم له باع طويل بمجال الفن اليمني، حيث وجهت الميليشيات بأواخر أغسطس المنصرم إنذاراً نهائياً للفنان فؤاد الكبسي، تلزمه بالامتناع عن الغناء بشكل نهائي بعد إحيائه حفل زفاف في مدينة إب الخاضعة لسيطرتها. وطبقاً لمصادر مقربة من الفنان الكبسي، فقد بررت الجماعة منعها للفنان الكبسي من الغناء بأن ذلك يسيء للسلالة التي تنتمي إليها الجماعة.

وذكرت المصادر أن الميليشيات طالبت الكبسي في بيانها التحذيري بالتحول من الغناء إلى «الزوامل» (الأهازيج الحربية) التي تخدمها وتشجع على استمرار حروبها العبثية، وهو الأمر الذي رفضه الفنان الكبسي.

ويأتي تهديد الجماعة للفنان الكبسي بعد عملية اعتداء حوثية طالته سابقاً في نقطة تفتيش تابعة للميليشيات بمنطقة القناوص شمال مدينة الحديدة، أثناء عودته من إحياء حفل زفاف، حيث صادرت الآلات الموسيقية واحتجزته أكثر من 24 ساعة.

وتواصلاً لجرائم البطش والتنكيل الحوثية بحق الفنانين، تعرض الفنان شرف القاعدي، مطلع أغسطس الماضي، للتهديد بالتصفية الجسدية من قبل مسلحين حوثيين في العاصمة على خلفية ممارسته للغناء.

وكشف الفنان القاعدي، الذي يرأس حالياً نادي المطربين اليمنيين، عن جملة من الاعتداءات والانتهاكات التي تعرض لها وعدد من الفنانين طيلة سنوات وأشهر ماضية من قبل عناصر ونقاط تفتيش حوثية.

وذكر القاعدي في تصريحات بثها على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه سبق وتعرض للابتزاز والمنع الحوثي من العبور عام 2015 في نقطة تفتيش حوثية بمحافظة عمران أثناء ما كان في طريقة إلى محافظة حجة، وبحوزته آلة العود لإحياء أحد الأفراح هناك.

وأشار إلى تعرض الفنان نبيل العموش، للاحتجاز والتعسف من قبل مسلحي الجماعة بمحافظة عمران، إضافة إلى تعرض كل من الفنانين عبد الله الصعدي ومحمد النعامي للاحتجاز والتوقيف والمنع من الغناء لمرات عدة، بذريعة أن الفن والفنانين يؤخرون النصر في الجبهات.

وقال القاعدي إن الجماعة لم تكتف باستهداف الفنانين فحسب، بل توسعت في ذلك لتطال جرائمها منتسبي الفرق الموسيقية وكل من له علاقة بالفن. ولفت إلى تعرضه في عام 2015، وبالتزامن مع تأسيس نادي المطربين للتهديد بالتصفية الجسدية وكافة أسرته عبر ما قال إنها رسائل نصية وصلت هاتفه تحذره بترك الغناء وعدم العودة إليه إطلاقاً.

وأشار رئيس نادي المطربين اليمنيين إلى أن التصرفات التي وصفها بـ«غير المسؤولة» المتبعة تجاه الفنانين لا تزال في ازدياد يوماً بعد آخر. وأضاف: «نحن الفنانين... لسنا أعداء للوطن كما يصفنا البعض».

في سياق ذي صلة، تحدثت مصادر محلية في ذمار، عن قيام مسلحي الجماعة بداية أغسطس الماضي بطرد فنان يمني من حفل زفاف كان يحييه بمنطقة آنس في المحافظة، وأجبرت صاحب العرس بقوة السلاح على تشغيل أهازيج حربية.

وأعقب ذلك بيومين قيام الجماعة في محافظة إب باقتحام صالة حفل زواج، حيث اختطفت أحد أقرباء العريس وثلاثة من أعضاء فرقة موسيقية قدمت لإحياء المناسبة بذريعة ما تسميه «مخالفة الهوية الإيمانية».

وعلى وقع تصاعد الاعتداءات الحوثية بحق العاملين بمجال الفن، التي رافق معظمها شن الجماعة حملات تحريض ممنهجة تحت مبرر منع الغناء، أعرب عدد من النشطاء الحقوقيين عن تضامنهم الكامل مع الفنانين إزاء ما يتعرضون له من إرهاب حوثي.

ومنذ سيطرة الجماعة بقوة السلاح على صنعاء ومدن يمنية أخرى، انتهجت سلوكاً يحاكي سلوك «داعش»، حيث أصدرت تعميمات تقضي بمنع الفنانين من استخدام الآلات الموسيقية في حفلات الزفاف وفرض غرامات مالية باهظة على الأهالي الذين يستقدمون فنانين لإحياء الحفلات.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية