فساد مليشيات الحوثي وانتهاكاتها ينذران بعام تاسع من المأساة اليمنية
ينتظر اليمنيون عاماً آخر من المأساة الإنسانية التي يعيشون فيها منذ ثمانِ سنوات، فوفقاً لعدد من المنظمات الدولية والجهات المعنية بالأوضاع الإنسانية حول العالم؛ فإن العام الذي بدأ منذ أيام؛ سيشهد اتساع رقعة الفقر، وزيادة في عدد السكان المحتاجين إلى المساعدات، وذلك بسبب الممارسات التي ينتهجها الحوثيون منذ بدء الانقلاب والحرب.
فبينما كان العالم يحتفل بأعياد الميلاد واستقبال العام الجديد؛ نظم ناشطون يمنيون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للفت الأنظار إلى جزء من المأساة الإنسانية في بلادهم، متمثلة بمظاهر الجوع في العاصمة صنعاء، حيث نشروا مئات الصور لجوعى يقفون أمام المطاعم في انتظار ما قد يقدمه لهم مُلاك المطاعم من بواقي الأكل، وآخرين يبحثون في القمامة عما يسد جوعهم.
في تقرير لها نشر قبل نهاية العام الماضي بيومين؛ أكدت منظمة «إنقاذ الطفولة» أنه يوجد في اليمن ثاني أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من مستويات طارئة من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك سوء التغذية الحاد، حيث ارتفع هذا العدد خلال العامين الماضيين إلى ستة ملايين شخص من 3.6 مليون، بزيادة قدرها 66 في المائة».
وأفادت المنظمة أن الأطفال يتحملون العبء الأكبر من أزمة الغذاء في اليمن، حيث يعانون من سوء التغذية ويواجهون الموت لأن أجسامهم النامية أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، في حين يترك سوء التغذية على الناجين منهم الأطفال آثاراً يحملونها مدى الحياة، بما في ذلك ضعف النمو البدني والمعرفي.
وفي البيان تحدثت شانون أوركت، المتحدثة باسم منظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، حول الصراع المستمر منذ نحو ثماني سنوات والتدهور الاقتصادي الحاد اللذان يقودان إلى مخاطر حرجة من الجوع ليواجه الأطفال خطراً ثلاثياً يتمثل في المجاعة والقنابل والمرض.
ونفت أوركت أن تكون مستويات التمويل تتناسب مع احتياجات الأطفال في اليمن، خاصة مع تزايد الإصابة بينهم بسوء التغذية، في حين أعلنت الأمم المتحدة عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» أن المأساة الإنسانية في اليمن ما تزال قاتمة، مع حاجة ماسة لمنع المزيد من التدهور في الاحتياجات، مؤكدة أن أكثر من 21 مليون شخص سيحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية في عام 2023.
المكتب أوضح أن المجتمع الدولي أصدر نظرة عامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2023. وتوصل إلى أن ما يقدر بنحو 21.6 مليون شخص (66 في المائة من سكان اليمن)، سيحتاجون إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية، وأن هذا الرقم انخفض بشكل طفيف عن 23.4 مليون شخص محتاج في عام 2022.
وبين أن العوامل الرئيسية التي جعلت الوضع عند هذا المستوى؛ هي انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية وتردي الخدمات الصحية وشحة المياه والصرف الصحي واحتياجات الحماية.
تنوع الاحتياجات
ووزع «أوتشا» بيانات الاحتياجات إلى الحاجة للأمن الغذائي مقدراً عدد الواقعين في ظلها بما يقارب 17.3 مليون شخص ممن يقدر أنهم بحاجة إلى الأمن الغذائي والمساعدة الزراعية، والحاجة إلى الدعم للوصول إلى الخدمات الصحية الحيوية، مقدراً أعداد من هم في هذا الإطار بـ20.2 مليون شخص.
وإضافة إلى ذلك؛ فإن 15.3 مليون شخص سيحتاجون إلى الدعم للحصول على المياه النظيفة وتلبية احتياجات الصرف الصحي الأساسية، منبهاً إلى أن أي تصعيد كبير في الأعمال العدائية أو العمليات العسكرية سيزيد من أعداد الضحايا المدنيين والنازحين، داعياً إلى التعاون بين الجهات الفاعلة في المجال الإنساني والتنمية والسلام لتقديم حلول أكثر استدامة.
ومن جهتها، حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من أن استمرار الحرب وتفاقم الأوضاع الاقتصادية السيئة في اليمن، إلى جانب ضعف التمويل المخصص للعمل الإنساني والتنموي؛ مؤشرات تنبئ بعدم تحسن الوضع الإنساني في البلاد خلال العام الحالي.
وحددت اللجنة، عبر حسابها في «تويتر»، حاجة أكثر من 70 في المائة من السكان في اليمن، إلى مساعدات إنسانية، وأن 51 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل في اليمن، في وقت يعاني فيه أكثر من 4.7 مليون امرأة وطفل من سوء التغذية الحاد، ونزوح أكثر من 3.3 مليون شخص في اليمن من منازلهم.
وبمناسبة الذكرى الستين على بدء أنشطتها في اليمن؛ أصدرت اللجنة بياناً أعلنت فيه أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن ستظل مرتفعة خلال هذا العام، مجددة التزامها بمواصلة عملياتها الإنسانية ومساعدة ضحايا العنف والنزاع المسلح في جميع مناطق البلاد بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر اليمني.
تدمير وتجنيد
يذهب أحد الباحثين الاقتصاديين اليمنيين إلى أن هذه التحذيرات تأتي ضمن مؤشرات واضحة، مثل انعدام فرص العمل، وتدهور بيئة الأعمال وقطع رواتب أكثر من مليون موظف للعام السادس على التوالي، وضرب شبكات الدعم الاجتماعية، ووقف الإنفاق على الخدمات العامة والأساسية، فضلاً عن النزيف المستمر الذي تتعرض له معظم القطاعات الحيوية والاقتصادية.
ويرى الباحث الذي طلب من «الشرق الأوسط» حجب بياناته، نظراً لإقامته في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية أن هذه الميليشيات عملت على صناعة تغيير واضح في تركيبة الاقتصاد اليمني، والقطاع الخاص، بغرض تمكين فئة حاكمة قليلة، من السيطرة على مفاصل النفوذ والثروة، وحرمان السكان من أبسط الاحتياجات الإنسانية للعيش.
وشدد على أن التداعيات الكارثية هي نتيجة مباشرة لتخلي مؤسسات الدولة، التي سيطرت عليها الميليشيات الحوثية، عن التزاماتها ووظائفها تجاه المجتمع، بتمويل قطاع الواردات من النقد الأجنبي وتأمين السلاسل الغذائية، للأسواق المحلية، وتعمدها إنتاج حالة الازدواج الجمركي والضريبي، وإغلاق الطرق والمنافذ الرئيسية بين المحافظات، ومضاعفة الجبايات على الواردات كافة.
من جهة أخرى وعلى نفس السياق؛ أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، أن 200 ألف مهاجر أفريقي بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في اليمن.
وعلى حسابها في «تويتر»، ذكرت المنظمة أن نحو 200 ألف مهاجر بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في اليمن، إضافة إلى ما يقارب 43 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل ويعيشون في ظروف مزرية غير قادرين على مواصلة رحلاتهم أو العودة إلى ديارهم.
وكشفت العديد من التقارير والمعلومات عن إجبار ميليشيات الحوثي المهاجرين الأفارقة على التجنيد والقتال في صفوفها، وممارسة القمع والابتزاز والترغيب والترهيب معهم من أجل إقناعهم بالقتال في صفوفها.
التعليقات