ضمن سلسلة جرائم الحوثي- ممارسات الحوثيين الإجرامية بحق التعليم في اليمن

العلويون في تركيا وعلاقتهم بالحوثيين
نظًم قبل يوم أمس في منطقة الفاتح بوسط اسطنبول العشرات من العلويين الأتراك وقفة احتجاجية تضامنا مع اليمن منددة بالعدوان السعودي/الإماراتي على اليمنيين وقتلهم الأطفال والأبرياء. هكذا بدى الهدف من الوقفة لعامة الأتراك الذين تابعوا الحدث من الشارع أو من على منصات التواصل الاجتماعي وهم لا يعلمون بالضبط ما الذي يحدث في اليمن غير أن السعودية دون الإمارات حتى؛ تقتل الأطفال هناك.

لا يعلم معظم الأتراك من خارج الطائفة العلوية أن من بين الصور التي رُفعت في الوقفة الاحتجاجية هي لمجرم حرب أشد عدوانا وفتكا باليمن من دول التحالف العربي. لقد عمد العلويين (شيعة تركيا) إلى تلميع السفاح الإرهابي عبدالملك الحوثي، ذاك الانقلابي النكرة الذي حصار المدن وقتل المدنيين بما فيهم الأطفال والنساء، وكان مسببا في شن السعودية والإمارات حربا شنعا على اليمن قبل أن تكون عليهم كطرف رئيس قبل الشعب؛ ليأووول الوضع إلى ما أصبح عليه اليوم، هذا الرجل الذي تتوقف عنده مسالة انهاء الحرب بمجرد التحرر من عبودية إيران وامتثاله للنظام والقانون ودستور الجمهورية اليمنية الذي يكفل حقوق كافة الشعب اليمني وحتى الحيوانات والشجر والحجر.

يعتقد البعض أن العلويين في تركيا نظموا الوقفة بمنأى وعدم تنسيق مع الحوثيين المقيمين في تركيا الذين يأتي غالبيتهم من الطلاب، وهم بالمناسبة مبتعثين من قبل وزارة التعليم العالي في عدن معظمهم إن لم يكونوا جميعهم، لكن الحقيقية المغيبة أنهم يعملون على قلب رجل واحد. ظهر قبل أمس الأحد ثلاثة من الشباب اليمنين في الوقفة يتوارون عن الأنظار وعن عدسات الكاميرات يتوجسون كما لو اقترفوا فضيحة تتعلق بقضية شرف، لكنهم مع الأيام سيظهرون علنا بكل جرأة إذا ما تم التغاضي عما حصل.

كقلب رجل واحد يتحرك الشيعة في كافة أرجاء المعمورة، لا تجمعهم الهوية ولا اللغة بل العقيدة. فتجد مثلا العلوي التركي يناصر العلوي في سوريا على ابن بلده التركي. وتجد الحوثي يفضل الإيراني الشيعي على اليمني السني دون أن يعرف حتى أصل نسبه إذا كان ينتهي كما يزعمون ويروجون عند علي بن أبي طالب أم لا، المهم أنه شيعي تجمعهم العقيدة والايدلوجية. أليسوا جميعا بهذا الفكر والمنطق سوى مجرد كومة نفاية واحدة لا أكثر رغم قلة عددهم في لبنان والعراق وسوريا وغيرها لكنهم يدا واحدة يتحركون كما لو كانوا داخل حلقة واحدة لا تنفصل.

العقيدة هي الرابط بين الأمم بغض النظر عن اختلاف قومياتها وأنسابها وأجناسها ولغاتها.. كان سلمان الفارسي وبلال الحبشي رضي الله عنهم أقرب إلى رسول الله من عمه أبو لهب، وهما في الجنة فيما الأخير في جهنم كما قال الله في محكم كتابه. لم يكن محمد الفاتح ولا صلاح الدين الأيوبي ولا طارق بن زياد عرب، لكنهم كانوا مسلمين سنة.

سئُل يهودي فرنسي عما إذا ما اندلعت حرب بين فرنسا واسرائيل.. مع من سيقاتل؟ أجاب صراحة: "مع اسرائيل"، رغم أنه فرنسي. وسألتُ أنا ذات السؤال يوما "علوية تركية" عما إذا دخلت تركيا في حرب مع بشار الأسد، وطُلب منها الجهاد، فصرخت ضاربة على صدرها "أنا أسدية."
أما صديقي الآخر التركي عند أول تعارفنا وبعد معرفتي بأنه علوي، سألني ما مذهبك؟ أجبته: "شيعي". رحب وفرح بي كثيرا، وأصبحت فيما بعد صديقه المقرب، وهو لا يعرف بأني سني في الحقيقة.. عندما ألتقيه بين الحين والآخر آخذه إلى المسجد، وما يضحكني فيه أنه يصلي دون وضوء.. يصلي مثلي وأنا أتأممه.. لا كما ينص عليه مذهبه الذي لا يفقه عنه شيء، لاحظت فيما بعد أنه يصلي لأجلي! أما لله فقد صلى وصام عنهم جده علي كرم الله وجه. هو كما يقال على نيته، لا يعرف عن مذهبه ولا عن مذهبي شيء سوى أن أبيه قال له بأنه من العلويين العليين في الجنة أتباع الإمام علي.

لا يكف زعيم المعارضة التركية -وهو علوي بالمناسبة- من الحديث مرارا بأنه سيرسل 4 مليون لاجئ سوري في تركيا إلى بسوريا في حال وصلوا إلى السلطة في انتخابات 2023، سيرسلهم إلى أخيه بشار الأسد ليلقوا مصيرهم في السجون والمقابر.

بحسب تقديرات رئاسة الشؤون الدينية التركية تصل نسبة العلويين في تركيا إلى نحو 9% من إجمالي سكان البلاد البالغ 85 مليون نسمة وهم قلة بطبيعة الحال، بيد أنهم يسعون بشتى الوسائل للوصول لسدة الحكم كما وصل إليه أقرانهم في سوريا قبل 50 سنة. والعلويين الأتراك كما الحال في سوريا يتشاركون الفكر والعقيدة.

يجمع العلويون أو "العلاهيون" في تركيا وفي سوريا، مزيجا من المعتقدات الشيعية والممارسات الدينية الصوفية، ويعود وجودهم في البلاد إلى بدايات القدوم التركي إلى الأناضول، اتهم العثمانيون العلويين بمساندة الصفويين في إيران في صراعهم مع الدولة العثمانية، وتختلف صلاتهم عن الصلاة المعروفة في الإسلام، فهي أقرب إلى رقصة جماعية، برفقة الآلات الموسيقية الخاصة، ولا يوجد فصل فيها بين الذكور والإناث. ويؤدّون صلاتهم في غرفة كبيرة تسمى "بيت الجمع"، وهم لا يبنون المساجد، مرجعين السبب في ذلك، وفق ما نُقل عنهم، بـ"أنه لم يكن هناك مساجد في زمن النبي، فضلا عن أن علي بن أبي طالب قتل في المسجد". يؤله العلويون الإمام علي بن أبي طالب صراحة، ويضفون عليه صفات الربوبية التي لا تجوز إلا لله سبحانه وتعالى.

بالرغم من أن العلويين يؤمنون بألوهية علي ويقولون بالتثليث ووجود ثلاثة صور للإله كما عند النصارى، إلاّ أنهم لا يعتبرون أنفسهم مشركين أو ملحدين، إنما يعتقدون بأن نظرتهم إلى الكون والإنسان والإله تختلف عن نظرة الآخرين (المسلمين) إليها، لأن العلويين يؤمنون بالأقانيم الثلاثة (الحق ـ محمد ـ علي) حيث يقولون بأن كل واحد منهم يمكن أن يحل في الأخر، لأن هذا الثلاثي المقدس ـ كما يعتقدون ـ كل لا يتجزأ، ويتجلى على شكل نور أزلي كان موجودا قبل الخليقة وبعدها، وسيستمر إلى الأبد.

ويدّعون أن الله تجلى في آدم كصورة للبشر، ولذلك رفض إبليس السجود له، كما تجلى في صورة النبي محمد والإمام علي والشيخ بكتاش. ويقول العلويون بأن قوى الخالق المقدسة ـ العقل ـ تنتقل إلى الإنسان بواسطة محمد وعلي وأولاده وأحفاده من الأئمة والأولياء الصالحين الذين يمثلون الكمال والجمال معا. إن إيمان العلويين بعقيدة التثليث، إضافة إلى إسرافهم بشرب الخمر وعدم صيامهم في رمضان وتقديسهم لبعض شيوخهم وأوليائهم بما يشبه التقديس المسيحي للرهبان جعل بعض المستشرقين يعتبرونهم (مسيحيين منسيين)، ومنهم المؤرخ الانجليزي "هاسلوك" الذي قام بدراسات في الأناضول خلال الحرب العالمية الأولى.

صحيح إن معظم العلويين الأتراك حاليا منغمسين في الحياة الاجتماعية المعاصرة والعولمة مع كافة شرائح المجتمع الأخرى، وهم بمنأى عما يحدث في اليمن، لكن كبارهم و أئمتهم على تواصل مستمر مع أنصارهم الشيعة في تلك البلدان الممزقة ومع ممثليهم في المهجر في إطار شبكة واحدة.. اجتماعات ولقاءات سرية بين الحوثيين مع قيادات شيعية وعلوية في كافة بلاد المهجر ومنها تركيا. يعملون ليل نهار كخلية ذباب دون كلل أو ملل ويجمعون التبرعات ليرسلوها للحوثيين كي يزرعوا مزيد من الألغام ويرسلوا مزيدا ومزيدا من الصواريخ البالستية والمسيرات لحصد المزيد والمزيد من الأرواح التي يتغذون عليها بشكل يومي. تفيد تسريبات أنه تم مؤخرا التنسيق والعمل على جمع تبرعات من إيران وتركيا وصلت إلى قرابة نصف مليون دولار أرسلت إلى صعدة.

أعود إلى حيثما بدأت في هذه التناولة، إذ كان من المفترض أن تنظم الوقفة الاحتجاجية قبل أمس أمام قنصلية السفارة السعودية في إسطنبول، بيد أن السلطات التركية مشكورة حصرتها في ميدان بمنطقة الفاتح. بالطبع لا يمكن لتركيا كدولة مدنية تطبق الديمقراطية وتؤمن بحق الحريات أن تمنع أي وقفة أو تظاهرة، فهذا بمثابة مصادرة علنية لحريات الرأي والتعبير وهذا منافى لمبادئ وقوانين الجمهورية التركية التي رسخت عليها. لكني هنا كمقيم يمني في تركيا وكغيري من اليمنيين هنا مستاء من شيء واحد فقط.. وهو عن سماح السلطات التركية للمحتجين بحضور إعلامهم برفع صور الإرهابي السفاح "عبدالملك الحوثي" دون أي مراعاة واعتبار لمشاعر الضحايا والشهداء وأقربائهم داخل وخارج اليمن ومنهم من يقيم في تركيا. ماذا لو قام مجموعة من الشباب في اليمن بعمل وقفة احتجاجية مشابهة تضامنا مع المعارضة التركية في مناسبة ما ضد الحكومة والشرعية في تركيا، ورفعوا صور الإرهابي "فتح الله جولن" قائد الانقلاب الفاشل عشية 15 تموز 2016. ألن تعترض تركيا وتقدم مذكرة احتجاج واستنكار إلى سفارة اليمن في أنقرة.. ألن تقوم الدنيا وتقعد. هذا بالتحديد ما ننتظره من سفارة بلادنا اليمن في أنقرة، لا نريد بيان باللغة العربية موجه إلينا فنحن أصلا أدرى منهم بما يجري ويحدث. إن إخواننا الأتراك كسطلة وشعب لا يعرفون ماذا يحدث بالضبط في اليمن ومن هو الحوثي عبدالملك وجماعته الفاشية، لهذا يجب على السفارة والجالية اليمنية واتحادات الطلاب في تركيا أن يوضحوا ذلك مرارا في كل مناسبة وفعالية وندوة تحلو لهم، بدل من انشغالاتهم بقضايا أخرى دنيوية زينها الشيطان؛ كي يبعدهم عن هموم الوطن والمواطن وتطلعاته. فوالله لن تغني الجنسيات والعقارات والإقامات الدائمة عن الوطن حتى لو كان مسلوب، وكما يقول المثل البلدي "عز القبيلي بلاده ولو تجرع وباها."

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.