ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

فقْد الأبناء في جبهات الحوثيين يضاعف أعباء المسنين اليمنيين

يمضي أمين الريمي (67 عاماً) متجولاً خلال ساعات النهار في شوارع صنعاء برفقة عربته التي تحمل كمية من «الآيس كريم»، أملاً في بيعها كاملةً لتتسنى له العودة إلى منزله وقد جمع مبلغاً من المال يكفي لسد رمق أحفاده وأمهاتهم، بعد أن فقد اثنين من أبنائه في جبهات القتال مع الانقلابيين الحوثيين.

يتحدث الريمي، وهو اسم مستعار، عن التدهور المعيشي الذي أصاب أفراد عائلته بعد فقد ولديه، وهو الأمر الذي دفعه إلى الخروج بحثاً عن الرزق لإطعام سبعة من أحفاده وأمهاتهم وبقية أفراد أسرته.

يقول الرجل الستيني إنه يترك منزله صباح كل يوم لشراء «المثلجات» من محلات الجملة وسط صنعاء، حيث تمثل تلك نقطة انطلاقه لبدء رحلة يومية شاقة لا تتناسب مع ضعفه وكِبَر سنه، وفي المحصلة يظفر بمبلغ لا يزيد على ما يعادل 4 دولارات.

ولا تقتصر تلك المعاناة على أمين الريمي، بل تشمل أيضاً الآلاف من كبار السن من الذكور والإناث في صنعاء وبقية مدن سيطرة الميليشيات، وغالبيتهم ممن فقدوا أبناءهم في صفوف الجماعة الحوثية ثم تحملوا عوضاً عنهم مسؤولية تربية وإعالة أطفالهم.

وعود كاذبة

يؤكد الريمي أنه وقبل أن تضم الميليشيات الحوثية أبناءه المخدوعين إلى صفوفها للقتال كانت تطرح وعوداً بمنح امتيازات غير مسبوقة لذوي قتلاها، لكن بعد عودتهم من الجبهات جثثاً هامدة ذهبت تلك الوعود أدراج الرياح ولم يتحقق منها شيء على أرض الواقع.

ويشير إلى أن ما تسمى هيئة الزكاة الحوثية ومؤسسة قتلى الجماعة تعطي الأولوية في أثناء توزيع أي معونات نقدية أو غذائية لعائلات قتلاها من المنتمين إلى سلالة الحوثي، بينما لا يُمنح غيرهم سوى الفتات كل عدة أشهر.

وفي حين لا توجد أي إحصائية رسمية توضح العدد الحقيقي لكبار السن اليمنيين الذين تحملوا مسؤولية إعالة أحفادهم بعد فقدان أبنائهم في جبهات الميليشيات الحوثية، إلا أن التقديرات تشير إلى وجود الآلاف منهم باتوا يعملون بمهن مختلفة بعضها شاقّ في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الجماعة.

وتوضح تقديرات سابقة للجهاز المركزي اليمني للإحصاء أن أعداد المسنين في اليمن تصل إلى 1.3 مليون شخص، ويمثلون ما نسبته 4.4 في المائة من إجمالي عدد السكان. بينما تؤكد دراسة دولية أن نحو 1.65 مليون يمني من كبار السن مهددون بشبح المجاعة.

ويلاحظ المتجول في طرقات وأسواق العاصمة صنعاء المئات من كبار السن وهم يعملون في مهن عدة ومختلفة، بعد أن دفعتهم الظروف المعيشية الحرجة واتساع رقعة الفقر والجوع وانقطاع الرواتب والتجنيد القسري إلى عرض بعض السلع المتنوعة على أرصفة الشوارع.

ويحذر ناشطون حقوقيون في صنعاء من تحول عمل كبار السن في مناطق سيطرة الحوثيين إلى ظاهرة مجتمعية، يصعب فيما بعد معالجتها لتلحق بسابقاتها من الظواهر السلبية كعمالة الأطفال وغيرها.

اتساع خطر المجاعة

الحكومة الشرعية كانت قد دعت الآباء والأمهات في مناطق سيطرة الميليشيات إلى الوقوف بحزم في وجه الاستدراج الحوثي لأبنائهم من أجل الالتحاق بجبهات القتال، حيث ترسل الجماعة هؤلاء للموت وتترك ذويهم يعانون الفاقة واليتم، في الوقت الذي يحظى قادة الجماعة ومشرفوها بالمناصب.

وتشير دراسة دولية إلى أن 1.65 مليون يمني من كبار السن يواجهون خطر المجاعة. وأكدت الدراسة التي أعدتها منظمة «هلب إيج» أن كبار السن في اليمن يتأثرون بشكل خاص بارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، ويضطر معظمهم إلى تخفيض استهلاكهم من الطعام وتقليل مشترياتهم منه.

وتلجأ النساء المسنّات –حسب الدراسة- إلى الصيام لأوقات طويلة قد تمتد لأكثر من يوم لتمكين أطفالهن أو أحفادهن من تناول كفايتهم من الطعام، في حين يضطر بعض المسنات إلى التسول من أجل تدبير المبالغ التي تمكّنهم من شراء الطعام.

وحسب الدراسة، فإن الغالبية من كبار السن في اليمن اختاروا التوقف عن زيارة الأطباء والمستشفيات للحصول على الرعاية الصحية بسبب ارتفاع أسعار الوقود وتكلفة النقل، وتحولوا إلى استهلاك أدوية منخفضة التكلفة ورديئة الجودة.

وطبقاً للدراسة التي جاءت ضمن مشروع «تأثير أزمة الغذاء والوقود والتمويل العالمي في 10 دول مختلفة على كبار السن الذين غالباً ما يتم تجاهلهم»، جاء اليمن في المرتبة السابعة بين هذه الدول.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.