أداء هش وخنوع تام لمشاريع التمزيق.. هكذا خيّب العليمي آمال اليمنيين!

خيّب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، آمال اليمنيين جنوبا وشمالا على السواء، جراء الأداء الهش الذي ظهر به بعد أكثر من 4 أشهر على تسلّمه مقاليد حكم البلاد.

عقب تعيينه رئيسا لمجلس القيادة الرئاسي، الذي فرضته السعودية والإمارات بدلا عن الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي، تغاضى الشارع اليمني عن الطريقة غير القانونية لانتقال السلطة، كنوع من الحرص على وحدة الصف، ورغبة في الحصول على نوع من الاستقرار المفقود طيلة السنوات الماضية.

جنوبا، كانت الآمال معلّقة بوجود شخصية توافقية قادرة على تقديم نموذج مشرِّف للحكومة الشرعية، التي عاشت في سبات عميق بالمنفى طيلة سبع سنوات، يعيد الخدمات إلى كافة المدن والأرياف، ويداوي جروح التشرذم، وفي الشمال أيضا، استبشر الناس خيرا بوجود قيادة موحّدة قادرة على هزيمة المشروع الانقلابي المدعوم إيرانيا عسكريا أو سياسيا، وتخليصهم من شرور المليشيات الجاثمة على صدورهم منذ أواخر 2014، لكن كل تلك الآمال تبخّرت سريعا.

بدا المشهد قاتما بعد أسابيع معدودة من ممارسة العليمي مهامه من داخل قصر معاشيق الرئاسي في العاصمة المؤقتة عدن. فالرجل الذي وعد البرلمان بتحقيق عدد من المعجزات على رأسها استعادة الدولة، وتكريس منهج التوافق والشراكة، قضى في وقت قياسي على آخر وجود للدولة في مدن الجنوب بعد سقوط محافظتي شبوة وأبين في قبضة المليشيات الانفصالية المدعومة من السعودية والإمارات، كما قام بوأد فكرة التوافق قبل أن تخرج إلى العلن بشكل حقيقي.

 

- دولة مستباحة

لم يكن أكثر الناس تشاؤما يتوقّع أن يظهر رئيس مجلس القيادة بهذا الأداء الباهت في أول اختبار حقيقي على سدة الحكم، وخصوصا أولئك العارفين بتاريخه السابق كسياسي مخضرم ورجل أمني قادر على احتواء الخصوم واللعب على وتر التناقضات.

وكان من الواضح أن الصرامة والحزم، اللذين عُرف بهما رشاد العليمي عند تقلّده عددا من المناصب الأمنية ابتداء من إدارة أمن تعز وصولا إلى موقع وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن في حكومات صالح، قد أصبحا جزءا من الماضي. فالرجل، الذي كان يتفاخر بتطبيق القانون على رؤوس الجميع، أصبح يبارك عمليات انتهاكه، بل ويشارك في ذلك.

شكّل اجتياح -نفذته المليشيات الانفصالية- قصر "معاشيق" عشية الاحتفال بعيد الوحدة اليمنية، وإنزال العلم الوطني من مقر إقامة عضو مجلس القيادة، طارق صالح، الرصاصة الأولى في نعش الشرعية الجديدة، وما تبقّى من جسد الدولة.

في تلك اللحظة، التي أُهينت فيها كرامة القصر الرئاسي، بدا واضحا أن من يعجز عن تأمين مقر سكن قادة الدولة لن يكون قادرا على تأمين أي رقعة جغرافية أخرى، وهو ما تحقق سريعا في شبوة ثم أبين.

للمرة الأولى منذ بداية الحرب في 2015، فقدت الشرعية سيطرتها على منابع النفط في محافظة شبوة، ثم حضورها الرمزي في شقرة وسواحل أبين، وللمرة الأولى بدأ لعاب المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا يسيل على منابع النفط في حضرموت، والسواحل الشرقية في محافظة المهرة.

بالنسبة للمجلس الانتقالي، الذي حقق في غضون أسابيع ما عجز عن تحقيقه خلال سنوات، يبدو رشاد العليمي بمثابة هدية سماوية لن تتكرر، وخلافا للمدن التي تم التهامها، قدّم الرجل للمليشيات الانفصالية مصير موارد الدولة بالكامل، بدلا من المطالبة برفع يدها عن الجبايات ونهب موارد ميناء عدن ومصانع الإسمنت، التي تقدر بأكثر من رُبع مليار ريال يوميا، وفقا لمصادر حكومية لـ"بلقيس نت".

الرجل، الذي ليس بمقدوره أن ينطق كلمة "لا" في وجه المليشيات الانفصالية، لم يكتفِ بذلك فحسب، بل يعمل بشكل دؤوب على شرعنة الوجود الانفصالي في كافة مفاصل الدولة من خلال إصدار القرارات الجمهورية لشخصيات تابعة أو محسوبة على المجلس الانتقالي.

 

-سر الشخصية المستلبة؟

وفقا لمقرّبين منه، فإن الشخصية المستلبة، التي ظهر بها رئيس مجلس القيادة الرئاسي، لم تكن مفاجئة جراء ضغوط خارجية وداخلية، لكن اللافت هو ظهورها بشكل مبكّر أكثر من المتوقّع.

وخلافا للإملاءات الصادرة من أبوظبي والرياض، التي تطالبه بتكريس المشروع الانفصالي بدرجة أساسية، ساهمت الحسابات الخاطئة في ظهور الرئيس العليمي بذلك الأداء الباهت، وفقا للمصادر.

تقول المصادر لـ"بلقيس نت" إن العليمي حاول تطبيق قاعدة "فرِّق تسُد"، التي اتبعها الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح مع خصومه ومن يهددون عرشه، داخل مجلس القيادة، لكنه سلّم رقبته بالكامل للانفصاليين.

كان العليمي يعتقد أن استخدام قوة المجلس الانتقالي في إزاحة وتهميش عضو مجلس القيادة طارق صالح، وكذلك تهديد مأرب من خلال خنقها بعد تسليم شبوة، سيجعل موقعه محصنا من أي شخصية شمالية قد ترث رئاسة مجلس القيادة يوما ما، إلا أن حساباته كانت خاطئة بالكامل بعد خسارة حلفاء الشرعية شمالا وجنوبا من جهة، والتفريط بما تبقّى من ملامح الدولة من جهة أخرى.

ومع دخول زيارته الخارجية لأبو ظبي والرياض، يبدو العليمي فاقدا للحيلة أكثر من أي وقت مضى، فالثمن الذي وُعد به على شكل وديعة للبنك المركزي لم يصل، والموارد الشحيحة التي كانت في قبضة الدولة ويتم من خلالها صرف رواتب طاقم الشرعية بالعملة الصعبة ومرتبات موظفي الدولة في محافظات الجنوب، أصبحت هي الأخرى مهددة بالضياع، جراء فقدان حقول شبوة، وتمكين عيدروس الزبيدي من ملف لجنة الموارد كاملة.

ومنذ أكثر من أسبوع على وصوله الرياض، لم يتمكّن العليمي من لقاء أي مسؤول سعودي بمن فيهم السفير محمد آل جابر، وفقا لمصادر مطّلعة، وكان الظهور الرسمي الوحيد له خلال لقائه السفير الأمريكي لدى اليمن، ستيفن فاجن، أواخر الأسبوع الماضي.

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية