ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

المرأة اليمنية في ملازم حسين الحوثي وخطابات عبدالملك: أداة صهيونية وبوابة الفساد والرذيلة

هل يمكن أن تقبل المرأة اليمنية أن تكون أداة لليهود وللمشاريع الصهيونية لاستهداف ثقافة المجتمع اليمني؟ وهل يمكن أن تكون نقطة ضعف يتسلل منها الأعداء لإفساد اليمنيين؟

سؤالان تم توجيههما لعدد من الطالبات في جامعة عدن، وجميعهن أجبن بالنفي، واستبعدن أن يقبل المجتمع اليمني المحافظ أن تؤدي المرأة دورًا لخدمة أجندة تستهدف قيمه وثقافته وأخلاقه، فيما البعض استغربن طرح هذه الأسئلة أساساً، واعتبرنها "مستفزة".

وبسؤال مقابل، ردت الطالبة امتنان علي: هل يعقل أن يتم طرح مثل هذا السؤال والكل يعرف أن هذا لا يمكن حتى مجرّد التفكير به؟

لا تدرك امتنان كغيرها سبب طرح السؤال، لذا كان الاستغراب غالب على ردها، لأنها ترى استحالة أن يكون ذلك في اليمن "لعدم وجود اليهود والصهاينة والأمريكيين أولًا، وثانيًا لأن المجتمع اليمني نفسه محافظ وتأثير المرأة فيه محدود جدا"- كما تقول.

مكانة مقدّسة

هذا الانطباع الذي وجد في إجابات الطالبات اللائي قابلهن "الثورة نت" هو السائد لدى غالبية اليمنيين في مختلف المحافظات، إذ يتوارث المجتمع اليمني منذ القدم عادات وتقاليد تعلي من شأن المرأة، وتتعامل معها بنوع من القداسة التي تدفع المرأة ذاتها للتمسك بها وعدم تجاوزها.

لكن وخلافًا لما يحمله المجتمع اليمني عن المرأة، وما يتوارثونه من أعراف وتقاليد تحميها وتمنع الانتقاص منها، وتدخل من يتجاوزها في نطاق "العيب الأسود" إلا أن المرأة في العقيدة الحوثية وعلى رأسها ملازم حسين الحوثي، ومحاضرات زعيم المليشيا عبدالملك التي يجري تلقينها لأتباعهم في المحاضن التعبوية، تمثل مصدرًا للشر والرذيلة، وأداة بيد قوى خارجية تستهدف المجتمع اليمني.

وتظهر هذه النظرة في التأصيل العقائدي الذي يطرحه مؤسس المليشيا حسين الحوثي في محاضراته والتي تحوّلت إلى ملازم يتم تلقينها في المدارس والجامعات والمراكز الصيفية والدورات التعبوية الحوثية، وهي كذلك في محاضرات شقيقه عبدالملك الحوثي الذي يتزعم المليشيا حاليًا، والذي يلقي خطابات مطولة تحمل ذات النظرة العدائية للمرأة على أتباعه.

بوابة الفساد

ومنذ بداية نشاط الحركة الحوثية العلني في صعدة مطلع القرن الجاري كان حسين الحوثي- مؤسس الحركة- يعمل على تعبئة أتباعه تجاه المرأة اليمنية وحقها في التعليم والعمل والممارسة السياسية.. معتبرا المرأة بوابة للفساد والإفساد الكوني، محددا دورها في الأعمال الزراعية وتربية المقاتلين وإسناد الحرب التي تخوضها مليشياته المسلحة ضد الشعب اليمني بدعم من إيران.

ففي محاضرة له بعنوان "لتحذن حذو بني إسرائيل" ألقاها مطلع فبراير 2002، هاجم حسين الحوثي مشاركة اليمنيات في العمل السياسي، وحقها في العمل والحصول على الوظيفة العامة، والمشاركة في إدارة الدولة.

ووجه حسين الحوثي اتهامات "لا أخلاقية" للمشاركات في العمل السياسي والمدني، طعنت في شرفهن والتزامهن الديني.. معتبراً أن إشراك النساء في العمل السياسي والمدني، والوظيفة العامة، تآمرا يهوديا لأهداف منها تلطيف أجواء المكاتب والحب.

يقول: "اليهود دفعوا المرأة المسلمة لتزاحم الرجل في جميع مناحي الحياة بحجة مشاركتها في المجال السياسي". مضيفًا: "الآن في اليمن يطعِّمون المكاتب بالنساء لتكون أجواء المكتب لطيفة، كلها أجواء حب".

وتابع حسين الحوثي تحريضه على المرأة الموظفة متسائلا: "متى سينصح هؤلاء – يقصد الموظفين من الرجال - لشعبهم وأجواء مكاتبهم كلها حب؟! مردفا: "يسرح الموظف من بيته وهو يحاول كيف يكون شكله مقبولاً أمام الموظفة، أمام السكرتيرة، أو أمام امرأة أخرى تشاركه في مكتبه، الآن يعملون على أن تشارك المرأة الرجل في المكاتب، في الدوائر الحكومية، ويعتبرون أن هذه هي المشاركة الحقيقية للمرأة في الحياة".

وعن الوظيفة الحقيقية في نظره، يقول مؤسس المليشيا الحوثية في ذات المحاضرة: "المشاركة الحقيقية هي ما تقوم به المرأة في الريف من تربية الأبقار والأغنام وتوفير الحطب والماء لا أن تكشف وجهها وتزاحم الرجل في المكاتب ومحطات التلفزيون والأعمال الأخرى".

ولمحاولة إقناع أتباعه بهذه الإتهامات "اللا أخلاقية" نحو المرأة اليمنية، والتي تعتبر جريمة تشهير وهتك عرض- وفق قانونيين- حاول إخراجه بصبغة دينية، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو من أمر بأن تعمل المرأة في المنزل.

ودأب حسين الحوثي عند حديثه عن المرأة في محاضراته على اعتبارها بوابة الشر والفساد، ونقطة الضعف التي يتسلل منها الأعداء لإفساد الأمة الإسلامية عموماً والمجتمع اليمني على وجه الخصوص، قائلاً: إن "اليهود يركّزون على الجانب الأخلاقي الذي وسيلته المرأة" وأن "المرأة هي وسيلة سهل إفسادها، وعظيم جداً إفسادها أيضاً، إنها تفسد بسهولة، وهي من تفسد الرجل بسهولة أيضاً."

لا تعليم

ولم يتوقف مؤسس مليشيا الحوثي عند رأيه المتشدد تجاه مشاركة المرأة اليمنية في العمل المدني والسياسي، بل هاجم بشدة تعليمها وتأهيلها وتدريبها في المجالات التخصصية، ووجه اتهامات "لا أخلاقية" للمعاهد التعليمية المتخصصة التي تقدم الدورات التدريبية والتأهيل، وقال إن هذه المعاهد تعلم المرأة "السفور".

وقال في المحاضرة ذاتها: "كل الأعمال التي تدفع المرأة إلى السفور والتبرج تمول من الأموال العامة للشعب ويقوم بها القطاع الخاص ومعاهد التدريب والتعليم التي يتخرجون منها فيما بعد مخرجين أو ممثلين."

وفي محاضرة أخرى بعنوان "من نحن ومن هم" ألقاها في يناير 2002 اعتبر حسين الحوثي أن تعليم الفتاة يصب في صالح إسرائيل، معتقداً أن كل برامج تعليم الفتاة في اليمن تقف وراءها إسرائيل وتنفّذ بتمويل منها، قائلًا: "لولا أن اليهود واثقون بأن تعليم المرأة يجعلها كما يريدون لما ألحوا علينا أن نعلمها".

وأضاف: "اليهود يريدون أن تتعلم ا لمرأة كيف تربي جنوداً صهاينة وتنجب مجتمعاً وأجيالاً خدام لهم". مردفا أن اليهود "يبذلون الأموال الكثيرة في بناء المدارس من أجل أن تتعلم المرأة لأنهم واثقين بأننا سنتعلم رجالاً ونساء ونصبح في الأخير كما يريدون".

كما هاجم مؤسس مليشيا الحوثي، الدعوات التي تطالب بتعليم المرأة قائلاً: "الذين ينادون بتعليم المرأة يريدون أن تصبح وسيلة لإفساد الرجل".

وفضلاً عن ذلك طعن حسين الحوثي في أخلاق المرأة اليمنية المتعلمة وغير المتعلمة، متهمًا اليمنيات بالانجراف نحو السفور والتبرّج، قائلاً: "المرأة اليمنية الآن تحاول أن ترفع ثوبها قليلاً قليلاً وتكشف جزءاً من شعرها قليلاً قليلاً وكل سنة نلحظ المشهد العام في صنعاء أسوء في هذا المجال من السنة الماضية"

المرأة الإيرانية مثلاً

وعلى عكس اللغة الاتهامية لحسين الحوثي على المرأة اليمنية المشاركة في العمل السياسي والمدني، واتهامه لها باستخدامها أداة لنشر الشر، يمجد في محاضرة له بتاريخ 16 يناير 2002 النساء الإيرانيات، ويرى فيهن مثالًا للتضحية وتقديم القتلى والجرحى.

محاضرة حسين الحوثي حملت عنوان (المرأة الصالحة تُسهم في صنع الأبطال) وقال: "لقد بلغ الأمر بالنساء الإيرانيات أن أصبحن يفتخرن، تفتخر إحداهن بأنها أصبحت أم أربعة شهداء، وأخرى تفتخر بأنها أصبحت أم ثلاثة شهداء، وهكذا أصبحن يتفاخرن بأنهن أمهات شهداء، وزوجات شهداء".

ومضى مستدلا على إعجابه بالإيرانيات بمربية الخميني، وكيف أنها استطاعت أن تجعل منه رجلًا عظيمًا بقوله: "يقال أن الإمام الخميني (رحمة الله عليه) ذلك الرجل العظيم الذي استطاع بإيمانه وشجاعته وقوة نفسه أن يكون على هذا النحو الذي خلق فعلاً تجديداً في العالم، وخلق صحوة إسلامية، وأرعب أعداء الله، وعمل على إعادة الثقة لدى المسلمين بدينهم، يقال: أن خالته- وهي من تولت تربيته- كانت تقول له: [أنت عظيم، أنت بطل، أنت ستكون شجاعاً، أنت ستكون بطلاً، أنت ستكون عظيماً].

وفي المقابل، لا يوجد أي إشادة بالمرأة اليمنية من قبل قيادات مليشيا الحوثي إلا نادراً فيما يتعلّق بدور البعض ممن سمحن لأبنائهن بالالتحاق بهم أو التبرّع بمقتنياتهن لـ"المجهود الحربي" أو من يقمن بإنتاج الكعك والوجبات الغذائية للمقاتلين.

لا حقوق

ومن خلال قراءة لمجموعة من خطابات عبدالملك الحوثي، زعيم المليشيا الحالي، خلال عام واحد من إبريل 2021 وحتى إبريل 2022، أظهرت ثلاثة خطابات سيره على نهج أخيه المؤسس في النظرة الاتهامية للمرأة اليمنية، وأنها أداة لليهود والمشاريع الغربية التي تستهدف المجتمع والدين الإسلامي، حيث يرى في "حقوق المرأة" ذريعة غربية لنشر الفساد في اليمن.

ففي خطابات متلفزة تابعها "الثورة نت" اعتبر عبدالملك الحوثي المرأة الأداة التي يستخدمها الغرب وإسرائيل لاستهداف المجتمع، وتفكيكه، ومنها ما أكده في خطابه بتاريخ 28 إبريل 2022 الذي قال فيه إن الأمريكيين "يسعون إلى تفكيك الأسرة، وعنوان المرأة هو عنوان رئيسي بالنسبة لهم؛ لفصل الأسرة وتفكيك الأسرة من الداخل، فصل المرأة عن الأسرة، الاتجاه بها لتكون كياناً مستقلاً، منفصلاً، له مطالبه، له توجهاته لوحده، وهذا تضليل رهيب جداً؛ لأن الواقع البشري قائم على أساس التكوين الأسري".

وفي خطاب له بمناسبة ما يسمّونه "الذكرى السنوية للشهيد" في فبراير 2022، اعتبر زعيم المليشيا الترويج لحقوق الإنسان وحقوق المرأة ترويجًا للفساد والمنكرات والفواحش قائلا: "الغرب يسعى لاستعباد الأمة وإفسادها تحت عنوان حقوق الإنسان، حقوق المرأة وفي نهاية المطاف يمتدون بهذه الحقوق إلى الترويج للفساد، للمنكرات، للفواحش، للجرائم."

وفي خطاب ثالث بتاريخ 6 مايو 2021، قال إن "اليهود والصهاينة يعملون على نشر الكثير من الثقافات والمفاهيم التي تخرج المرأة عن حشمتها".

وقال في خطاب آخر بمناسبة ذكرى "المولد النبوي" في أكتوبر 2021 إن "قوى الطاغوت والجاهلية سعوا إلى التفريق بين المجتمع البشري؛ لتحويل المرأة إلى كيانٍ منفصلٍ عن الأسرة".

مخرجات التعبئة

ومنذ اجتياح المليشيا الحوثية للعاصمة صنعاء في سبتمبر 2014 أفقدت المرأة اليمنية معظم المكاسب التي كانت قد حققتها منذ قيام الجمهورية عام 1962، حيث أوقفت المليشيا رواتب عشرات الآلاف من الموظفات في قطاعات التعليم والصحة والمؤسسات الحكومية الأخرى، وحرمت كثير منهن من العمل والوظيفة.

ووثقت تقارير دولية ومحلية آلاف الجرائم التي ارتكبتها مليشيا الحوثي بحق المرأة، كنتاج للتعبئة العدائية المتواصلة ضدّها، وتنوعت بين القتل والجرح والاعتداء والاختطاف، والأخذ كرهائن، واستخدام تهم الدعارة للمعارضات سياسيا للمليشيا، وعشرات الانتهاكات الأخرى.

وخلال الفترة من سبتمبر 2014 وحتى نهاية ديسمبر 2019، وثق تقرير لمنظمة رايتس رادر لحقوق الإنسان- هولندا- ارتكاب مليشيا الحوثي 14 ألف و907 انتهاكاً بحق النساء منها 668 جريمة قتل، و1733 حالة إصابة، و353 حالة اختطاف.

وفي ديسمبر 2019، قالت وزارة حقوق الإنسان إن "هناك أكثر من270 امرأة يمنية ما تزال مختطفة لدى مليشيا الحوثي، بعضهن وُجه لهن تهماً تتعلق بالجرائم الأخلاقية، وتكون في النهاية واحدة من ضحايا الشرف".

وخلال الفترة 2018- 2019، وثق فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن "اتجاهاً ناشئاً" يتمثّل في أخذ الحوثيين للنساء والفتيات "كرهائن على نحو مستهدف". مؤكّداً تلقيه أدلة "عن وجود اتجاه ناشئ للحوثيين، حيث احتجزت عدداً كبيراً من النساء على أساس انتمائهن السياسي أو معارضة ملموسة، وتم استخدام التهم الرسمية المتمثّلة في الدعارة "لإضفاء الشرعية" على هذا الأمر ومنع النساء الأخريات من المشاركة السياسية.

وقال الفريق في تقرير المقدم إلى مجلس حقوق الإنسان ف سبتمبر 2019، إن الحوثيين في صنعاء والحديدة أقدموا على "اختطاف واحتجاز 7 نساء وفتيات مختلفات لفترات تصل إلى 8 أشهر لإجبار الأقارب على قبول مطالبهم". موضحاً أنه "في إحدى الحالات، فعلوا ذلك لإجبار منشق حوثي على الاستسلام. وفي حالات أخرى، احتجزوا النساء والفتيات بتهمة السفر دون وصي محرم واحتجزوهن كفدية".

وأكد الفريق حصوله على أدلة تثبت "حدوث انتهاكات في سلسلة من المظاهرات التي تقودها النساء في صنعاء خلال ما لا يقل عن 5 مظاهرات في عام 2017 و2 على الأقل في عام 2018، مؤكداً تعرّض "ما يزيد عن 300 امرأة وفتاة للعنف والترهيب، بما في ذلك كشف النقاب من قبل الحوثيين، وتفاقمت بسبب تهديدات الاغتصاب والاعتداء الجنسي واتهامات بالدعارة".

وأضاف أنه تحقيق من "حالة واحدة لامرأة ظلت مختفية لأثر من 8 أشهر بهذه الطريقة، وكانت لهذه التهم عواقب وخيمة على أسرتها". كما حقق في قضية أخرى من هذا القبيل وصفت فيها امرأة تعرضها للاغتصاب في مناسبات متعددة على مدى أشهر بعد محاضرات مؤيدة للحوثيين ومحاضرات عن الدين. ووصفت أن الشيء نفسه حدث مع ناشطات أخريات، وذكرت أن هذه الاعتداءات تحدث داخل شبكة أوسع من المنشآت السرية التي تحدث فيها هذه الممارسات.

ا*لثورة نت

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.