هكذا تستغل مليشيا الحوثي المفاوضات في استمرار تدفق الأسلحة إليها!
أعلن الجيش الأمريكي عن عملية نفذها، منتصف الشهر الماضي، حلفاء غربيون، أسفرت عن حجز مركب محمَّل بالأسلحة والذخيرة، يعتقد أن إيران أرسلته إلى مليشيا الحوثي.
القيادة المركزية الأمريكية قالت، في بيان لها، إن الشحنة تحتوي على أكثر من ثلاثة آلاف بندقية هجومية، وقرابة 600 ألف رصاصة، و23 صاروخا موجها مضادا للدبابات، فما أثر استمرار تدفق السلاح لمليشيا الحوثي على جهود السلام، ومستقبل التسوية، والعودة إلى خيار المواجهات العسكرية؟ ولماذا لا يستطيع العالم منع هذه العمليات؟
- استغلال المفاوضات
يقول المحلل العسكري، علي ناجي عبيد: "إن مليشيا الحوثي تعتمد على تهريب الأسلحة في حربها، لأن الإمكانيات العسكرية التي استولت عليها من الدولة، استهدفت وقصفت، لذا تستغل المليشيا الفترة التي يسعى العالم للخروج باليمن من الحرب إلى الهدنة، بإعداد نفسها لمواجهات عسكرية أوسع، لأنها تدرك أن الشعب في مناطق سيطرتها يغلي في ظل هذا الهدوء النسبي، فكيف إذا توقفت الحرب؟".
وأضاف: "مسألة المفاوضات، وتسريب نتائجها، هي فقط تسريبات؛ الهدف منها تهدئة الداخل، أما فالإعداد العسكري مستمر، مستغلة خبرات وتجارب الإيرانيين في ظل حصارهم 40 سنة، حيث شقوا خلالها طرق التهريب، ويستخدمونها اليوم لتهريب الأسلحة لمليشيا الحوثي".
وتابع: "القوات الدولية متواجدة في بحر العرب، وفي البحر الأحمر، لتأمين خط الملاحة الدولية ومكافحة التهريب، وازدادت كثافة لمكافحة القرصنة التي نشأت نتيجة الحرب في الصومال، ولكن هناك أطرافا مستفيدة من إطالة أمد الحرب في اليمن".
وأشار إلى أن "اليمن بحاجة لإنشاء قوة خاصة محلية لمكافحة التهريب في البر والبحر، والتنسيق مع التحالف العربي، ومع المجتمع الدولي، فعندما يتم ضبط سفينة واحدة عليها بعض الأسلحة فهذا يعني أن هناك سفن أسلحة تصل إلى المليشيا بأضعاف الأضعاف"، مؤكدا أن "المليشيا ستستخدم كل الأساليب من أجل تغذية نفسها وإعدادها للحرب، ومن بينها الحوارات والمفاوضات".
وقال: "نحن بحاجة اليوم للالتفاف حول مجلس القيادة الرئاسي، ويجب تنفيذ كل ما ورد في البند الخامس من بيان نقل السلطة، حول إعادة ترتيب القوات بشكل مستقل".
- لا سلام مع الحوثيين
من جهته، يقول الخبير العسكري، محمد الكميم: "مسألة تجربتنا مع مليشيا الحوثي، فنحن نتحدث عن 19 سنة منذ الحرب الأولى معها في العام 2004م، فمليشيا الحوثي تستخدم التكتيك الإيراني في المفاوضات، من خلال ميلها للدخول في التفاصيل في المفاوضات فقط؛ لكسب الوقت".
وأضاف: "نحن نعرف أن هذه المفاوضات لن تخرج إلى أي طريق، وجميع المفاوضات مع مليشيا الحوثي في الحروب الست، وما بعدها من 2011 إلى 2014، وفي مؤتمر الحوار الوطني، وفي اتفاق السلم والشراكة، وما جاء بعدها، وصلت إلى اتفاقات، وتجاوزت مرحلة المفاوضات، إلا أن المليشيا لم تلتزم حتى ببند واحد من أي اتفاق، وكانت تستخدمها مجرد تكتيك عسكري معين".
وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي جماعة إرهابية تديرها إيران، وهي جماعة لا تؤمن إلا بالسلاح، وتعتبر أن السلام في نظرها استسلام، لذا لن تجنح للسلام، لأنها تشعر بأنها ستفقد كل مصالحها".
وأوضح أن "هناك اختلافات كبيرة بين اليمنيين ومليشيا الحوثي، فهي لا تؤمن بالأحزاب، ولا بالديمقراطية، ولا بالمساواة، ولها نظرية سلالية طائفية عنصرية، وتؤمن بولاية الاصطفاء الإلهي، إضافة إلى أنها ذراع عسكري إيراني"، مشيرا إلى أن "كلما يجري من حديث عن مفاوضات مجرد سراب وأحلام، أما نحن فنؤمن ألا سلام مع مليشيا الحوثي، لأنها مليشيا مسلحة، وذراع إيراني، الهدف منه السيطرة على المنطقة".
وقال: "إن المجتمع الدولي لا يريد إنهاء الصراع في اليمن، وإنما يقوم بإدارة الصراع، والجميع يعلم جيدا أن المجتمع الدولي يتعاطى بنعومة كبيرة جدا مع مليشيا الحوثي، بل ويساعدها وينقذها عندما يشتد الخناق عليها"، مضيفا: "نتذكر الكثير من المواقف والأحداث التي كانت المليشيا فيها في المراحل النهائية من الحرب، فيتدخل المجتمع الدولي؛ إما عبر وسطاء محليين أو إقليميين أو أمميين، أو أمريكيين".
وتابع: "نتذكر في الحروب الست، كانت هناك وساطات عربية، ومن ثم دخلت الوساطات الدولية بعد 2011م، عن طريق المبعوث الأممي جمال بن عمر، ومنذ ذلك الحين وإلى اليوم كل تلك الوساطات والمبعوثون عبارة عن شريان حياة بالنسبة لمليشيا الحوثي، فكل ما اشتد الخناق على المليشيا كلما سارعوا بإنقاذها والصد عنه".
وبيَّن أن "المبعوثين الأمميين والدوليين مجرد شريان حياة لمليشيا الحوثي، ونتذكر في العام 2015م، عندما كان الجيش الوطني في فرضة نهم على أبواب العاصمة صنعاء وتم إيقافه، وفي الساحل الغربي تم إيقاف المعارك على أبواب مدينة الحديدة، وعندما تنطلق معارك المليشيا ضد الحكومة لا يقومون بفعل شيء ضده".
وأشار إلى أن "مدينة تعز محاصرة منذ 8 سنوات، والأمم المتحدة لم تستطع فك الحصار عنها، ولم يتم تسليم المرتبات، ولم يتم تبادل الأسرى، ولم تلتزم المليشيا بأي وساطة قامت بها الأمم المتحدة، والجميع يعلم أن الأمم المتحدة في تاريخها لم تحقق أي إنجاز؛ سواء في الملف اليمني، أو في أي ملف في العالم".
وأكد أن "دور الأمم المتحدة مجرد دور وظيفي، ولا تستطيع تقديم شيء غير التنديد والشجب، ومليشيا الحوثي استطاعت أن تستغل هذا الأمر أفضل استغلال، وكذلك إيران استغلت ذلك باستمرارها في إرسال الأسلحة وتدفقها للمليشيا".
التعليقات