الثلاثون من نوفمبر وحقائق تاريخية

1- أن اجلاء آخر جنود المستعمر من اليمن في ال30 من نوفمبر كان ثمرة جهود الشعب اليمني وتوحيد طاقاته ومعركته الكبرى التي افتتحتها ثورة26 سبتمبر وعززتها ثورة14 أكتوبر؛ فهاتان الثورتان المباركتان من قادتا وافضتا إلى ال30 من نوفمبر؛ حيث  ال30 من نوفمبر تجسيد كلي لواحدية الشعب وأرومته الخالدة.

2- أن حضور عنصرية الدم والاستعمار الإمامة بنسختيها القديمة والجديدة، يعني حضور عنصرية ومستعمر وأدواتهما شمالا وجنوبا، أي أنهما ترسيخ للانقسام السياسي والاجتماعي والجغرافي والجهوي والمناطقي، وبالتالي فالمستعمر لا يحضر ويكون الا من خلال ذلك الإنقسام والتشظي الهوياتي وكل الأمراض العنصرية والهويات القاتلة تتعزز من خلالهما، أي أن هناك علاقة طردية سالبة تحكم تلك المتغيرات كافة؛ فحضور الاستعمار بكل رذائله وتدميره وقواه يكون من خلال ذلك الإنقسام المجتمعي والعكس صحيح، فكلما زادت الإنقسامات زادت وتيرة الإستعمار وغاب الوطن ووأدت الحرية وشاع الظلم وانتحرت العدالة.

3- أن انتصار الإرادة اليمنية والتحررية  لهذا الشعب تكمن في وحدته ولحمته، وانسياب نهر الوطنية لتغذي شريان دم الجسم اليمني وتبث فيه الحمية والفعل العظيم لا العكس. لذا لا غرو أن نرى المستعمر يصول ويجول الا من خلال ضرب واحدية الشعب والدولة والنظام، فحضوره حوثيا"= إيرانيا" يعني حضوره"=انفصاليا" ومن إليه اليوم!

وأن الانتصار عليه ككل يمر عبر استعادة اللحمة والوحدة والحمية والهوية الوطنية، خصوصا وأن لنا في تاريخ حركة التحرر والنضال اليمني الدروس الكافية لاستعادة تلكم اللحمة والوحدة في اسوأ ظروفها، سيما ونضال اليمني قد برهن للجميع وأثبتت الأحداث التاريخية عظمته في احلك الظروف وسواد ليل اليمن البهيم.

4- أن الخلافات البينية سواء بين القوى الحزبية والاجتماعية تنعكس على وحدة المجتمع والشعب وواحدية الدولة والشعب، وهو ما يتسلل من اعداء الأمة اليمنية ماضيا وحاضرا، ويعملون على تكريسه واقعا ونمط حياة مفروض بأساليب شتى، وآن لليمنيين أن يضعوا حدا لذلك؛ فالتهديد وجودي والخطر عظيم.

5- إن من دلالة عظمة الشعب اليمني وأمجاده العظيمة أنه يواجه ويخوض معارك شتى مع المستعمر المباشر وغير المباشر، أي توحد قوى اقليمية ودولية مختلفة ومتعددة لمجابهة هذا الشعب وعظمته وملاحمه البطولية، ولأسباب مختلفة ومتعددة، ليس أهمها ادراكهم لصعوبة اليمن وتضاريسه الدالة على شخصية اليمني وواحديته، بل وللصعوبة التي يلاقونها والمنعة والكبرياء الذي يتخلل تلكم الشخصية، ومدى تمسكها برموزها وتاريخها، وجغرافيتها، وأن لا شيء يهزمه سوى ببث الضغينة وادعاء الأحقاد وتقسيمه وجعله ممكنا، وهذا هو ما يجعل استراتيجية درء الأخطار والتهديدات لليمن واليمني بالغة الصعوبة، عبر خلق ظروفا تعجيزية تجعله في حالة الأوضاع السالبة والمستلبة لإرادته وكينونته وهويته الحضارية، ي ضرب جسور التواصل الوطني والحضاري والأسس والمعتقدات التي تحط من كبريائه وتمس شخصيته المجابهة لكل الصعاب، وبالتالي كسر إرادته يمر عبر كسر وحدته، وواحدية النهوض التي يراها كعصى تلقف ما يأفكون، أي تلك الإرادة العصية على الكسر والفاعلة في فعله التحرري وكينونته المسكونة بتذليل كل صعب امامه.

لذا نلحظ أن ثمة استراتيجيات متعددة منها من تحاول الذهاب به إلى غير ماهي اواصره وصلاته ووشائجه، عبر تغيير قسري وعنيف لهويته، ووتمزيق وحدته، وتذرير إرادته، وطمس معالم حضارته وتبديدا لقوته، تارة باسم المذهب والطائفة، وأخرى باسم المنطقة والجهوية والقبلية، وثالثة باسم احلافه وعلاقاته، ورابعة باسم دويلاته التي كانت"=دويلات الطوائف والمناطق والقبل" وخامسة باسم هويات قاتلة وفرعية، وهكذا.

ففي البدء كانت اليمن، واليمن هي تاريخ لعالم ما قبل ميلادي وما بعد ميلادي، وهي الأمة التي تسبح عكس التيار كدلالة على حيويتها وإرادتها وكينونتها الشامخة رغم أنف كل محتل ومستعمر وأدواته جميعا.. فباليمن ننتصر وبدونها نكبو ولا شيئ سوى اليمن العظيم الذي متى استشعر اليمني تلك العظمة سرت في شرايينه دماء الحرية ووزع عدالتها على الجميع.

ختاما فقد كان لليمن قصب السبق بإرادة التحرر التي اجترحها وطنيا؛ فكانت رياح تحرر على المستوى الجغرافي الأوسع عربيا وانسانيا وعالميا، وكما وضع ومرغ أنف المستعمر في الوحل ماضيا لقادر-بإذن الله- من صناعة قدره وتمريغ أنف المحتل حاضرا فقط عندما يعرف ويتعرف على ماهيته وكنهه وأن غدا لناظره قريب.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية