كيف تحوّل المجلس الرئاسي إلى مسيرة لمليشيات التشطير!

استكملت مليشيا المجلس الانتقالي، المدعومة من السعودية والإمارات، إحكام سيطرتها على المناطق التي كان يسيطر عليها الجيش الوطني في محافظة أبين، بعد ساعات من إعلانها عن عملية عسكرية تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

رئيس المجلس الرئاسي، رشاد العليمي، المتواجد في الرياض، كان قد أصدر توجيها بإيقاف العملية، لكن الانتقالي يمضي منفردا في قضم البلاد بضوء أخضر من السعودية والإمارات، في ظل تراخٍ وصمت من قِبل الرئيس وبقية أعضاء المجلس.

يعيش المجلس الرئاسي لحظة تشظْ تعكس تباين أجندة مكوّناته، فخطوة تشكيله من أساسها لم تكن أرضيّتها مقاومة للانقلاب الحوثي وتحرير البلاد، لذا ذهب الإخوة الأعداء إلى التناحر، تاركين مليشيا الحوثي تعيش حالة استقرار غير مسبوقة.

هل المجلس الرئاسي في طريقه إلى التفكك، أم أن مشروع السعودية والإمارات في تفتيت البلاد ماضٍ وفق ما هو مرسوم له؟

 

- أهداف مرسومة

في هذا السياق، يقول رئيس مركز الجنوب اليمني للدراسات، عمر بن غالب اليافعي: "هناك ثلاثة أهداف رئيسية من هذه الأحداث والتحرّكات، أولها: القضاء على الوحدات العسكرية والأمنية التابعة للدولة، واستبدالها بمليشيات تحت مسمّى الأمر الواقع".

وأضاف لبرنامج المساء اليمني، الذي بثته قناة بلقيس مساء أمس، أن "الهدف الثاني من هذه التحركات هو السيطرة على الحقول النفطية والمداخل الرئيسية والموانئ، وتسليمها للمليشيات من أجل التحكم بالجغرافية اليمنية من قِبل التحالف، وإفقاد السيطرة عليها من قبل القوات الحكومية".

وتابع: "الهدف الثالث هو تفكيك المنطقة العسكرية الأولى، باعتبارها المنطقة العسكرية الوحيدة التي ماتزال متماسكة، ولديها سلاح ثقيل".

ولفت إلى أن "هناك معلومة، ربما الكثير يجهلها، وهي أن التحالف عندما دخل المنطقة العسكرية الثانية في المكلا عام 2015 - 2016م قام برمي السلاح الثقيل كله في البحر، وهناك وثائق تثبت هذا الأمر، حتى يفقد المنطقة أي سلاح قوي ويضعف الجيش".

وزاد: "كما أنه قام باستهداف قافلة عسكرية كانت تحوي على أسلحة ومعدات عسكرية ثقيلة في الصحراء، وهذه الأهداف الثلاثة الهدف الرئيسي منها هو إضعاف الدولة، وإفراغها من الجيش، وتسليمها للمليشيات".

وأشار إلى أن "التحالف يقوم بهذه الفوضى والتجريف الذي يطال الجيش الوطني من خلال آليتين، الأولى: هي الوحدة الخاصة التي تقوم بالجانب العسكري، من بناء المليشيات ودعمها عسكريا بالعدة والعتاد والتنسيق معها، وهي لجنة سعودية إماراتيا، فيما الآلية الأخرى عبر المجلس الرئاسي الذي وضّف قلمه في التوقيع على قرارات تؤيّد هذا التمرّد، لتسليم الجنوب عسكريا للانتقالي، مع أنهم لن يؤدوا بالجنوب للانفصال، ستبقى الأمور ضمن هامش اللا دولة، ليتم تسليم الجنوب لمليشيا الانتقالي والجنوب لمليشيا الحوثي".

وفي حديثه عن المجلس الانتقالي، قال اليافعي: "الانتقالي لا يملك قرارا بذاته، وليس مشروع وطني، ولا يحظى بالتفاف جماهيري".

وأضاف: "تم صناعة الانتقالي بطريقة سمجة، ومجلس نسخ من العناصر الانتفاعية والانتهازية، ورأينا الكثير من أعضائه صاروا أثريا، وهذا إدى إلى سخط من الناس".

وأوضح: "نحن لا نرى المجلس الانتقالي كممثل شرعي، لأنه جاء بوصاية خارجية، ويتم التعامل معه ككفيل ومكفول، وعوائل أعضائه محتجزة في أبو ظبي، هاني بن بريك أين هو؟".

وقال: "مليشيات الانتقالي تريد التخلّص من أي قوى وطنية في شبوة وأبين حتى تلتئم المحافظتان، وإذا عدنا إلى الوراء قليلا سنجد بأن شبوة وأبين تشكلان عقبة أمام ثلة الضالع ويافع وردفان، وهذه حقيقة من عام 1986م".

 

- خطاب دولة وتصرّف مليشيات

من جهته، يقول رئيس تجمع القوى المدنية الجنوبية، عبدالكريم السعدي: "المجلس الرئاسي مازال يعاني من مشكلة، كونه يتحدث بخطاب دولة ويتصرف بسلوك مليشيات، وكأنه لم يستوعب بعد بأنه يمثل دولة، ويتصرف بسلوكيات المليشيات".

وأضاف: "أصبح المجلس الرئاسي في ظل هذا الصراع وهذا التناقض مجرد مظلة يستثمرها رؤساء المليشيات، الذين جمعتهم السعودية والإمارات، لتجعل منهم مجلس قيادة غير شرعي حتى اللحظة، ولم تتحدد ملامحه، كونه جاء لتنفيذ الأجندة التي رفض الرئيس هادي تنفيذها".

وأوضح أن "ما حدث في أبين اليوم يؤكد أن المجلس مازال لم يتجاوز حالة الانفصام، وما زالت المليشيات تتصرف بذات التصرف، وتستفيد من مظلة مجلس يمثل دولة، وتحقق مشاريع إقليمية على حساب اليمن".

وأشار إلى أنه "ليس هناك مبرر لدخول المليشيات إلى محافظة أبين، وقبلها محافظة شبوة، لتمزيق النسيج المجتمعي الجنوبي، وإثارة المناطقية بين أبناء الجنوب، وهذا يخدم العدو الحوثي".

وقال: "رشاد العليمي أمام مسؤولية كبرى، وهو الطرف الأضعف داخل المجلس الرئاسي، وعليه أن يتحمّل هذه المسؤولية باقتدار، أو أن يحمي نفسه من هذه المهانة، لأن العصابات اليوم تتصرف تحت مظلته، وهو غير قادر على فعل شيء".

 

- جسر عبور

من جهته، يقول مستشار وزير الداخلية، سالم بن جذنان النهدي: "الانتقالي أعلن عن العملية العسكرية ضد القوات الحكومية في أبين، لكن القوات الحكومية لم تتعامل معهم ورحّبت بهم، كونها تعلم بأنها باتت محاصرة وغير قادرة على مواجهة مليشيات لديها إمكانيات عسكرية كبيرة إلى جانب الطيران المسيّر الإماراتي".

وأشار إلى أن "هذه المليشيات لا تعلم بأنها مجرد جسر عبور لطارق صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام، في سبيل إعادته إلى الواجهة مجددا".

وأضاف: "ستكون هناك مرحلة ثانية سيتم فيها استهداف هذه المليشيات التابعة للانتقالي، باعتبارها ترفع أعلاما تشطيرية، ومن هنا ستبقى قوة طارق صالح هي الباقية".

وأكد أن "ما يحدث الآن هو عملية تشتيت للانتقالي ليتمكن طارق صالح والعمالقة من السيطرة والعودة تحت راية المؤتمر الشعبي العام، وإقصاء حزب الإصلاح من المشاركة في التسوية السياسية القادمة، وعلى ما يبدو بأن التحالف منسق مع مليشيا الحوثي على هذا الأمر".

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية