المؤامرة الإماراتية على الجيش الوطني اليمني
كنت قد قررت ترك الكتابة والقراءة ومتابعة الأحداث إلى أجل غير مسمى بسبب إحباط شديد أعاني لأسباب شرحتها سابقا ، ورغبة في أخذ استراحة محارب قد تطول ، ولكني أطلعت بالأمس على قرار كبير وتطور خطير رأيت معه أن السكوت على ما يحدث خيانة عظمى ولابد من إطلاق صرخة تحذير وصيحة نذير في هذا المقال الذي لعله يكون المقال الأخير .
أعلن مجلس القيادة الرئاسي بعدن بالأمس عن تشكيل لجنة مشتركة لتحقيق الأمن والاستقرار، وإعادة هيكلة قوات الجيش والأمن برئاسة اللواء الركن هيثم قاسم طاهر .
هذا الجنرال هو وزير الدفاع اليمني الأسبق الذي أختار الوقوف إلى صفوف الانفصاليين خلال حرب صيف 1994م ، وتوارى عن الأنظار لأكثر من عقدين من الزمن حتى أعادته الإمارات إلى الضوء مؤخرا بعد أن نساه الناس وكلفته بمهام عسكرية في الجنوب لصالحها وبما يحقق أهدافها وينفذ أجندتها ومخططاتها.
الآن هيثم قاسم طاهر تشيد به الآن الصحف الإماراتية وتسوق له وتؤكد على أنه القائد العسكري المحنك وغيرها الإشادة التي يصرفونها لرجلهم المخلص لهم ، وهذا بدوره يؤكد أن هذه الهيكلة القادمة هي لصالح الإمارات وأدواتها في الجنوب 100% ، إذ من سابع المستحيلات أن تعمل هذه اللجنة برئاسة هيثم قاسم طاهر على إدماج التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات في الجنوب في الجيش الوطني اليمني ، وإنما ستعمل على إدماج الجيش اليمني في المليشيا المسلحة التابعة للإمارات في الجنوب .
لقد كنت ومازلت على قناعة بأن هذا المجلس وقراراته تمثل فصلا جديدا من مسلسل التمكين للانتقالي فالهدف منه هو إصدار قرارات بتعيينات لقيادات الانتقالي بما يقوي من سلطتهم ويثبت مكاسبهم والتسويق لقياداتهم وتأهيلهم وصولا إلى إعلان الانفصال في المرحلة القادمة ، فقد كان ما سمي بـ " اتفاق الرياض " يمثل الفصل الأول من عملية شرعنة الانتقالي وقيادته وتسويقه ممثلا وحيدا للقضية الجنوبية فجنى الانتقالي لوحده ثمار هذا الاتفاق فمنذ تم التوقيع على "اتفاق الرياض" في 5 نوفمبر تشرين الثاني 2019م بين الحكومة والانتقالي إلى هذه اللحظة لم ينفذ الانتقالي بندا واحدا مما وقع عليه بينما نفذت الحكومة كل ما يخصها من بنود والتزامات ، فكان تنفيذ من طرف واحد فقط .!!
ثم كانت عملية إشراك الانتقالي في الحكومة مع الشرعية ودمجه معها تمثل المرحلة الثانية من تسويقه وتمكينه من خلال السلطة ليحقق المرحلة الثانية من بنك الأهداف المطلوب تحقيقها خلال المرحلة الماضية .
الآن يشكل المجلس الرئاسي بعدن الغطاء السياسي للمرحلة الثالثة والأخيرة لتمكين الانتقالي في الجنوب وصولا إلى إعلان الانفصال ، فكل قرارات هذا المجلس منذ وصوله عدن تصب بشكل أو بآخر لصالح الانتقالي ، فالمرحلة الأخيرة من تمكين الانتقالي وصولا إلى التجهيز الكامل لدولة الجنوب وإعلانها وتسليمها جاهزة للانتقالي قد مضت الكثير من خطواتها ولم يبق إلا من خطواتها الكبيرة الا هذه المعسكرات والوحدات التابعة للجيش الوطني اليمني ، والقوات المسلحة الوطنية في وادي حضرموت ، وتفكيك وحدات ومعسكرات الجيش اليمني ودمجها في التشكيلات التابعة للانتقالي هي المهمة التي تم تكليف الجنرال هيثم قاسم طاهر للقيام بها ، حيث سيعمل خلال الفترة القادمة ومن خلال رئاسته لهذه اللجنة وبتنسيق وتخطيط واشراف إماراتي وبدعم عسكري التشكيلات المسلحة للإمارات بعدن على إذابة وتفكيك ما تبقى من وحدات وقدرات للجيش اليمني وإذابتها في التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات بعدن .
المجلس الرئاسي بعدن والذي يعمل تحت فوهات بنادق مجندي الانتقالي لن يستطيع عرقلة مخططات الإمارات في الجنوب أو التلكؤ في تنفيذها فهو لا يمتلك قراره ويفتقد لوجود قوة عسكرية وطنية تحميه في عدن ، وقد سمح له بالبقاء في عدن لأداء مهمة محددة وهي : تنفيذ المرحلة الثالثة والاخيرة من التمكين للانتقالي .
الإمارات وأدواتها في عدن يتهمون أن الجيش الوطني اليمني بأنه " مليشيات تابعة للإخوان " ولذا فإن القول بأن الإمارات ستوافق على دمج وتفكيك التشكيلات المسلحة التي شكلتها ومولتها وسلحتها ودربتها منذ سنوات طويلة في الجنوب وصرفت عليها مئات الملايين من الدراهم ، ستوافق على دمج وإذابة هذه التشكيلات المسلحة في الجيش اليمني الوطني هو وهم وكذبة كبرى وأمر بعيد تماما عن الواقع بغض النظر عن أعضاء هذه اللجنة واحترامنا لهم لكنهم لن ينجحوا في عرقلة مخططات الإمارات في عدن حيث يعملون تحت رحمة مجنديها وسطوة أدواتها ، ومن يظنون بأن هذه الهيكلة هي لصالح اليمن وأمنه واستقراره فهم لا يعرفون الإمارات ومخططاتها في اليمن ، بل لا يعرفون حتى أبسط أسس السياسة وأبجديات الواقع .
الإمارات وأدواتها في الجنوب يعتبرون أن هيكلة الجيش بدمج هذه التشكيلات المسلحة التابعة للإمارات في الجيش الوطني اليمني هي : مؤامرة للقضاء على مشروع الدولة الجنوبية ومؤامرة ضد الشعب الجنوبي وطموحاته ، إضافة إلى أنهم ينظرون للجيش بمناطقية مخيفة حيث يرون أن غالبية أفراد الجيش الوطني اليمني ينتمون إلى مناطق شمالية ( ذمار مثلا ) وولائهم للشرعية ولذا فإن هذا الوضع غير صحيح ويجب أن يتم تفكيك هذه الوحدات العسكرية وإلغاء مسمياتها ودمجها تحت قيادات جنوبية وتشكيلات جنوبية من حيث القيادات والتوجه والولاء للإمارات وأدواتها وجعلها بدلا من معرقل لقيام دولة الجنوب التي يجري التجهيز لها إلى أداة عسكرية تابعة لها .!
هل نذكركم بأن الإمارات تعاملت مع الجيش الوطني اليمني بصفته " مليشيات إرهابية " وقامت بقصفه بطائراتها في يومي 29 و30 أغسطس 2019م في مدخل مدينة عدن بعد أن حشد الجيش لدخول عدن واستعادتها من سيطرة القوات التابعة للانتقالي التابع للإمارات ؟!
وقد أسفر هذا العدوان الغاشم والهجوم الغادر عن استشهاد 300 جندي يمني على الأقل وجرح ما يقارب 400 آخرين ، ولذا فإن الإمارات لن تسمح بدمج التشكيلات المسلحة التابعة لها في هذا الجيش اليمني الذي تنظر له باعتباره " مليشيات إرهابية " وقامت بقصفه ، بل لن تسمح ببقاء هذا الجيش ككتلة موحدة ولاءها لليمن الكبير وتعرقل مخططاتها وأهدافها التخريبية بالجنوب وستعمل على تفكيك قواته وإذابتها في التشكيلات المسلحة التابعة لها .
ما سيحدث من هيكلة قادمة للجيش اليمني سينفذها رجل الإمارات في اليمن هيثم قاسم طاهر هي في الحقيقة : مؤامرة إماراتية على الجيش الوطني اليمني ، ومن المؤسف أن المجلس الرئاسي بعدن لا يملك إلا تنفيذ مخططات ومؤامرات الإمارات في اليمن حتى نهايتها ، وبعدها سيتم طرده من عدن وإعلان دولة الجنوب فهم جاؤوا به لهذه المهمة المحددة ، اذ لم يقبل الانتقالي بوجوده بعدن إلا لتنفيذ هذه المهمة فقط لا غير ، ولذا فإن على كافة القوى الوطنية اليمنية إعلان موقف وطني قوي مما يحدث ، ورفض تشكيل هذه اللجنة وخططها التي قد أعدت سلفا في الإمارات وتم طبخها وتجهيزها وما هذه اللجنة إلا مجرد أداة لشرعنة تنفيذها على أرض الواقع وبقرار من مجلس القيادة الرئاسي الذي جاؤوا به إلى عدن لتنفيذ مخططات الإمارات في الجنوب وتحقيقها على أرض الواقع .
الذين يحسنون الظن بالإمارات هؤلاء لا يعرفون الإمارات ولا يعرفون توجهاتها نحو اليمن والذين يحسنون الظن بهيثم قاسم طاهر لا يعرفون أن الإمارات هي من رشحته لهذه المهمة ولا يعرفون حتى أنه رجل الإمارات المخلص في عدن وهي من دعمته ومولته ولمعته وسوقته وكلفته بمهمات لخدمتها وقام بها على أكمل وجه ، ولا يعرفون أنه شخصية انفصالية حتى النخاع ، جنرال عجوز حاقد حقد الجمل على اليمن الكبير ويرى أن مهمته الآن هي تفكيك ما بقي من الجيش الوطني اليمني وإخضاعه للفصائل المسلحة الإماراتية بعدن وتحويله إلى أداة للإمارات وأدواتها .
كم هو مؤلم أن يتعرض اليمن خلال هذه الفترة لعملية تدمير وتفتيت ممنهجة بينما تقف قواه الوطنية أو التي يفترض أنها وطنية تتفرج على ما يحدث بكل صمت وسلبية ، بل وتبارك كل هذا التفتيت والتدمير الممنهج ، كما تتفرج النخبة اليمنية على ما يحدث وكأن ما يحدث تجري وقائعه في عالم آخر لا صلة لها به ، نخبة مخترقة مغيبة وإعلام مدجن يمارس التضليل ويبث الأوهام والأكاذيب بينما من يحذرون من خطورة ما يجري ويستشرفون المستقبل من ضوء مؤشرات الواقع هم قلة تكاد تعد بعدد الأصابع وتكاد تموت ببطء من شدة القهر والإحباط والتهميش .!
أتمنى على كل قارئ لهذا المقال أن يحتفظ به كوثيقة تحذير وصرخة نذير وبلاغ قام به كاتبه الذي يتمنى أن لا يقع وادي غير ذي زرع فيكون كمن ينفخ في قربة مقطوعة ويصرخ في صحراء وفي كل الأحوال فهذا التحذير هو الواجب الذي لابد أن يقال من باب : اللهم هل بلغت ؟ اللهم فأشهد .
التعليقات