كبدت اليمن خسائر فادحة.. تقرير حديث يكشف كارثية اتفاقية الغاز المسال مع شركة توتال الفرنسية

كشف تقرير أعدّه مركز دراسات يمني، أن استمرار اتفاقية بيع الغاز المسال لشركة توتال الفرنسية، دون تعديل الاتفاقية كونها مجحفة وشابها تهم فساد، يكلف اليمن خسائر مباشرة تقدر قيمتها بالمليارات في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعاني منها البلاد بسبب الحرب وظروفها.

وأكد مركز "هنا عدن" للدراسات الاستراتيجية في تقرير حديث له، أن "اليمن لا يزال، يمتلك حق تعديل في الاتفاقية رغم مضي 18 عاما عل توقعيها، إذ لا يوجد بند في الاتفاقية معها ينص على مراجعة الأسعار كل خمس سنوات مثلما هو حاصل مع كوغاز"، مطالباً الحكومة اليمنية باللجوء إلى القضاء المحلي والدولي لمقاضاة المتورطين في الصفقة التي تمت مع الشركة الفرنسية، سواء كانوا جهات أو مسؤولين أو نافذين.

واشار التقرير إلى أن "توتال الفرنسية سبق وأن تهربت من الالتزام بآلية التعديل التي أقرتها الحكومة اليمنية السابقة وممارسة ضغوط سياسية على اليمن من خلال اتهام القضاء الفرنسي لشركة الطيران اليمنية "بالقتل غير العمد" (في حادث تحطم طائرة إيرباص عام 2009 سقط فيها 152 قتيلا), وكذا ما تردد عن معارضة فرنسا إقرار الأقاليم في الدستور اليمني الجديد.

وأوضح التقرير، أن بقاء الوضع الحالي يكلف اليمن خسائر مباشرة تبلغ المليارات في ظل أزمة اقتصادية خانقة، وأن عدم تصحيح الوضع سيخلق تحديات كبيرة ومشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية وأمنية آنية ومستقبلية ناهيك ان شركة توتال شريكة ومنفذة ومُشغلة ومديرة وبائعة ومُفاوضة ومشتريه في الوقت نفسه.

وتضمن التقرير تأكيدات أنه يجب على الحكومة اليمنية المحافظة على هذا المصدر الثمين الذي يرتبط بأمن الطاقة في البلاد في السنوات القادمة، ليس هذا فحسب، بل يجب عليها وضع حد لأي تجاوزات تعمل على استنزاف هذا المصدر أو التلاعب بالمخزون الاستراتيجي الموجود والمثبت حاليا وذلك لضمان استدامة توليد الطاقة الكهربائية من هذا المصدر الغير مكلف في كافة أرجاء اليمن في السنوات القادمة كون الكهرباء هي عصب التنمية وسبب ازدهار العديد من القطاعات الأخرى في أي بلد كقطاع الصناعة والتجارة والبناء والنقل والتعليم والصحة.

وأشار التقرير الذي قام بإعداده الباحث، عبدالغني جغمان (الخبير النفطي والاستشاري في تنمية الموارد الطبيعية)، إلى أن الشعب اليمني في كافة أنحاء البلاد يعاني من انعدام للغاز المنزلي، لأن معامل استخلاص الغاز البترولي المسال (الغاز المنزلي LPG) من منشآت صافر محدودة القدرة ومع ذلك لا تتجاوز كفاءتها 60 % ولم يتم تحديثها بما يخدم زيادة السكان منذ التسعينيات وكان يذهب ما نسبته 40 % من الغاز المنزلي إلى بلحاف هدية مجانية لتوتال وهذا مثبت رسميا، وقد قدرت خسارة اليمن في هذا الصدد بأكثر من 8 مليار دولار.

وأفاد التقرير، أن منشآت صافر تنتج حوالي 150 ألف أسطوانة غاز في اليوم وهي تكفي ما نسبته 40 % من الاحتياج المحلي، وهنالك صراع على هذا المورد ويباع في أسواق سوداء وهنالك خطوات لاستيراد كميات من الغاز المنزلي من الخارج لتغطية النقص في الاحتياج.

وقدم التقرير عدة توصيات، تضمنت مقترحات بإعادة تقييم الاحتياطيات الغازية "غاز مصاحب أو غاز حر"، وعمل استراتيجيات فنية وهندسية لزيادة استكشاف وإنتاج الغاز في البلاد، ومن بينها توسعة معامل الغاز المنزلي في (صافر) مآرب على الأقل ثلاثة أضعاف، واستكمال إنشاء محطة مآرب الغازية رقم (2).

كما أوصى التقرير، بعمل محطة مركزية كبرى على الأقل (2000 ميجا وات) في بلحاف، على أن يتم تغذيتها من خط أنبوب الغاز الواصل إلى بلحاف وعمل شبكة كهربائية تخدم كل المدن الساحلية الممتدة على شواطئ خليج عدن من قشن وإلى عدن، كذلك بناء معامل لاستخلاص الغاز المنزلي في بلحاف لتغذية سكان المحافظات الجنوبية.

وأكدت توصيات التقرير، على ضرورة تقييم الاحتياطيات الغازية في قطاعات شبوة واتخاذ قرارا ما بربطها بخط أنبوب تصدير الغاز المسال إلى بلحاف، أو بناء محطات كهرو غازية في حقول العقلة وعسقلان وشرق الحجر بجوار الحقول التي فيها نسب من الغاز المصاحب لتغطية المناطق السكنية المجاورة لها على غرار محطة خرير في وادي حضرموت، وكذلك إنشاء مصانع للصناعات البتروكيماوية والتي تعتمد على الغاز كمدخلات للإنتاج لتقليل فاتورة الاستيراد.

وكانت الشركة اليمنية المنتجة للغاز الطبيعي المسال وقعت في عام 2005 اتفاقات بيع مدتها 20 عاما مع كوجاس وجي.دي.إف سويز وتوتال الفرنسية بأسعار محددة سلفا إذ بيع سعر الغاز لتوتال بدولار واحد وللشركة الكورية كوجاس بثلاثة دولارات وخمسة عشر سنتا للمليون وحدة حرارية بينما كانت الأسعار السائدة آنذاك تتراوح بين إحدى عشر واثني عشر دولارا للمليون وحدة حرارية.

ومشروع الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال هو أكبر مشروع صناعي في البلاد وزادت أهميته كمصدر للعملة الصعبة خلال العامين الماضيين بعدما تسببت الهجمات المتكررة على خطوط أنابيب النفط في خفض صادرات الخام.

وتشكو الحكومة اليمنية من أن الاتفاقات التي وقعتها الحكومة السابقة أبخست ثمن الغاز الطبيعي المسال وحرمت الدولة من أموال عامة تحتاج إليها بشدة.

 

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية