أحداث لا تُنسى: كيف أطاحت ثورة سبتمبر بحكم الإمامة؟
أطفال اليمن... تكلفة كبيرة للعودة إلى مدارس مزدحمة وتنقصها الجودة

بدأ العام الدراسي الجديد في اليمن، وغالبية الأسر ليست مستعدة لإلحاق أطفالها بالمدارس، حيث تمنعها الأوضاع المعيشية الصعبة وانهيار العملة المحلية (الريال) من الوفاء بالتزامات الرسوم وشراء الأدوات المدرسية، إلى جانب توفير الوجبات الغذائية وأجور المواصلات، في حين تسعى مبادرات محلية وجهات دولية إلى مساعدة الطلاب على العودة إلى المدارس.

وفيما دشن وزير التربية والتعليم في الحكومة اليمنية طارق العكبري من عدن العام الدراسي الجديد للتعليم الأساسي والثانوي (2023 - 2024) وفقاً للتقويم الوزاري، أشاد بكوادر الوزارة وجهودهم في الظروف الاستثنائية الصعبة التي تمر بها البلاد، مؤكداً على استشعارها لمعاناة المعلمين، وسعيها من أجل حقوقهم، وتفهمها للأوضاع المعيشية التي تواجهها الأسر اليمنية.

ويقدر إجمالي الأطفال المتقدمين للدراسة هذا العام بنحو 2.5 مليون طالب وطالبة في التعليم الأساسي والثانوي في عموم المحافظات اليمنية.

ويلاحظ مدير مدرسة في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن غالبية العائلات لا تلحق أولادها بالمدارس إلا بعد مرور ما يقارب الشهر من بدء العام الدراسي لعدم قدرتها على توفير متطلبات العام الدراسي منذ البداية، في حين أن عدداً آخر من الطلبة يذهب للعمل خلال العطلة الصيفية من أجل متطلبات دراسته، ويضطر لمواصلة العمل حتى مع انطلاق العام الدراسي.

ويتهم المدير الذي طلب عدم ذكر اسمه، القطاع التجاري باستغلال انطلاق العام الدراسي كل عام لمضاعفة الأعباء على العائلات، حيث ترتفع أسعار مستلزمات الدراسة بشكل غير طبيعي، ومثلها أسعار ملابس الأطفال والأزياء المدرسية وحتى المواد الغذائية التي تعد منها الأمهات وجبات لأطفالهن، في ظل غياب رقابة فاعلة من الجهات المسؤولة.

ويضيف المدير في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تأخر التحاق الطلبة بالمدارس يتسبب في عدم مقدرتهم على استيعاب المقررات الدراسية، وتخلفهم عن أقرانهم ممن التحقوا بالدراسة في أول يوم، مرجحاً أن يكون هذا أحد أسباب تفاوت مستويات التحصيل، والقدرة على الاستيعاب وخوض الامتحانات باستعداد كامل.

ويتحسر المدير لأن هناك طلاباً يتسربون من التعليم لعدم مقدرة عائلاتهم على إكمال تعليمهم واضطرارها إلى إبقائهم في المنازل، أو الاستعانة بهم لمضاعفة مدخول الأسرة من خلال مساعدة رب الأسرة في الأعمال الحرة، أو العمل بالأجر اليومي.

وينوه إلى أن كثيراً من المعلمين بدورهم يتخلفون عن الحضور إلى المدارس عند بدء العام الدراسي لاضطرارهم استغلال العطلة الصيفية في أعمال بالأجر اليومي.

 

أثر سوء التغذية

يزيد عدد الأطفال ممن هم في سن الدراسة في اليمن عن 10.6 مليون طفل، وفقاً لإحصاءات من بينها بيانات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، التي تقول إن اليمن يواجه أزمة تعليمية حادة، حيث أدت الحرب إلى انقطاعات متكررة في سير العملية التعليمية في جميع أنحاء البلاد، وأدت إلى تفتت نظام التعليم، ما أثر بشكل عميق على التعلّم والتطور المعرفي والعاطفي والصحة للأطفال.

وقدرت «اليونيسيف» وجود 2.4 مليون طفل خارج المدارس، بينما يحتاج أكثر من 8 ملايين إلى مساعدات مدرسية إضافة إلى معاناتهم من النقص الغذائي الذي يتسبب في تراجع تحصيلهم الدراسي.

ومنذ قرابة 7 أشهر قدرت منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف) أن اثنين من كل 3 أطفال في عمر 10 سنوات وأقل في اليمن، لا يستطيعون قراءة وفهم نص بسيط، مطالبة بمساعدة أطفال اليمن على تعلم أساسيات القراءة والرياضيات.

وترتفع تكاليف مواصلات نقل الطلاب بين منازلهم ومدارسهم بسبب الأزمات المتكررة في الوقود من جهة، وقطع الطرقات ونصب نقاط وحواجز التفتيش في الشوارع والطرقات من جهة أخرى.

ووصل سعر الكراسة المكونة من 80 ورقة إلى 700 ريال على الأقل، بما يقارب 9 ريالات للورقة الواحدة، بينما لا يقل سعر القلم عن 300 ريال، أما الحقائب المدرسية، فتزيد أسعارها مع بدء كل عام دراسي بنسبة كبيرة، ووصل سعر أقل أنواعها جودة ومتانة إلى 4 آلاف ريال وفق بيانات إعلانات متاجر المستلزمات المدرسية في مدينتي تعز وعدن، (وصل سعر الدولار في المناطق المحررة إلى 1490 ريالاً).

 

مبادرات محلية ودعم دولي

يقف أولياء أمور الطلاب في موقف صعب بين خيارات، إما الدفع بأطفالهم إلى المدارس العمومية المزدحمة والتي تقل جودة التعليم فيها بسبب الزحام وتغيب المعلمين إما لمرضهم أو نزوحهم أو مزاولتهم أعمالاً أخرى أو الإهمال، أو إلحاقهم بالمدارس الخاصة التي ترتفع تكلفة الدراسة فيها عاماً بعد آخر.

ويتساءل نبيل ثابت إن كان بإمكانه تسديد أقساط مدرسة طفليه البالغة 350 ألف ريال من راتبه الذي يبلغ 80 ألف ريال فقط، (الدولار نحو 1400 ريال في المناطق اليمنية المحررة) مبدياً قلقه من أن يضطر إلى الاستدانة عند قرب انتهاء العام الدراسي من أجل ذلك، ليأتي العام الدراسي التالي ولم يستطع سداد ديونه، فراتبه يكفي بالكاد لالتزاماته المعيشية.

ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قررت المغامرة بإلحاق الطفلين بمدرسة خاصة لأستثمر في مستقبلهما، ففي المدارس الحكومية لا أضمن لهما جودة التعليم، لكني في الحقيقة لم أخطط لما سأفعله من أجل سداد الرسوم».

في هذا السياق أعلن برنامج الأغذية العالمي، أواخر يوليو (تموز) الماضي، استمراره في تقديم الوجبات الخفيفة المدعمة لطلاب المدارس في اليمن، والتي تحتوي على العناصر الغذائية والفيتامينات الأساسية، للطلاب في جميع أنحاء البلاد، ما يساعد على سد الفجوات الغذائية.

وجاء إعلان البرنامج التابع للأمم المتحدة رغم تعليق تدخلاته في مجال الوقاية من سوء التغذية في اليمن بسبب النقص التمويل الحاد، والذي قال إنه سيؤثر على أكثر من مليوني شخص يعانون من سوء التغذية خاصة الأطفال والنساء.

وفي مدينة تعز بدأ مجموعة من الشباب المتطوعين تنفيذ مبادرة لدعم عودة الأطفال إلى المدارس، بالتعاون مع عدد من التجار ورجال الأعمال لتخفيف العبء عن الأسر المحتاجة وتشجيع الأطفال على الدراسة بتوفير مستلزمات مدارسهم بأسعار في متناول عائلاتهم.

ومن جانبها دعمت «يونيسيف» نشاط «المرسم الحر» لتحفيز الطلبة على العودة إلى المدرسة، في مدارس عدة، في محافظات صنعاء والحديدة وإب وتعز وحجة ومأرب والمحويت، وذلك بالتعاون مع وزارة الخارجية اليابانية.

الشرق الاوسط

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.