ابو عبيدة الأمس وابو عبيدة اليوم
على مسافة ليست بالكبيرة من ( غزة ) ، يرقد هناك جثمان الصحابي الجليل القائد ( ابو عبيدة ابن الجراح ) وبجانبه مايقرب من ثلاثين الف من المسلمين ، فيهم اعداد كبيرة من الصحابة ابرزهم معاذ بن جبل وابنه عبد الرحمن ، وشرحبيل بن حسنة ، ويزيد بن ابي سفيان ، والفضل ابن العباس ابن عبد المطلب ، وقد قضى عليهم جميعا مرض ( الطاعون ) المشهور في التاريخ بطاعون ( عمواس ) عام 18 هجرية وهي قرية من ارض فلسطين ، ابو عبيدة ابن الجراح من السابقين في الاسلام وهو احد العشرة المبشرين بالجنة ، وقد اطلق عليه رسول الله صل الله عليه وسلم لقب ( أمين هذه الأمة ) شارك رسول الله في كل معاركه ، وهو احد قادة الفتوحات لبلاد الشام ، ولاه عمر ابن الخطاب قيادة الجيوش في معركة ( اليرموك ) عام 15 هجرية خلفاً لخالد ابن الوليد ، إلا انه تنازل لخالد بقيادة المعركة وشاركه في ذلك ، وبعد نهاية المعركة وانتصار المسلمين الساحق على جيوش الروم في ارض الاردن . تسلم ابو عبيدة رسميا قيادة الجيوش ، حتى كانت وفاته مع ما يقرب من ثلاثين الف من اصحابه بسبب طاعون ( عمواس) كما ذكرنا سابقاً ، سلام عليك يا ابا عبيدة وعلى كل اصحابك الذين يرقدون تحت ثرى فلسطين ، لعلك تسمع هذه الايام اصواتا لم تسمع بمثلها في عهدكم ! انها اصوات اسلحة لم تكن موجودة في عصركم ، وهي تستخدم ضد ابناء فلسطين في قطاع ( غزة ) ، وبالمناسبة بيت المقدس الذي تم فتحه بعد معركة اليرموك لم يعد معنا بل وفلسطين بالكامل لم تعد معنا ، بإستثناء رقعة صغيرة وهي ( قطاع غزة ) والعمل جارِ ليل نهار على اخراجنا منها بإتفاق العرب والعجم ؟ ليتك تشاهد يا ابا عبيدة حجم الاهوال والخراب والدمار التي تتعرض له هذه الرقعة من ارض فلسطين ، لقد مُنع عنهم الطعام والشراب والدواء من قبل العرب قبل العجم ، لقد رموهم جميعاً بقوس واحدة ، هل تعلم ان العرب يحيطون بهم من كل جانب ومع. ذلك لا يستطيعون امدادهم بشربة ماء ، لقد قاد هذه الأمة شُذاذ الأفاق ، آه لو كان هناك مددُ يا أمين هذه الأمة كما كان يحدث معكم ، لتغيرت اشياء وأشياء ،غير انه لا مدد فلا عمر بالمدينة ، ولكنا نُبشرك ان في غزة رجالا يحملون من الإيمان ما كنتم تحملونه وانتم تواجهون ( الروم ) الذين عادوا اليوم بصور مختلفة ، ولهم من العزيمة والتوكل على الله نفس ما كان لديكم ، فقد تعاهدوا على الموت من اجل الحياة بكرامة ، انهم صفوة الصفوة وخيرة الخيرة لهذه الامة في وقتها الحالي ، فلا قلق عليهم فأنتم قدوتهم ومثلهم الأعلى ، حتى انهم اطلقوا على المتحدث بإسمهم لقب ( ابو عبيدة ) حباً بك وبجهادك وسيرتك ، فعندما يتحدث تصغى له الأمة ، وعندما يهدد يهابه العدو ، يُعرف صوته ولا تُعرف صورته ، فإذا كان اسمكم هو : عامر بن عبد الله بن الجراح . فإن الناس لا تعرف من يكون ابوعبيدة ؟ ويكفينا ان له نفس لقبكم ، وحسبك من القلادة ما احاط بالعنق ،
فتشبهوا ان لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاحُ
سلام الله عليكم يا ابا عبيدة ابن الجراح انت ومن معك من الذين يرقدون في ارض الشام ، نشهد انكم قد بذلتم وجاهدتم من اجل نُصرة هذا الدين ، فســـلامٌ الله عليكم يوم جاهدتم ويوم استشهدتم ويوم تُبعثون احياء ، وسلام الله عليكم يا ابا عبيدة انت ومن معك في ارض غزة ، نشهد انكم تقاتلون نيابة عن هذه الأمة ، ونشهد انكم قد خُذلتم من قبل هذه الأمة ، فســـلامٌ الله عليكم وانتم صامدون ، وسلام الله عليكم وانتم تقاتلون حاسرين من غير دروع ، وسلام الله عليكم وانتم تسطرون ملاحم من البطولة والفداء والنصر ، وسلام الله عليكم وانتم تقولون : حسبنا الله ونعم الوكيل ردا على كل من يقول لكم : ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم .#كمال_البعداني
التعليقات