مع تصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية والخدماتية.. الوضع مرشّح للانفجار في عدن
ذكرت مصادر محلية أن الوضع مرشح للانفجار في العاصمة المؤقتة عدن، مع تصاعد الأزمات الأمنية والاقتصادية والخدماتية، وهو ما دفع كثيرا من سكان المدينة إلى النزول للشارع للتعبير عن استيائهم من الحكومة التي لم تحرك ساكناً حيال هذه الأزمات، ولم تسهم في التخفيف من حدتها، رغم استقرارها في عدن منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي مطلع أبريل الماضي.
إحباط من الشعارات
وطالب المحتجون الحكومة الشرعية بالتدخل العاجل لحل هذه الأزمات المتلاحقة التي تطحن السكان دون هوادة، وإلا فلترحل عن مقاعد السلطة، وخرجت هذه المظاهرات الاحتجاجية، وإن كانت متواضعة العدد، عن سيطرة الحكومة وعن الخطاب المعتدل في التعبير عن القضايا المطلبية، حيث رفع المتظاهرون هتافات مناطقية تطالب برحيل رئيس الوزراء معين عبد الملك ورئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي من العاصمة الحكومية المؤقتة عدن، لأنهما من محافظة تعز، التي تعد ضمن محافظات الشمال، بفترة ما قبل الوحدة اليمنية.
وبقدر احترام الشارع اليمني لحماسة المتظاهرين والمحتجين في عدن، والتعبير عن قضيتهم الجمعية، أصيبوا بحالة إحباط من الشعارات التي رفعها المتظاهرون، وهتافاتهم التي كانت تفوح منها رائحة المناطقية والقروية، على حساب القضية الرئيسية وهي القضية المطلبية بتحسين الأوضاع الاقتصادية والأمنية والخدماتية، وفي مقدمتها الحد من الارتفاع الجنوني لأسعار الوقود، وكذا أسعار المواد الأساسية، بالإضافة إلى عدم استقرار العملة المحلية الريال في مناطقة سيطرة الحكومة الشرعية.
وفي الأثناء، قال عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، خلال فعالية الدورة الخامسة للجمعية الوطنية التابعة له، إن الانتقالي سيستمر في مهمته التي أسس من أجلها، حتى تحقيق ما سماها بـ «دولة الجنوب».
وأضاف: «المجلس استحقاق جنوبي يهدف إلى المضي صوب تحقيق الاستقلال مهما كان الثمن». وتابع: «حان الوقت لحوار مواز من الداخل، لترجمة اتصالاتنا الجنوبية المشتركة إلى ميثاق شرف وطني يتم التوافق عليه مع كافة القوى والمكونات الجنوبية في العاصمة عدن، لضمان تحقيق أهدافنا الوطنية المشتركة، ومشاركة كل شرائح شعبنا الجنوبي في صناعة ملامح مستقبل دولة الجنوب».
وأوضح أنهم وجهوا وحدة شؤون المفاوضات التابعة لهم بالبدء في «التواصل لتشكيل وفد وطني جنوبي يقوده المجلس الانتقالي بمشاركة وحضور وتمثيل مختلف القوى والكفاءات الجنوبية لتمثيل قضية شعب الجنوب المشروعة في العملية السياسية».
ودعا عيدروس الزبيدي إلى سلام شامل يضمن «استعادة الجنوب إلى أهله»، مشيراً إلى أن «هذا يأتي من خلال عملية سياسية شاملة يشارك فيها الجميع، ويقرر من خلالها الجنوبيون مصيرهم وفق تطلعاتهم المشروعة والمعلنة».
وشدد على «ضرورة تشكيل وفد تفاوضي مشترك وفق ما نص عليه اتفاق الرياض وأكدته مشاورات مجلس التعاون، وكذا وضع محددات واضحة متفق عليها للعملية السياسية الشاملة».
الخلافات تتجذّر
الخلافات تتجذّر كل يوم بين عيدروس الزبيدي ورئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حيث حاول الأخير بكل ما أوتي من قوة احتواء الزبيدي خلال فترة الشهرين والنصف الماضية من عمر مجلس القيادة، غير أنه مضى في طريقه المعاكس لتيار المجلس الرئاسي والذي يتجه نحو التأزيم مع مرور الوقت، ضد المجلس الرئاسي والشرعية برمتها، كما فعلها من قبل مع الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي.
وأوضح أن الحكومة والوسط السياسي اليمني كانا يتوقعان أن يكون تعيين الزبيدي كعضو في مجلس الرئاسة يعد حلاً لوقف توجهه الانفصالي من خلال إشراكه في أعلى سلطة في البلاد لصناعة القرار وجعله جزءاً من الشرعية ومن السلطة الحاكمة.
غير أنه منذ البدايات الأولى لتوليه هذا المنصب يعلن تمرده بأشكال متعددة، ابتداء من أدائه القسم الدستوري بشكل مخالف لما نص عليه الدستور والقانون اليمني، مروراً بعدم التوافق مع كل خطوة يخطوها المجلس الرئاسي، وانتهاء بممارسته لأنشطته السياسية المخالفة جملة وتفصيلاً لتوجهات الشرعية اليمنية، ويقف دوماً في النقيض من مساراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
وكان اليمنيون تفاءلوا خيراً بتشكيل مجلس القيادة الرئاسي في إبريل الماضي، لاستعادة العافية للسلطة الشرعية في البلاد بعد الجمود القاتل الذي شهدته فترة حكم الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وكانوا يعوّلون على هذا المجلس بإذابة الخلافات البينية بين القيادات السياسية والعسكرية التي تتمتع بالعضوية فيه، وتغليب مصلحة الوطن.
غير أن ذلك لم يحصل، وما شهدته الفترة الماضية ما هو إلا نقل لهذا الخلاف من أروقة المكونات السياسية والعسكرية إلى أروقة قمة هرم السلطة المتمثلة بمجلس الرئاسة، والذي إذا فشل في احتواء هذه الأزمة بين أعضائه لن تقوم للسلطة الشرعية أي قائمة مستقبلاً، خاصة أن هذا المجلس يحظى بقبول ودعم إقليمي ودولي كبير، على أمل أن يلعب دورا في حلحلة الأزمة اليمنية برمتها ويتجه بجدية نحو التفاوض مع المتمردين الحوثيين لوضع حد للحرب الراهنة في البلاد.
ورغم الوعود العريضة بالدعم الكبير الذي التزمت به دول التحالف العربي بقيادة السعودية مع مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، غير أن تلك الوعود تبخرت بعد أسابيع، ولم تر النور حتى الآن، إلا الفتات من تلك الوعود المتعلقة بالجانب الاقتصادي، بينما لم يتم الوفاء بأي وعود أخرى.
وما زال الوضع على حال ما قبل تشكيل المجلس الرئاسي في كثير من الجوانب الاقتصادية والسياسية والأمنية والعسكرية وغيرها، بل وعقدت الأمور أكثر من ذي قبل وتدفع بالبلاد نحو مصير مجهول.
المصدر | القدس العربي
التعليقات