ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

التخادم الحوثي الإسرائيلي.. خفايا التواطؤ في خدمة المصالح المشتركة

في تطور لافت للأحداث في المنطقة، يتجلى بوضوح التخادم بين جماعة الحوثي في اليمن وإسرائيل، حيث يبدو أن كل طرف يقدم خدمات قيمة للآخر في وقت حرج لكل منهما.

هذا التخادم، رغم أنه قد يبدو غريبًا في الظاهر، إلا أنه يظهر كيف يمكن للأعداء الظاهريين أن يجدوا مصالح مشتركة تدفعهم للتعاون غير المعلن.

في وقت كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يواجه ضغوطات شديدة وتراجعًا في شعبيته بسبب الحرب على غزة، جاءت هجمات الحوثيين لتمنحه طوق نجاة.

نتنياهو، الذي كان يكافح للحفاظ على دعم قاعدته السياسية وسط انتقادات دولية ومحلية، استفاد بشكل كبير من تصاعد التوترات التي أثارتها هجمات الحوثيين.

من خلال توجيه الأنظار نحو خطر خارجي جديد، تمكن نتنياهو من توحيد صفوف الإسرائيليين حول تهديد مشترك، فالهجمات الحوثية، "الوهمية" أعطت نتنياهو ذريعة لتعزيز موقفه الأمني وتبرير سياساته العدوانية، وهذا التوجه خفف من الضغوط الداخلية عليه وأعاد تركيز الرأي العام الإسرائيلي بعيدًا عن الانتقادات المتعلقة بالسياسات الداخلية والحرب على غزة.

في المقابل، قدمت إسرائيل خدمة كبيرة لجماعة الحوثي عندما شنت غارات جوية على مدينة الحديدة اليمنية، متسببة في تدمير منشآت حيوية وسقوط ضحايا مدنيين، منحت الحوثيين فرصة ذهبية لتقديم أنفسهم كمدافعين عن الأمة العربية والإسلامية ضد العدوان الإسرائيلي.

الهجمات الإسرائيلية على الحديدة ساعدت الحوثيين في تعزيز روايتهم بأنهم في خط المواجهة الأمامي ضد إسرائيل، على اعتبار ان ذلك محاولة لتعزيز مكانتهم بين اليمنيين وفي المنطقة، وهذا الأمر يأتي في وقت يحتاج فيه الحوثيون إلى زيادة الدعم الشعبي، خاصة في ظل التحديات الداخلية والانتقادات المتزايدة.

من الواضح أن كلا الطرفين، رغم العداوة المعلنة "في الظاهر"، وجدوا في التصعيد فرصة لتحقيق مكاسب استراتيجية، فـ"نتنياهو" استغل الهجمات الحوثية لتعزيز موقفه الأمني وتوجيه الأنظار بعيدًا عن إخفاقاته في غزة، وبالتالي تحسين شعبيته المتراجعة.

والحوثيون استخدموا الهجمات الإسرائيلية لتقديم أنفسهم كأبطال المقاومة ضد إسرائيل، مما يساعدهم في محاولة فاشلة لكسب تعاطف ودعم محلي وإقليمي.

ففي السياسة، قد تتلاقى مصالح الأعداء بطرق غير متوقعة، والتخادم بين الحوثيين وإسرائيل في هذا السياق هو مثال صارخ على كيف يمكن للأطراف المتنازعة أن تجد نقاط تلاقي تستفيد منها لتحقيق أهدافها، بينما يظل العداء بينهما قائمًا في العلن، إلا أن الفوائد المتبادلة التي جناها كل طرف من هذا التصعيد تشير إلى أن هناك أكثر من مجرد صدفة في هذا التواطؤ غير المعلن.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.