بسبب الانقلاب.. ضغوط المعيشة تدفع آلاف اليمنيين للعمل باعة متجولين

تحولت حدائق ومتنفسات عامة في العاصمة اليمنية صنعاء من أماكن للترويح عن النفس إلى ما يشبه الأسواق التجارية، حيث يَعرِض فيها باعة متجولون سلعاً ومنتجات مختلفة، بحثاً عما يسد رمق عائلاتهم.

ومع تردي الوضع المعيشي اتجه آلاف اليمنيين في صنعاء وغيرها إلى مزاولة مختلف المهن؛ إذ يفترش بعضهم أرصفة شوارع ويطوفون في أخرى، فيما يفضل باعة آخرون ساحات وأرصفة المتنفسات العامة كأماكن مناسبة لعرض بضائعهم لكسب العيش.

وبحسب ما رصدته «الشرق الأوسط» بات ما يزيد على 50 متنفساً وحديقة عامة في صنعاء وضواحيها أمكنة تعج بآلاف العاملين بمختلف المهن جلهم من الشباب والأطفال والنساء ممن وجدوا إقبالاً بسيطاً من قبل الزائرين على اقتناء سلعهم.

ورصدت «الشرق الأوسط» أثناء جولة في حديقة السبعين (كبرى حدائق صنعاء) بعضاً من النشاط التجاري الحاصل فيها، ومدى تفاعل الزائرين معها، إضافة إلى معاناة وهموم عدد من الباعة.

ويلاحظ زائر الحديقة وجود باعة يفترشون الأرصفة عند بواباتها الأربع، لكن عند الولوج أكثر إلى الداخل سيشعر كأنه في سوق كبير يحوي العديد من السلع والبضائع بعضها تُعرض على الأرصفة، وأخرى تحمل على متن عربات متنقلة، فيما يوضع البعض الآخر على أيدي باعة أو تربط بحبال قصيرة على أكتافهم ورقابهم.

للأطفال نصيب

يقضي أمير وشقيقته منال معظم أيامهما يطوفان في ساحة حديقة السبعين، يبيع أسامة (15عاماً) الحلوى، فيما تقوم منال (18عاماً) بنقش أيدي الفتيات والنساء، وعمل بعض الرسومات الملونة على وجوه الأطفال.

ويشير أمير إلى أنهما يعملان بتلك المهنة منذ سنوات أعقبت نزوحهما وأسرتهما من مدينة تعز إلى صنعاء لحظة اشتداد المعارك وبلوغها الحي الذي يقطنون فيه وسط المدينة.

وفي حين دفع عجز والد أمير ومنال في الحصول على عمل، الطفلين للانخراط بتلك المهنة، تقول منال إنها تتحصل مع أخيها في الأيام العادية على ما يعادل 10 دولارات يومياً، لكنهما يجمعان الضعف في الأعياد والمناسبات حيث يرتفع عدد الزائرين للمتنزه.

ويكشف الطفلان في حديثهما لـ«الشرق الأوسط»، عن تخصيصهما جزءاً من المال الذي يتحصلان عليه يومياً لمصلحة إدارة الحديقة وآخرين من أتباع الميليشيات الحوثية يعملون في الحديقة، مقابل السماح لهم بالدخول لبيع بضاعتهم.

ويتراوح عدد الباعة المتجولين في حديقة السبعين بصنعاء يومياً بين 30 إلى 50 شخصاً من مختلف الأعمار، بينما يتراوح عددهم من 150 إلى 200 بائع يومي الخميس والجمعة، وأثناء المناسبات والأعياد وهي أيام إجازة يتضاعف فيها أعداد الزائرين للمتنفس.

ويؤكد الزوار أن الفقر وضيق المعيشة جعلا أي أسرة زائرة للمتنفس قادرة على توفير بعض متطلباتها من هؤلاء الباعة بأسعار مخفضة.

مضايقات حوثية

يشكو باعة متجولون في حديقة السبعين بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار مضايقات المندوبين الحوثيين وفرضهم إتاوات تحت مسميات مختلفة على كل سلعة يقومون ببيعها.

وتقول نوال، وهي بائعة مناديل ورقية لـ«الشرق الأوسط»، إنها تعرضت غير مرة للابتزاز الحوثي رغم ضعف دخلها وفقرها الذي جعلها تجول في ساحات الحدائق لكسب العيش. وأوضحت أنه حال عدم تمكنها من البيع ودفع ما يفرض عليها من مبالغ يتم إجبارها على المشاركة بتنظيف ساحة الحديقة عقب مغادرة الزوار لها.

وبخصوص الإقبال على الشراء من الباعة، يشير خالد عبد الله، وهو موظف في مؤسسة أهلية بصنعاء، إلى أنه يحرص بمعدل ثلاث مرات في الشهر على اصطحاب زوجته وأولاده إلى الحديقة للترويح عن النفس، ولشراء بعض السلع من الباعة؛ كالبهارات والأقمشة وأدوات المطبخ وألعاب الأطفال والبخور والعطور والحلوى، وغيرها.

ويؤكد خالد أن الدعم البسيط الذي يقدمه للباعة يأتي لكونهم فروا على مضض من جحيم الفقر والبطالة؛ للبحث عن فرص عمل لسد الحاجة.

وأوضح زائر آخر للمتنزه أنه لا يوجد شيء إلا ويبيعه الأطفال والنساء والشباب والكهول؛ إذ يوجد أي شيء يخطر على بال الإنسان، وبأسعار تتناسب مع ميزانيات الأسر الفقيرة.

وكانت مبادرات شبابية تطوعية في صنعاء سعت في أوقات سابقة إلى التخفيف من معاناة المئات من الباعة المتجولين في صنعاء عبر تنفذ مبادرات تقدم الدعم لهم، كان آخرها إقامة يوم ترفيهي مفتوح لأكثر من 70 طفلاً من الباعة في حديقة السبعين بصنعاء تخلله فقرات ابتهاجية وتقديم وجبات غداء ومبالغ مالية رمزية.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية