وفاة والد الحوثي... مناسبة انقلابية أخرى تثقل كاهل اليمنيين بالجباية
لم تمضِ سوى أيام على تنفس اليمنيين الصعداء في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الحوثية بعد اختتام فعاليات ما تسميه الميليشيات «يوم الولاية»، الذي حولته إلى مهرجانات سياسية طائفية، حتى بدأت الجماعة تدشين احتفالات أخرى لمناسبة ذكرى وفاة والد زعيم الجماعة بدر الدين الحوثي، وهي مناسبة ابتكرتها الجماعة في أغسطس (آب) 2021، لتضاف إلى قائمة مناسباتها التي تستغلها لأعمال الجباية والتطييف وغسل أدمغة الأطفال.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قادة الجماعة أصدروا تعليمات جديدة ومباشرة لمشرفيهم ومسؤولي المؤسسات الحكومية بمناطق سيطرتهم تحضهم على بدء إقامة فعاليات لإحياء ذكرى وفاة والد زعيمهم.
وألزمت جماعة الانقلاب - بحسب المصادر - أتباعها والموالين لها بتكثيف إقامة الفعاليات المتنوعة ضمن ما أسمته «خطة متكاملة تكرس لصالح المناسبة».
وضجت وسائل إعلام الحوثيين على مدى الأيام الأخيرة بتكريس برامج على صلة بالفعالية، وسارع مشرفون مؤدلجون طائفياً إلى إحياء الفعاليات على مستوى المحافظات والمديريات والقرى تحت سيطرة الجماعة.
ونظراً لصعوبة الحياة المعيشية التي لا تزال تعصف بملايين السكان في صنعاء ومدن أخرى، ندد ناشطون وسكان في صنعاء باستمرار الميليشيات في ابتداع وإحياء مزيد من المناسبات والفعاليات بغية سرقة ما تبقى من أموال اليمنيين وموارد دولتهم.
بموجب تعليمات الجماعة أحيا الموالون لها بمحافظة الحديدة ما تسمى الذكرى السنوية لرحيل والد زعيمهم، من خلال فعالية حشدوا إليها مديري وموظفي عموم المكاتب التنفيذية والإدارات بديوان عام المحافظة ومديرية الحالي بالحديدة.
وكانت الميليشيات أعلنت في أواخر عام 2010 عن وفاة والد زعيمها بدر الدين الحوثي عن عمر ناهر 86 عاماً، مشيرة إلى أنه كان يعاني من مرض الربو.
السكان في صنعاء شكوا لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد معاناتهم، ومن بينها صعوبة الحصول على القوت الضروري من المأكل والمشرب، إضافة إلى معاناة أخرى ما تزال ترافقهم يومياً بفعل استمرار نهب الجماعة للرواتب وانعدام أبسط الخدمات وغلاء الأسعار وتفشي الفقر والجوع والبطالة وانشغال الميليشيات بإقامة المناسبات وإهدار ملايين الدولارات من أجلها.
واستهجن أحمد، وهو موظف حكومي في صنعاء، مضي الجماعة في إحياء مزيد من الفعاليات، في حين لا يزال ملايين اليمنيين يواجهون أزمات اقتصادية ومعيشية بالغة في الصعوبة.
وقال إن سكان صنعاء ومدن أخرى يعانون أشد الويلات جراء تدهور أوضاعهم بفعل تعدد المناسبات الحوثية التي يصاحب كل مناسبة منها إنفاق مليارات الريالات اليمنية، والإجبار على الحضور القسري، وشن حملات ابتزاز وجباية بزعم توفير التمويل لإقامتها.
من جهتها، انتقدت أم محمد الساكنة في صنعاء، تجاهل الميليشيات لهموم ومعاناة اليمنيين في مناطق سيطرتها وتسخيرها المال العام لمصلحة إقامة المناسبات بغية طمس هوية المجتمع.
وقالت لـ«الشرق الأوسط»، إن تلك الممارسات وغيرها تأتي في وقت يضطر فيه مئات الأمهات اليمنيات في صنعاء وغيرها إلى البحث في المخلفات عن بقايا طعام لسد رمقهن وأطفالهن.
وكانت الميليشيات الحوثية، في سياق الاحتفاء بما تسميه «عيد الولاية»، أقامت خلال الأسابيع القليلة الماضية أكثر من 396 فعالية ولقاء وأمسية سياسية ودورات تعبوية في عموم مدن سيطرتها، وخصصت من أجلها ما يعادل 50 مليون دولار.
وبحسب مصادر مطلعة، تصدرت العاصمة صنعاء قائمة المحافظات تحت سيطرة الجماعة فيما يتعلق بإقامة الفعاليات والأمسيات احتفاء بالمناسبات، ثم جاءت بعدها بالترتيب كل من محافظات صعدة، وعمران وذمار والمحويت وإب وحجة وريمة.
وتؤكد مصادر يمنية أن تلك المبالغ المخصصة لإقامة الفعاليات يستفيد منها الأتباع والموالون للجماعة دون غيرهم من اليمنيين، الذين يواجهون منذ السنوات التي أعقبت الانقلاب خطر المجاعة وتفشي الأمراض والأوبئة الفتاكة.
التعليقات