خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
دراسة ترصد تاريخ مرض الملاريا وكيفية انتشاره

باستخدام الحمض النووي القديم المستخرج من الهياكل العظمية البشرية، تمكن فريق دولي من الباحثين الذين يمثلون 80 مؤسسة و21 دولة من الكشف عن كيفية وتاريخ انتشار الملاريا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك كيفية وصول المرض لأول مرة إلى الأميركيتين.

ففي الدراسة التي نُشرت يوم 12 يونيو/حزيران الجاري بمجلة نيتشر العلمية، حدد الفريق أول حالة معروفة للملاريا المنجلية (P. falciparum) في موقع تشوكوباني المرتفع في جبال الهيمالايا (حوالي 800 قبل الميلاد) في نيبال، على ارتفاع 2800 متر فوق مستوى سطح البحر.

الفاشية الغامضة
الملاريا واحد من أكثر الأمراض المعدية فتكا في العالم، وتُسببها عدة أنواع من الطفيليات وحيدة الخلية التي تنتقل عن طريق لدغة بعوضة الأنوفوليس المصابة. والملاريا غامضة بشكل خاص لأن العدوى الطفيلية تسبب أعراضا شائعة لمجموعة واسعة من الأمراض، وعندما تقتل فإنها لا تترك أي علامات جسدية على العظام البشرية ليتمكن علماء الآثار من العثور عليها.

لكن التقدم في أخذ عينات الحمض النووي القديمة على مدى العقد الماضي، مكّن العلماء من استعادة الحمض النووي المسبب للمرض من الهياكل العظمية البشرية التي يبلغ عمرها آلاف السنين؛ إذ تبقى آثار مسببات الأمراض التي غزت دم الشخص -بما في ذلك الطفيليات المسببة للملاريا- مغروسة في عظامه وأسنانه بعد الموت.

وفي الدراسة الجديدة، تمكن الباحثون من دراسة اثنين من الطفيليات المسببة للملاريا هما "المتصورة المنجلية" (Plasmodium falciparum) و "المتصورة النشيطة" (Plasmodium vivax).

وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة "ميغان ميشيل"، وهي باحثة دكتوراه في جامعة هارفرد ومعهد ماكس بلانك للتطور البشري في ألمانيا: "من منظور البيولوجيا التطورية تُعد الملاريا واحدة من أكثر مسببات الأمراض إثارة للاهتمام للنظر فيها بسبب تأثيرها العميق في الجينوم البشري".

وأضافت الباحثة في حديث مع "الجزيرة نت" أن هناك عدة نسخ أو متغيرات من الجينات المشاركة في تكوين خلايا الدم الحمراء -حيث تتكاثر طفيليات الملاريا- والتي يمكن أن توفر مقاومة للمرض. وتعد هذه المتغيرات أكثر شيوعا بين الأشخاص الذين عاش أسلافهم في مناطق ترتفع فيها معدلات الإصابة بالملاريا. وتقول: "إن استخدام الحمض النووي القديم يسمح لنا بالعودة بالزمن وإلقاء نظرة خاطفة على الشكل الذي كانت عليه جينومات مسببات الأمراض هذه في الماضي وكيف تطورت جنبا إلى جنب مع مضيفيها من البشر".

فحص الحمض النووي
ولمعرفة كيفية انتشار هذه الطفيليات في جميع أنحاء العالم، فحص الباحثون الحمض النووي من بقايا 36 فردا تمتد أعمارهم إلى 5500 عام وينحدرون من خمس قارات. ومن خلال مقارنة جينومات طفيليات البلازموديوم التي أصابت هؤلاء الأفراد، تتبع الباحثون متى وكيف انتقلت الملاريا من منطقة إلى أخرى.

ويعتقد الباحثون أن هذه البيانات يمكن أن تساعد العلماء؛ ليس فقط في كشف تاريخ الملاريا،ولكن أيضا في التعامل بشكل أفضل مع المرض اليوم. وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة: "يمكننا استخدام هذه البيانات لفهم ليس فقط علم الأمراض، ولكن أيضا المسار التطوري للملاريا، وربما حتى طرقا جديدة للتغلب عليها. ففي نهاية المطاف إنها واحدة من أعظم القتلة في عصرنا، حيث تقتل الملاريا أكثر من 600 ألف شخص في جميع أنحاء العالم كل عام".

كما أسفر البحث عن التوصل إلى الكيفية التي وصلت بها الملاريا إلى الأميركيتين من خلال تحليل الحمض النووي لفرد عاش في أعالي جبال الأنديز في بيرو في موقع يسمى لاغونا دي لوس كوندورس منذ نحو 500 عام. وتشير أوجه التشابه بين سلالة "المتصورة النشيطة" التي أصابت هذا الفرد والسلالات الأخرى السائدة في أوروبا في ذلك الوقت، إلى أن المستعمرين الأوروبيين جلبوا الملاريا إلى العالم الجديد، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك آلارت".

وقالت ميشيل: "هذا أمر مثير لأنه يخبرنا كيف وصلت مسببات الأمراض إلى الأميركيتين. تلك السلالات التي انتقلت في وقت مبكر من عملية الاستعمار نجت، ووجدنا أدلة جينومية تربطها بالطفيليات التي تنتشر في المنطقة اليوم".

وبشكل غير متوقع وجد الفريق أيضا أدلة على وجود الملاريا في المناخات الباردة، إذ أظهر هيكل عظمي عمره 2800 عام من تشوخوباني، وهو موقع مرتفع في جبال الهيمالايا، علامات عدوى المتصورة المنجلية – وهو اكتشاف مهم لأن تشوكوباني مرتفع جدا وبارد وجاف، ولا يتمكن البعوض الذي يحمل الملاريا من البقاء فيه على قيد الحياة.

وخلص الباحثون إلى أن هذا الشخص ربما أصيب بالمرض في منطقة منخفضة بالطريقة نفسها التي ينقل بها المسافرون المعاصرون مسببات الأمراض حول العالم.

المصدر : الجزيرة

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.