خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
"اغتيالات وإقالات وتحشيد".. الصراعات الحوثية الداخلية تنتقل إلى الأجهزة العسكرية في صنعاء

في تطور لافت للصراعات الحوثية الداخلية؛ اغتيل أحد أبرز القادة العسكريين للمليشيا المدعومة من إيران في محافظة الجوف برصاص مسلحين قبليين منتصف يوليو الجاري، قرب مدينة الحزم مركز المحافظة شمال شرقي اليمن.

والقيادي هو المدعو محمد أحمد النصرة  المعروف بـ"عقيل المطري"، حيث لقي حتفه برصاص مسلحين قبليين من آل صياد بني نوف في منطقة الردمة شرقي الحزم، بينما كانوا يحاولون اختطافه لمبادلته بواحد منهم كان مسجونا في زنازين الحوثيين بالجوف، ويدعى أبوهادي الوائلي.

اغتيال المطري، دفع بمليشيا الحوثي إلى توجيه كبار قادتها العسكريين بمئات الآليات إلى محافظة الجوف بما فيهم المدعو محمد الغماري، والمدعو يوسف المداني، وكذا المدعو أبو بدر زرعة قائد المنطقة السادسة الحوثية، لحسم ما تصفه المليشيا بالخراب الذي يقوده قطاع الطرق، وهو وصف تطلقه على مناوئيها من القبائل، في المنطقة التي تعد واحدة من أهم الطرق لتهريب المخدرات والأسلحة والتجارة الممنوعة.

اغتيال مدبر

وفق عدد من المصادر القبلية التي تحدثت لـ"يمن شباب نت" فإن عقيل المطري لم يكن هدفا للقتل للمجموعة التي قتلته، بل تم إعداد الكمين واستدراجه إلى النقطة التي أقامها المسلحون القبليون للتخلص منه.

ينحدر المطري من مديرية بني مطر بمحافظة صنعاء والتحق مبكرا بإيران، عندما استقطبته المليشيا أثناء عمله في الحرس الجمهوري، وتخرج من سوريا في 2002، وانشق عن الحرس الجمهوري والتحق بالجماعة الحوثية قبل اجتياح صنعاء عام 2014م، وفق قناة المسيرة التابعة للجماعة.

قال شيخ قبلي كبير في محافظة الجوف لـ"يمن شباب نت" إن "المطري كان قد دخل في عداء شديد وخلافات حادة مع قائده أبو بدر زرعة، على تجارة التهريب والمخدرات".

وقال مصدر محلي آخر لـ"يمن شباب نت" إن "المجموعة التي قتلت المطري كانت تهدف في الأساس لخطفه ومبادلته، ولم تكن تعلم منصبه، لكن المطري بسبب الصراعات الداخلية تفاجأ بوجود النقطة وتعامل معها على أنها كمين لقتله، فبادرها بإطلاق النار وأدت الاشتباكات إلى قتله".

وأضاف، أن المجموعة كانت تهدف لمبادلته بأبو هادي الوائلي، المسجون في زنازين حوثية بتهمة تجارة المخدرات والحشيش، مؤكدا أن معظم المعتقلين بتهم الاتجار بالحشيش والمخدرات في الجوف هم من مقربون من قيادة المليشيا وأتباعها.

وتشير بعض المصادر إلى إن الاشتباكات بين المطري والمسلحين القبليين استمرت عدة ساعات، دون أن تصله تعزيزات عسكرية رغم أن المنطقة قريبة من مدينة الحزم ولا تبعد عنها سوى كيلو مترات قليلة.

كما ألمحت عدد من المصادر الحوثية في تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن مقتل المطري جاء بخيانة من الدخل. وقال القيادي الحوثي حسين العزي في تغريدة له على تويتر بعد أسبوع من مقتل المطري، إن المتهمين بقتله هم بقايا النظام السابق وقطاع الطرق وتجار الحشيش والمخدرات.

المهم في تغريدة العزي أنها لم تتهم القوى الحكومية أو التحالف بتدبير مقتله، في أحد أهم اعترافات نادرة للحوثيين بطريقة غير مباشرة عن الصراعات البينية التي وصلت إلى مستوى اغتيال كبار القادة العسكريين.

واتهمت عدد من المصادر الحوثية في الجوف جهات داخل مليشيا الحوثي بأنها تقف وراء الاغتيال، بطرق متعددة، مثل استدراج المطري إلى القطاع القبلي المفاجئ قبل وصوله. وقال أحد المعلقين الحوثيين إن المعلومات وفرتها جهات داخل المليشيا في الحزم بهدف التخلص منه, ويحدد تلك الجهات بأنها من أنصار الرئيس اليمني السباق علي عبدالله صالح.

  بينما قال محمد الجرموزي وهو مدون حوثي وله علاقات واسعة بكبار قيادة الجماعة إن "قتل المطري جاء نتيجة صراعات القادة لحوثيين في المحافظة على الإيرادات خاصة المتأتية من تجارة الحشيش والمخدرات". وذكر في سلسلة تغريدات وشواهد نشرها على مدى أشهر وأعادها بعد مقتل المطري إلى أنها نابعة من الصراعات داخل المليشيا.

وفي هذا السياق؛ قال الخبير والمحلل العسكري الدكتور علي الذهب لـ"يمن شباب نت" إن "مقتل المطري مدبر من قبل قيادة المليشيا التي بدأت تستغني عن احتياجها للقبائل وخاصة لقبيلة بني مطر".

الصراع ينتقل إلى صنعاء

بعد مقتل المطري بأيام، تحرك قيادي عسكري حوثي كبير يدعى "أبو رداد نعمان المطري"، ويعمل قائدا للنجدة الحوثية في محافظة صنعاء. حيث تشير وثيقة حصل عليها "يمن شباب نت" إلى أن عملية التخلص من قادة عسكريين موالين للجماعة وينحدرون من بني مطر امتد ليشمل أبو رداد المطري.

وبحسب الوثيقة فإن مدير أمن صنعاء الحوثي يحيى المؤيدي أصدر قرارا بإيقاف أبو رداد المطري من منصب قائد النجدة على خلفية تحركه بعشرات الآليات التابعة للنجدة إلى محافظة الجوف.

وقال أنصار أبو رداد المطري إنه تحرك إلى الجوف كفزعة قبلية مع عقيل المطري، وأن المؤيدي استغل الموقف لتصفية حساباته معه والتخلص منه.

الصراعات بين أبو رداد المطري والمؤيدي في صنعاء مر عليها عدة أشهر. احتجز فيها المؤيدي القيادي المطري، في مبنى التفتيش التابع للداخلية، لكن الأخير تمكن بمساعدة أبناء قبيلته في النجدة من الهرب.

ظهر المطري بعد أسابيع من الهروب وتحديدا مع أيام العيد الأضحى، يتفقد قوات النجدة التابعة له في مناطق بني مطر. ووصف الإعلام الأمني التابع للحوثيين زيارة المطري لعدد من النقاط بأنها تأتي ضمن الجولات التي يقوم بها قادة المليشيا.

وردا على إقالته، حشد أبو رداد المطري قبيلته في تظاهرة الأسبوع الماضي، ونظموا وقفة قبلية واحتجاجا مسلحا، ذكّروا فيها مليشيا الحوثي بأن قبيلة بني مطر قدمت ما لا يقل عن 4000 قتيل، ولا يقل عن 10 آلاف جريح، فضلا عن الأسرى والجرحى.

وقال أحد المشايخ إنهم سيقفون مع أبو رداد ويعتزمون الضغط لإقالة يحيى المؤيدي من إدارة أمن صنعاء، وإن لم تستجب مليشيا الحوثي لهذه المطالب فإنها ستخسر بني مطر. وقال أحد مشايخ بني مطر في مقطع مصور في الاجتماع القبلي، على الجماعة أن "تختار بين المؤيدي أو قبيلة بني مطر".

في محاولة يائسة من المليشيا الإرهابية المدعومة من إيران لتفادي الصراعات، أعلنت في الأيام القليلة الماضية سلسلة من عمليات التدوير لقيادات النجدة بين عدد من المحافظات بما فيها أمانة العاصمة والحديدة وعمران ومحافظات أخرى.

ويرى المحلل السياسي عبدالهادي العزعزي، أن قيادات الحوثيين العائدة من الجبهات تشكل أحد أهم المشاكل التي ستعجز المليشيا عن معالجتها، وإن القبيلة ستقف إلى جانب أبنائها، في وجه بقية القيادات الحوثية الأخرى.

وفي تقرير سابق قالت مجموعة الأزمات الدولية إن الخسائر الفادحة التي منيت بها المليشيا في مأرب خلال هجومها وانتهى بخسائر فادحة ضد المليشيا في يناير2022 أدى إلى صراع بين القادة العسكريين الحوثيين، عمقته الهدنة الأممية التي مازالت مستمرة حتى اليوم.

بالتزامن مع الصراعات العسكرية الحوثية، يحتدم صراع على الاقتصاد والموارد بين كبار القيادات الحوثية وعلى النفوذ السياسي، يرجح بعضهم أن يكون قد وصل إلى أن يكون الوفد الذي يرأسه عبدالله الرازامي القيادي العسكري البارز في المليشيا، وزار السعودية مؤخرا بموسم الحج ينافس ويختلف مع الوفد الحوثي للتفاوض المقيم في سلطنة عمان، الذي يرأسه منذ سنوات محمد عبدالسلام الحوثي.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.