ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

ما التأثير الذي أحدثته هجمات الحوثيين البحرية بعد 6 أشهر ؟


يسيطر التوتر على المشهد في البحر الأحمر وخليج عدن في ظل استمرار الحوثيين بتنفيذ هجمات، وتهديداتهم المستمرة بتوسيعها إلى مناطق بحرية جديدة.

ومع مرور قرابة ستة أشهر على بدء عمليات الحوثيين البحرية، تُعلن الجماعة عن عمليات جديدة، ومراحل تصعيد مختلفة، في حال استمر العدوان على غزة، وهو ما ينذر ببقاء المنطقة على صفيح ساخن.

وتثير هجمات الحوثيين جدلاً حول تأثيراتها على مسار الحرب في غزة، وانعكاساتها على دول الإقليم، وقدرتها على إحداث الضغط اللازم على حلفاء "إسرائيل"، فما الذي تحمله تهديدات الجماعة الأخيرة بخصوص توسيع الهجمات؟ وهل فعلاً كان لتلك الهجمات تأثير مباشر على "إسرائيل"؟

 

مرحلة رابعة

الخميس (16 مايو)، أعلن عبد الملك الحوثي أن جماعته ستهاجم أي سفينة تابعة لأي شركة متجهة إلى موانئ "إسرائيل"، في أي مكان تطالها قدرات الجماعة العسكرية، لا في البحر الأحمر فقط.

زعيم الجماعة قال في كلمته إن الجماعة نفذت 13 عملية بصواريخ بالستية ومجنحة، وطائرات مسيرة، في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي.

وأعلن تدشين المرحلة الرابعة من التصعيد هذا الأسبوع، بتنفيذ عمليتين نوعيتين باتجاه البحر المتوسط، مشيراً إلى أن "استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، وتوغله في رفح، يعني ضرورة التصعيد بشكل أكبر في كل جبهات الإسناد".

وأشار إلى أن الهجمات التي استهدفت السفن الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، بلغت 100 عملية بالصواريخ والمسيرات، متعهداً باستمرار الهجمات. في الوقت الذي أعلنت الجماعة، يوم الجمعة (17 مايو)، إسقاط طائرة استطلاع أمريكية من طراز "MQ9" في سماء محافظة مأرب.

 

الهجمات الأخيرة

ومن وقت لآخر تعلن الجماعة عن عمليات جديدة ضد سفن تبحر في البحرين الأحمر والعربي، ويوم الأربعاء (15 مايو)، أعلن المتحدث العسكري باسمها، يحيى سريع، عن عمليات استهدفت سفينة حربية أمريكية وسفينة أخرى تدعى "ديستني" في البحر الأحمر.

الجيش الأمريكي قال إن قواته نجحت في تدمير 4 طائرات بدون طيار في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثي يوم الثلاثاء الماضي، كما أعلن في وقت سابق هذا الأسبوع إسقاط عدة طائرات مسيرة في سماء خليج عدن.

من جانبه أكد وزير البحرية الأمريكي، كارلوس ديل تورو، اعتراض عدة صواريخ باليستية إيرانية موجهة نحو "إسرائيل" مؤخراً، دون أن يكشف تفاصيل أخرى، والوجهة التي قدمت منها تلك الصواريخ، لكن تصريحاته تزامنت مع إعلان الحوثيين تنفيذ هجمات بعيدة المدى ضد أهداف في البحر المتوسط.

الوزير قال إن الجيش الأمريكي تصدى لمئات المسيرات والصواريخ التي أطلقها الحوثيون خلال الستة الأشهر الماضية، مؤكداً وقوع أكثر من 300 هجوم على السفن الحربية للولايات المتحدة وحلفائها في البحر الأحمر.

 

الرد الأمريكي

ومنذ فجر الـ11 من يناير الماضي، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها حملة عسكرية لاستهداف مواقع وأهداف للحوثيين داخل الأراضي اليمنية، بضربات جوية وبحرية.

ويوم الأربعاء (15 مايو)، قصف الجيش الأمريكي بـ6 غارات أهدافاً للحوثيين داخل مطار الحديدة الدولي، غرب اليمن، في واحدة من عشرات الهجمات التي قالت الولايات المتحدة إنها ساهمت في تقويض قدرات الحوثيين العسكرية.

ويخفي الحوثيين خسائرهم من جراء الضربات الأمريكية، ولم يعترفوا حتى اللحظة إلا ببضع عشرات القتلى، من جراء الغارات وفي العمليات البحرية، في حين تقول الولايات المتحدة إنها قوضت قدرات الجماعة وحدّت من هجماتهم، وهو ما تنفيه طبيعة الهجمات الأخيرة للجماعة.

وفي منتصف أبريل الماضي، قال وزير البحرية الأمريكي، كارلوس ديل تورو، إن الولايات المتحدة أنفقت مليار دولار على إحباط هجمات الحوثيين على السفن خلال الأشهر الماضية.

وتشير التقديرات العسكرية إلى أن الولايات وحلفاءها تواجه حالة استنزاف من جراء استمرار الهجمات الحوثية قليلة التكلفة، في مقابل كلفة ضخمة للتصدي لها.

من جانبه يرى الخبير العسكري توفيق ديدي، أن ما واجهته الولايات المتحدة في البحر الأحمر "إهانة استراتيجية كبيرة ستكون لها تداعيات كبيرة على مستوى الصدام القادم بين الحلف الجديد المكون من الصين وروسيا وإيران من جهة، وحلف الناتو من جهة أخرى، في مجال السيطرة على المحيطات والمعابر".

ولفت إلى أن الولايات المتحدة بنت قوتها على أسطولها البحري المكوّن من 11 حاملة طائرات، وعدد كبير من الفرقاطات والمدمرات، وأهم قوة برية هي المارينز المحمولة بحراً.

وأضاف، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، أنه "أمام عجزهم عن ردع مكون عسكري متواضع يمثله الحوثيون الذين نجحوا في منع السفن الإسرائيلية من المرور، كل ذلك جعل الخبراء يشككون في القدرات العملياتية للبحرية الأمريكية بالتوازي مع تنامي قدرات البحرية الصينية، ما يعطي مؤشراً على انقلاب موازين القوى في البحر الأحمر والمحيط الهادي والبحر الأبيض المتوسط".

 

تأثير محدود

ولا يزال تأثير هجمات الحوثيين على مسار الحرب في غزة محدوداً، وبالرغم من توسيع الاحتلال هجماته في رفح وجباليا ووسط غزة، فإن الاستهداف الحوثي ظل بالوتيرة نفسها، وهو ما يثير تساؤلات حول قدرة الجماعة على تحويل تهديداتها إلى أفعال.

ويتفق مع هذه الرؤية الخبير العسكري والاستراتيجي علي الذهب، الذي يرى أن ما يحدث هو "فعل ورد فعل بين الحوثيين والقوى الغربية، في مستويات مرسومة ومحددة، لا يتم تجاوزها".

وأشار الذهب، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، إلى أنه "لا يوجد أثر تدميري على النحو الذي يفرزه العنف البحري"، مبيناً أن حديثهم المتكرر عن استهداف سفن وإصابتها بدقة، "ما هو إلا كلام عام ومرسل، وليس له أي توصيف في الجانب العسكري، سوى أنه للاستهلاك الإعلامي، للتغطية على النتائج الفاشلة".

ولفت إلى أنه حتى اللحظة "ليس هناك سوى سفينة أغرقت بطريقة أو بأخرى، وسفينة أخرى اختطفت، وأما بقية العمليات فتقع ضمن منطقة ظلام معلوماتية لا أحد يعلم عنها شيئاً".

وأوضح الذهب أنه في حال كان هناك نتائج فإنها في الجانب الاقتصادي، سواء على اليمن أو موانئ المنطقة وقناة السويس، أما "إسرائيل فلديها البدائل المناسبة، لتزويدها بالنفط من أذربيجان، وكذا من الولايات المتحدة الأمريكية".

وقال إن هناك بعض التأثير يتمثل في استنزاف وسائل الدفاع الجوية، وكذا تراجع نشاط ميناء إيلات نسبياً، وليس هناك أثر على الحرب في غزة.

 

تدليل الحوثيين

ويرى علي الذهب أن الغرب يريد الإبقاء على الحوثيين، ولا يريد أن يتحول الأمر إلى حرب عليهم تقود لإقصائهم من المعادلة، قائلاً: "الحوثيون يدركون أن الولايات المتحدة وحلفاءها لا يسعون للتصعيد، أو لا يريدون أن يجعلوا المسألة حرباً حقيقية، لأنهم لا يريدون أن يكون هناك مبرر حقيقي لقمع الحوثيين، وإخراجهم من المعادلة في اليمن أو في الإقليم".

وأضاف لـ"الخليج أونلاين": "لذلك اطمأن الحوثيون لهذا التوجه، وحاولوا استثماره لتعزيز رصيدهم الشعبي والقومي، خاصةً بهجماتهم على المصالح والسفن الإسرائيلية".

ولفت إلى أن الحوثيين لا يزالون يحظون بمكانة لدى دول الغرب، تلك الدول التي تسعى لاستثمار هذا التهديد رخيص الكلفة، للضغط على دول مثل السعودية ومصر والإمارات، لتمرير سياسات واشنطن والغرب في المنطقة.

واستطرد قائلاً: "إبقاء الحوثيين هو جزء من إعادة تشكيل الخريطة السياسية والجيوسياسية في شبه الجزيرة العربية والمحيط المائي لها، سواء في بحر العرب أو حتى شمالي السويس والعقبة".

 

هجمات البحر المتوسط

وحول حديث الحوثيين عن هجمات عابرة نحو البحر المتوسط، يقلل الخبير العسكري علي الذهب من قدرات الجماعة على تنفيذ مثل هذه الهجمات.

واعتبر أن إعلان الجماعة عن هجمات في البحر المتوسط، تأتي "في إطار البروباغندا الإعلامية الحوثية"، مشيراً إلى أن المسافة لا تسمح بذلك.

وأشار إلى أن إعلان الحوثيين عن مثل هذه العمليات قد يكون استباقاً لأي هجمات تحدث هناك عن طريق إيران أو بعض حلفائها الآخرين، بحيث يُنسَب أي هجوم للحوثيين.

ويقلل الخبير العسكري من صدق المصادر الغربية، التي يرى أنها "تسعى لتضخيم الحوثيين وتهديداتهم"، مضيفاً: "المسألة واضحة وضوح الشمس: هذا التضخيم لأغراض سياسية".

كما يعتقد أن الهدف من هذه التضخيم الغربي للحوثيين هو "فرضهم كأمر واقع، والتعامل معهم، والضغط على دول الإقليم من أجل التسوية السياسية، وتمكينهم من المناطق التي يسيطرون عليهم، والإبقاء عليهم مستقبلاً".

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.