بينما يتضور أطفال اليمن جوعاً وبلادهم تتأرجح على شفا الانهيار، يستخدم الحوثيون أزمة غزة لكسب وضعية "البطل"، وبالرغم أن الحرب الأهلية خلفت خسائر فادحة في اليمن، إلا أن الضغط الإضافي الناجم عن التأثير الإقليمي للحرب في غزة يمكن أن يكون مدمرا.

وقال تقرير لشبكة سكاي نيوز«Sky News» ، للمراسلة أليكس كروفورد – ترجمة "يمن شباب نت" – "بأن البؤس الطاحن في اليمن أصبح أسوأ"، ومع ذلك، لاحظت الكاتبة التي زارت اليمن مؤخرا بأنه بينما تستمر معاناة اليمنيين في صمت فعلي، لا يزال مئات الآلاف يحتجون في المدن في جميع أنحاء البلاد بشأن القصف الإسرائيلي على غزة.

وقد وجدت اليمن، وهي واحدة من أفقر البلدان في العالم، نفسها في قلب الحرب على غزة. وكما لو أن ذلك لم يكن مرجحا بما فيه الكفاية، فإن المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على الجزء الأكبر من السكان اليمنيين من خلال مزيج من القوة والإرهاب والمساعدة الخارجية الواسعة من إيران، ينظر إليهم الآن على أنهم أبطال.

وبحسب التقرير، فمن المؤكد أن هجمات الحوثيين على طرق الشحن قبالة سواحل اليمن قد أعادت تركيز الكثير من الاهتمام السياسي والعالمي بشكل كبير.

وقد حذر هانز غروندبرغ، مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، بالفعل من أن الوضع قد يدفع اليمن مرة أخرى إلى دورة جديدة من الحرب. وقال لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي (15 مارس): "ما يحدث على المستوى الإقليمي يؤثر على اليمن وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر على المنطقة".

ويبدو أن الاهتمام العالمي الذي اكتسبته هجمات الحوثيين قد شجع الحوثيين بشكل أكبر، في حين يبدو المجتمع الدولي عاجزا عن وقفهم.

وقد فشلت الهجمات العسكرية الأمريكية والبريطانية على قواعد الحوثيين في الشمال في وقف هجوم المسلحين على السفن.

وكلما طال أمد هذا الأمر، أصبحت المحادثات بشأن السلام الدائم في البلاد أكثر صعوبة، حيث أشار السيد غروندبيرغ للأمم المتحدة: بأنه "مع تزايد المصالح، من المرجح أن تغير أطراف النزاع في اليمن حساباتها وتغير أجندتهم التفاوضية".

ويبدو أن قادة الحوثيين يدركون ذلك تمامًا، حيث قال محمد الحوثي لقناة سكاي نيوز: "الوضع ليس نفس اليمن كما كان في عام 2015. لدينا الأسلحة والقدرة ولدينا الأهداف ولدينا القدرة". في إشارة إلى الأموال والذخيرة التي جمعوها بمساعدة إيرانية.

واليمن ذو الأهمية الاستراتيجية مقسم بسبب حرب أهلية بدأت قبل نحو عشر سنوات. فالبلاد عبارة عن خليط من نقاط التفتيش المسلحة التي تديرها الفصائل المتعارضة بالإضافة إلى الجماعات المقاتلة المتنافسة الأخرى - وكلها تجعل التنقل والتجارة خطيرين وصعبين للغاية.

لقد عانت البلاد ومواطنيها بشكل كبير من هذه الحرب التي طال أمدها، حيث اتهم الجانبان بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان وجرائم حرب.

ولكن قبل عام، بدا أنه قد حدث انفراج مع إيران والمملكة العربية السعودية، القوتين الإقليميتين المتنافستين، حيث اتفقتا على العمل من أجل التوصل إلى اتفاق سلام دائم.

وأدت الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار المتكررة التي شنها الحوثيون منذ نوفمبر/ تشرين الثاني إلى إجبار سفن الشحن الدولية على تغيير مسارها.

وأدى تزايد تكلفة ومدة الرحلة لتجنب البحر الأحمر والالتفاف حول رأس الرجاء الصالح إلى ارتفاع أسعار البضائع في كل مكان، والنتيجة هي أن أفقر البلدان التي تضم أفقر السكان هي الأكثر تأثراً، وهذا يشمل اليمن.

وقالت الكاتبة "كنا في موقع لتوزيع الخبز في عدن وشاهدنا طوابير من الأطفال والأسر الجائعة تصطف للحصول على الطعام المجاني".

بالنسبة للكثيرين، أصبح الوضع الصعب بالفعل أكثر صعوبة. وأخبرنا أحد الأطباء: "يعاني المزيد من الناس من انعدام الأمن الغذائي، كما يعاني عدد أكبر من الناس من انعدام الأمن المائي".

وتابع "وسوف يستغرق الأمر أكثر من المنظمات غير الحكومية الدولية (الجمعيات الخيرية) لسد الفجوات فيما يحدث هنا".

وفي مستشفى الصداقة في عدن، يشعر الأطباء باليأس من الأعداد المتزايدة من الأطفال الجائعين الذين يتم جلبهم إلى المستشفى.

وهناك أطفال لا تستطيع أمهاتهم إطعامهم لأنهن أنفسهن جوعى ويعانين من سوء التغذية. لا يستطيع آباؤهم كسب ما يكفي لإطعام أفراد الأسرة البالغين أو أطفال الأسرة.

ويعاني اليمن من انهيار اقتصادي وشيك. ويتعرض النظام الصحي المترنح لضغوط هائلة، إذ لا يستطيع أكثر من نصف سكان البلاد الحصول على المياه النظيفة ويواجهون الآن تفشياً جديداً للكوليرا.

لقد تسببت الحرب الأهلية في خسائر فادحة في اليمن، وحولت البلاد إلى واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم. ولكن الضغط الإضافي الناجم عن التأثير الإقليمي للحرب في غزة قد يكون مدمراً.