اكتفى بوصفها "تصعيداً".. هجمات ميناء الضبة والموقف الباهت لمجلس الأمن تجاه المليشيا

على الرغم من أن سياق الهجمات الحوثية الأخيرة تستدعي تفعيل العقوبات عليها، إلا أن مجلس الأمن الدولي اكتفى بوصفها "تصعيدا يهدد عملية سلام واستقرار اليمن، والأمن البحري، وستفاقم من معاناة الشعب اليمني"، مؤكدا استمراره في دعم جهود المبعوث الأممي، التي اعتبر بأنها تهدف إلى بناء تسوية تفاوضية شاملة".

يمكن تلخيص ردة فعل مجلس الأمن تجاه هجمات مليشيا الحوثي الإرهابية، التي طالت ميناءي الضبة والنشيمة، في محافظتي حضرموت وشبوة، بالإدانة والشجب والتحذير، والدعوة إلى احترام القوانين الدولية وحقوق الإنسان.

موقف مجلس الأمن، بالنسبة لليمنيين، يأتي مشجّعا لمليشيا الحوثي لمواصلة تنفيذ تهديداتها، إذ يرى محللون ومراقبون أن المجتمع الدولي سيستمر في تعطيل بند العقوبات، استنادا لسياسة أمريكية - سعودية، ترتهن القضية اليمنية في إطار صراع دولي إقليمي.

 

- أضعف الإيمان

يقول المحلل السياسي، الدكتور محمد جميح: "إن موقف مجلس الأمن ليس بالجديد، إذا لم يدن استهداف منشأة مدنية ليست عسكرية فما مهمته التي من المفترض أن يقوم بها؟ فنحن تعودنا منه على الإدانات، وهو أضعف الإيمان، ولا يمكن لعضو في المجلس أن يتعامى إزاء هذه الجريمة".

وأضاف: "ربما لحسن حظ الحكومة الشرعية أن مليشيا الحوثي تتبنّى مثل هذه الهجمات الإرهابية، والإرهاب هو استهداف المدنيين أو المنشآت المدنية لتحقيق أهداف سياسية، وهذا التوصيف ينطبق حرفيا على ما قامت به المليشيا إزاء ميناء الضبّة، وغيره من المطارات والمنشآت المدنية".

وتابع: "لكننا مازلنا نستمع لهذه اللغة النحاسية من مجلس الأمن الدولي، التي تتحدث عن الإدانة وضبط النفس ومراعاة مصلحة اليمنيين، وغير ذلك من العبارات التي لا تفيد".

وقال: "الهجمات الحوثية هجمات إرهابية بامتياز، ومجلس الأمن وأعضاؤه يعرفون بأنه عمل إرهابي، وكان من المفترض أن تكون هناك لهجة مشددة، لا أن يستمر باستجداء المليشيا بالعودة إلى مسار السلام، وهذا الاستجداء هو ما يعطي هذه المليشيا انطباعا بأن الإدانة مجرد حبر على ورق، وشاهدنا ردودها الساخرة من هذه الإدانات، ووصفها بأنها لا تساوي شيئا بالنسبة لها، لأنها ربما تعرف بأنها تدان في البيانات، ولكنها في الواقع الطفل المدلل بالنسبة للمجتمع الدولي".

وأضاف متسائلا: "ما معنى أن تُرفع هذه المليشيا من قائمة الإرهاب وهي تمارس الإرهاب؟ ثم يتم تعليل ذلك بأنه لأغراض إنسانية، بمعنى أنها جماعة إرهابية، ولكنهم لا يصنفونها لأغراض إنسانية، في الوقت الذي يصنفون آخرين على أنهم إرهابيون دون مراعاة لهذه الآثار الإنسانية".

 

- إعادة الاعتبار للحل العسكري

في هذا السياق، يقول الدكتور جميح: "الموقف العسكري بالنسبة للشرعية، ليس بالموقف الذي نريده، أو نعوّل عليه في اللحظة الراهنة على الأقل لصد هذا المشروع المدعوم من إيران، لكننا نأمل بأن يستفاد من الدروس خلال السنوات الماضية، والانطلاق يكون من إعادة الاعتبار للحل العسكري، الذي أشيع عنه بأنه وصل إلى طريق مسدود من أجل التغطية على حقيقة أخرى واضحة وهي أن الحل السياسي هو من وصل إلى طريق مسدود".

وأوضح أنه "عندما تعيد الحكومة الشرعية الاعتبار للحل العسكري الذي دافع عن مأرب، والذي حرر الجنوب عدن، ولحج، والضالع، والذي وصل إلى مشارف صنعاء والحديدة، وطرد مليشيا الحوثي من الجوف، فإنه من الممكن أن يكمل المهمة".

وتابع: "عندما وصل الحل العسكري إلى مشارف صنعاء أشيع بأنه وصل إلى طريق مسدود، وذلك من أجل الإتيان بحل سياسي يعرف المجتمع الدولي عنه واللاعبون جميعا بأنه هو من وصل إلى طريق مسدود".

وقال: "جميعنا نعرف بأن مليشيا الحوثي لن تتخلّى عن مشروعها إلا بالقوّة، وبما أننا ندرك هذه الحقيقة فليس عيبا أن نكون في حالة من الضعف النسبي نتيحة لعدة عوامل، وهو ليس ضعفا حقيقيا وإنما ناتج عن عدم تنسيق وعدم وحدة، لكن العيب في أن نظل على هذه المرحلة".

وأضاف: "إذا ما التفتنا إلى عوامل القوّة العسكرية الموجودة لدينا فإنها كثيرة، فقط نحتاج إلى قليل من التنسيق ودمج هذه الوحدات العسكرية، ونحتاج قبل ذلك وبعد ذلك إلى إرادة سياسية، بأن الحل العسكري هو الحل الذي سيتم التعامل به مع مليشيا الحوثي".

 

- لغة رمادية وفزّاعة إعلامية

من جهته، يقول الباحث السياسي، نبيل البكيري: "لا أعتقد بأن هناك تغيرا في الموقف الدولي، بل إن اللغة الرومنسية أو الرمادية، التي تحدث بها، هي اللغة نفسها، وهو يريد أن يسجل مواقف إعلامية لا تنسجم مع حقيقة الإدانة التي يجب أن توجّه لمليشيا الحوثي".

ويرى أن "المجتمع الدولي سيظل يدير العملية من خلال خطابه الرمادي على امتداد 8 سنوات، والذي استطاع أن يُبقي هذه المليشيا كحقيقة في المشهد السياسي اليمني، في ظل اختلاف الأجندات بالنسبة للتحالف، وضعف الحكومة الشرعية؛ وتفككها فيما يخص المسار العسكري".

واعتبر استخدام مجلس الأمن مصطلح "هجمات إرهابية" بأنها مجرد فزاعة إعلامية، "لأن ليس هناك إجراءات قانونية، تحوّل مثل هذه الأوصاف إلى واقع عملي".

وقال: "ترحيب الحكومة اليمنية، بردة فعل مجلس الأمن، أمر طبيعي، كونها الآن كالغريق، تحاول التمسك بأي شيء، بل إنهم أشبه بسكارى، بعد إصدارها قرار تصنيف مليشيا جماعة إرهابية، وهو القرار الذي تأخّر كثيرا، وكان من المفترض أن يأتي عقب انقلاب المليشيا على الدولة مباشرة، لكن أن يأتي متأخرا خير من ألا يأتي".

المصدر: بلقيس

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية