ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

اليمن يدخل مرحلة "حرجة" من التهاوي الاقتصادي

دخل اليمن مرحلة حرجة من التهاوي الاقتصادي والمعيشي وانحدار العملة وتصاعد الاحتجاجات الشعبية المنددة بالتقاعس الحكومي وضعف وهشاشة تدخلات الحكومة في التصدي لمختلف هذه الأزمات المتفاقمة والتي حولت حياة اليمنيين إلى جحيم.

يواكب ذلك اندلاع معارك للسيطرة على موارد الاقتصاد ومنابع النفط والعديد من الأنشطة التجارية والمالية. وفي الوقت الذي ارتفعت فيه حدة المعارك المستعرة وتوسعت بأكثر من منطقة في محافظات اليمن الشرقية، تستمر العملة الوطنية بالانهيار وبتجاوزها لمستويات قياسية غير مسبوقة، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، المسيطر فعلياً على مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للحكومة المعترف بها دولياً.

وتستمر العملة الوطنية بالانهيار وبتجاوزها لمستويات قياسية غير مسبوقة، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، المسيطر فعلياً على عدن.

وأرجع البنك المركزي اليمني سبب التهاوي المتواصل في العملة حالياً إلى تعقيدات الوضع الذي نشأ بعدما تدخلت أطرف في نشاط سوق صرف النقد الأجنبي.

وعقدت اتفاقات مع عدد من الصرافين دون إدراك لعواقب ذلك، والتي اعتبرها البنك غير قانونية ولا ملزمة له، وهو ما يعد انتقادا واضحا للمجلس الانتقالي الجنوبي وتحميله مسؤولية ما يحصل في سوق الصرف وانخفاض سعر صرف الريال.

وأكد مصدر مصرفي مسؤول في البنك المركزي اليمني في عدن، لـ"العربي الجديد"، أن شركات الصرافة المتكاثرة في عدن كغيرها من المحافظات اليمنية تتحمل مسؤولية رئيسية في الانخفاض الحاصل في سعر صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية.

وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن هناك من قطع الطريق أمام الإجراءات التي كان البنك المركزي يطبقها بحق شركات الصرافة المخالفة لتعليمات البنك وقوانين العمل المصرفي، عبر عقد اتفاقيات مع شركات الصرافة والقيام بإجراءات ضارة في سوق الصرف تسببت في هذا التهاوي الذي يبذل البنك المركزي جهودا كبيرة لاحتوائه.

وتطرق إلى الأزمات التي يعتبرها مفتعلة في شبوة وحضرموت، إلى جانب الحرب التي يشنها الحوثيون في أكثر من محافظة يمنية وما يقومون به من تصرفات تخريبية تستهدف الاقتصاد والعملة المحلية.

في السياق، تدور حرب ومعارك مكلفة تدور رحاها على أطراف مأرب والبيضاء مع امتدادها إلى شبوة منذ مطلع العام الحالي، يرتبط بها مصير الملفات الاقتصادية العالقة وحلحلة بعض الأزمات المتفاقمة مثل تهاوي العملة وغيرها من التحديات الراهنة.

ويشير الباحث الاقتصادي صلاح طاهر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن جزءاً مهماً من هذه المعارك ذو طابع مالي واقتصادي للسيطرة على منابع النفط والغاز وموارد الاقتصاد اليمني التي تتركز في مأرب وشبوة، إذ ترتبط هذه المناطق إلى جانب حقول النفط بخطوط النقل المستحدثة لتصدير النفط والغاز المستخرج من مأرب عبر موانئ التصدير في شبوة.

ويشكو المواطنون في اليمن من تردي أوضاعهم المعيشية بشكل كبير مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بصورة قياسية غير مسبوقة منذ مطلع الشهر الحالي، ومواجهتهم صعوبات بالغة في توفير احتياجاتهم من الغذاء والدواء ومختلف الاحتياجات المعيشية.

وبعدما هدأت الاحتجاجات الشعبية في عدن، تصاعدت حدتها في مدينة تعز، جنوب غربي اليمن، التي تشهد تظاهرات حاشدة وأعمال شغب تنديدا بتهاوي سعر صرف العملة وتردي الأوضاع المعيشية، فيما تستمر الاحتجاجات بوتيرة عالية في حضرموت منذ مطلع شهر سبتمبر/ أيلول الماضي.

ويتحدث الناشط الاجتماعي عمر ناصر، لـ"العربي الجديد"، عن أن مختلف الإجراءات التي يتم الإعلان عنها لا تنفذ على أرض الواقع مع وصول معاناة الناس إلى مرحلة صعبة ومتفاقمة إلى مستويات كارثية.

ويشير إلى مواجهة السكان في المناطق الغاضبة تحديات قاسية، إذ يترافق انعدام الخدمات الأساسية مع تفشي فيروس كورونا.

وفي المقابل، يستعد البنك المركزي اليمني لتدشين حزمة من القرارات والإجراءات الحازمة على مستوى قطاعي البنوك والصرافة لإصلاح الوضع المتدهور، ووقف التدهور الحاد في قيمة العملة المحلية.

 

ويأمل البنك المركزي، بحسب تعميم صادر عنه اطلعت عليه "العربي الجديد"، من الجميع التعاون معه والتحلي بالمسؤولية، وإدراك خطورة استمرار التدهور في قيمة العملة المحلية، وأثره على حياة المواطن المعيشية، ومخاطر التدخل في شؤونه، أو المساس بأمن وسلامة أداء الجهاز المصرفي والقوانين المنظمة لنشاطه.

وأوضح أنه لم يتخذ قرارا بإغلاق نشاط شركات ومنشآت الصرافة، مؤكداً أن القرار اتخذته جمعية الصرافين وعرضته على الإدارة المختصة بالبنك المركزي.

كما يؤكد البنك المركزي أنه لا يقبل توظيف قرار جمعية الصرافين ومبادرتهم الأخيرة بتعليق نشاطهم، للهروب من مواجهة الواقع الذي وصل إليه سوق صرف النقد.

ودعا وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، لدى إلقائه كلمة اليمن في الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة أخيراً، المجتمع الدولي لمساعدة اليمن على مواجهة الأزمات الاقتصادية التي يواجها وتقديم وديعة مالية للبنك المركزي اليمني لوقف انهيار العملة الوطنية.

ويقول الخبير المصرفي محمد العزاني، لـ"العربي الجديد"، إن الفوضى تجتاح سوق الصرف في اليمن ولم يعد أي طرف يستطيع السيطرة على هذا الوضع واحتوائه، فكل ما يدور عن صراع يحاول كل طرف إلصاقه بخصمه والضحية في الأخير العملة والاقتصاد الوطني والمواطن الذي يقاسي تبعات وارتدادات هذا الجحيم المتواصل.

ويرى أن الحل الأمثل حالياً للتصدي لهذا التدهور الحاد في العملة هو وضع وديعة مالية في البنك المركزي اليمني، كما يحمل شركات الصرافة مسؤولية رئيسية لعملها خارج إطار المنظومة المصرفية.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.