ماهي احتمالات تحقيق تقدم سياسي لإنهاء الحرب في اليمن في ظل اهتمام أمريكي لافت بتمديد الهدنة؟

مع إعلان تمديد جديد للهدنة الأممية في اليمن مساء أمس الثلاثاء، بدا لافتاً الاهتمام الأمريكي بهذه الخطوة حيث رحب الرئيس بايدن بالخطوة التي اعتبرها "فرصة ثمينة" في حين عبر أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن أشادتهم وطالبو البيت البيض على المساعدة في إنجاز حل سلمي ودائم.

وينظر المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى الهدنة بأنها قد تؤسس لهدوء يساعد على توصل الأطراف اليمنية إلى اتفاق سياسي ينهي القتال، لكن مازالت تلك الطموحات بعيدة عن الواقع نسبياً في ظل هشاشة الهدنة الحالية ورفض الحوثيين الالتزام ببنود الهدنة فيما يخص فتح الطرق في مدينة تعز.

وأعلنت الأمم المتحدة، عن تجديد الهدنة الأممية في اليمن لمدة شهرين إضافيين، بعد أربعة أشهر من إعلانها في مطلع إبريل الماضي، وقال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، في بيان صحافي "أنَّ الطرفين اتَّفَقَا على تمديد الهدنة بالشروط ذاتها لمدة شهرين إضافيين من 2 آب/أغسطس 2022 وحتى 2 تشرين الأول/أكتوبر 2022، ويتضمن هذا التمديد للهدنة التزاماً من الأطراف بتكثيف المفاوضات للوصول إلى اتفاق هدنة موسَّع".  

 

إهتمام أمريكي

وأشاد ثلاثة من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، على رأسهم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب مينينديز، بتمديد وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة في اليمن، وبعثوا برسالة - ترجمها "يمن شباب نت"- إلى الرئيس بايدن "يحثون فيها البيت الأبيض على العمل مع الأمم المتحدة للمساعدة في تسهيل حل سلمي ودائم للصراع في اليمن وضمان تمديد الهدنة الحالية التي توسطت فيها الأمم المتحدة".

ودخلت الأطراف المتحاربة في اليمن في وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في أبريل، ووافقت لاحقًا على تمديد لمدة شهرين في يونيو، مع انتهاء هذا الاتفاق في 2 أغسطس، وحث أعضاء مجلس الشيوخ الرئيس بايدن على "الضغط على الأطراف اليمنية لتمديد، ودعم وتوسيع العناصر الأولية لاتفاقية الهدنة".

وكتب أعضاء مجلس الشيوخ الثلاثة: "لقد لمحنا بالفعل فوائد السلام"، ووفقًا لمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، هانز غروندبرغ، أدت الهدنة إلى انخفاض بنسبة 60 في المائة في الخسائر المدنية، وانخفاض بنسبة 47 في المائة في النزوح، و20 رحلة طيران تجارية ذهابًا وإياباً، ودخول 26 سفينة وقود ميناء الحديدة تحمل ما يقرب من ضعف كمية الوقود التي دخلت البلاد في عام 2021 بالكامل في أربعة أشهر فقط، كما التقى آلاف المواطنين اليمنيين بعائلاتهم في الخارج لأول مرة منذ سنوات.  

وقالت الرسالة "وفي حين أن بعض عناصر الهدنة لم يتم تنفيذها بالكامل ولا يزال هناك المزيد من العمل لمنع كلا الجانبين من العودة مرة أخرى إلى الصراع المفتوح، يبدو أن كلا الطرفين قد انخرطا إلى حد كبير بحسن نية للوفاء بالتزاماتهما".

وتابعت رسالة أعضاء مجلس الشيوخ "ما يحتاجه الشعب اليمني الآن هو استمرار الهدنة لإتاحة المزيد من الوقت والمساحة للدبلوماسية والمفاوضات القائمة على المبادئ لتحقيق سلام دائم.  لقد أعطت الهدنة بصيص أمل لشعب اليمن الذي عانى الكثير من الخسارة".

واختتمت الرسالة بالقول "حان الوقت الآن لممارسة كل خيار دبلوماسي لتحقيق تمديد الهدنة وإتاحة مزيد من الوقت للتفاوض لإنهاء هذا الصراع".

 

احتمالات التقدم السياسي ومخاطر القتال

يُنظر إلى تحويل الهدنة إلى اتفاق سياسي على أنه مهمة شاقة بسبب انعدام الثقة العميق والأجندات المتنافسة بين الفصائل اليمنية التي لا تعد ولا تحصى، فحتى داخل التحالف المناهض للحوثيين، هناك عدة مجموعات تتنافس على السلطة، بما في ذلك الانفصاليون الجنوبيون المدعومون من الإمارات والذين يريدون الانفصال عن الشمال.

ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن الأطراف اليمنية للعمل بشكل بناء للتوصل إلى اتفاق شامل يتضمن خطوات لتحسين حرية التنقل وتوسيع مدفوعات الرواتب وتمهيد الطريق لحل دائم للنزاع في اليمن.  

 أضاف - في بيان نشرة البيت الأبيض - "تمديد الهدنة في اليمن والتوصل إلى حل نهائي للصراع كان أيضًا موضوعًا رئيسيًا للنقاش خلال زيارتي الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية".

وقال: "إننا نحث الأطراف اليمنية على اغتنام هذه الفرصة للعمل بشكل بناء تحت رعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق شامل وشامل يتضمن خطوات لتحسين حرية التنقل وتوسيع مدفوعات الرواتب وتمهيد الطريق لحل دائم للنزاع بقيادة يمنية".

وفي هذا السياق وقال المحلل المتخصص بشؤون اليمن، بيتر سالزبري من مجموعة الازمات الدولية: "بالنظر إلى أن أطراف النزاع لديهم أفكار مختلفة بشكل حاد حول الشكل الذي قد تبدو عليه عملية السلام، فسيكون من الصعب للغاية الانتقال من الهدنة إلى المحادثات".

وقال "إنه لبناء الثقة، ستحتاج الأمم المتحدة إلى إحراز تقدم في إعادة فتح الطرق في مدينة تعز وما حولها والتفاوض على دفع الرواتب على مستوى البلاد"، وفق تصريح نقلته وكالة "رويترز".

وتقول الأمم المتحدة إن كلا الجانبين أبلغا عن انتهاكات مزعومة للهدنة وتعزيزات على الخطوط الأمامية الرئيسية، وقال عمرو البيض من المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي، وهو جزء من التحالف المناهض للحوثيين، إن الأطراف تستعد بحذر لأعمال قتالية جديدة حتى مع تمديد الهدنة.

 وقال سالزبوري: "إن اليمن بحاجة إلى عملية سياسية تخلق مساحة لحوار متعدد الأطراف طويل الأمد".

وأضاف: "لكن النتيجة الأكثر ترجيحًا هي دفع دولي كبير من أجل اتفاق سلام يلبي احتياجات الحوثيين والسعوديين، لكنه يترك معظم الجماعات اليمنية الأخرى مهمشة وغاضبة - وهي أرض خصبة لتجدد الصراع".

 والاثنين الماضي نفذت ميلشيات الحوثي استعراضاً عسكرياً في المنطقة العسكرية الرابعة التي تضم مدينتي تعز والعاصمة المؤقتة عدن، في تهديد يعكس نية الميلشيات في التحشيد العسكري لخرق الهدنة، في الوقت الذي نفذت هجمات على مناطق سكنية استهدفت أطفال، في الأيام الأخيرة للهدنة في مدينة تعز.

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية