ضمن سلسلة جرائم الحوثي- ممارسات الحوثيين الإجرامية بحق التعليم في اليمن

"ستارلينك".. تنهي عقد من هيمنة الحوثيين على الانترنت في اليمن
مثل اعلان الحكومة اليمنية إطلاق خدمة الأنترنت عبر الأقمار الصناعة خطوة هامة نحو تعزيز سيطرتها بشكل موسّع على قطاع الاتصالات في الدولة التي مزقتها الحرب طوال 9 سنوات، كما ان هذه الخدمة ستمثل انتصارًا للحكومة المعترف بها دوليا على المتمردين الحوثيين الذين ظلوا مسيطرين طوال سنوات الحرب على هذا القطاع الحيوي .

ويوم أمس الثلاثاء أقر اجتماع حكومي برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عوض بن مبارك، في العاصمة المؤقتة عدن، إطلاق خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" في اليمن.

وأشارت الحكومة إلى "أنه سيتم قريباً إطلاق عملية واسعة لكافة خدمات "ستارلينك" من خلال نقاط بيع المؤسسة الموزعة والمنتشرة في اغلب المحافظات، حيث سيتم من خلالها تقديم كافة الخدمات من بيع الاجهزة وتفعيلها و تسديد رسوم الاشتراك بأسعار مناسبة و تقديم خدمات أخرى منها الدعم الفني المباشر".

عامل في توازن القوى
منذ اندلاع الصراع في اليمن، تحولت السيطرة على البنى التحتية الحيوية إلى عامل مهم في توازن القوى بين الأطراف المتصارعة، ومن بين هذه البنى التحتية، قطاع الاتصالات والإنترنت الذي أصبح أداة رئيسية في يد مليشيات الحوثي التي حولته الى أداة حرب لتحقيق أهدافها وحربها على الشعب اليمني.

ومع سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء والمناطق المحيطة بها، وتحكمها في البنية التحتية للاتصالات والإنترنت وكذا السيطرة على الشركة اليمنية للاتصالات "يمن نت" ومؤسساتها الفرعية، كلها عوامل منحت الفرصة للجماعة التحكم في تدفق المعلومات ورقابة الاتصالات.

وشرعت الجماعة بعد السيطرة على المؤسسة بإحلال وكلاء للوزارة ومدراء عموم، وقيادات للمؤسسات المختلفة من قيادات تابعة لها، بدعم ومساندة من متخصصين في الاتصالات من الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني.

واستخدم الحوثيون سيطرتهم على قطاع الاتصالات لمراقبة ومتابعة اتصالات المواطنين والتجسس على خصومهم في الحكومية الشرعية، واستهدفت الكثير من القيادات والصحفيين والناشطين المناوئين لها، من خلال التجسس على المكالمات، ووسائط التواصل الاجتماعي، كما أقدمت الجماعة على تعطيل العديد من المواقع الإخبارية والمنصات التي تعارض سياساتهم، مما قلل من مصادر المعلومات المستقلة وأدى إلى انقطاع المعلومات عن المواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

التأثير الاقتصادي
يؤكد تقرير صادر عن لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن، العام الماضي، أن قطاع الاتصالات اليمني يشكل مصدرا رئيسا لإيرادات جماعة الحوثي، وأداة خطرة لمراقبة اليمنيين، وانتهاك حق الشعب في الخصوصية، وحرية الحصول على المعلومة.

وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن سيطرة الحوثيين على الاتصالات والإنترنت أثرت سلباً على الاقتصاد اليمني، وأن عدم قدرة الحكومة الشرعية على الوصول إلى كامل القطاع أدى إلى تعطيل العديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية.

وحسب تقارير إعلامية، فإن جماعة الحوثي تجني مبالغ طائلة من عائدات المؤسسة التي تحتوي على عدة شركات منها (يمن موبايل ، تيليمن، وشبكات الهاتف الثابت واللاسلكي)، وإضافة إلى الإيرادات المحصلة من الشركات الحكومية والخاصة، فإن الجماعة تسعى للحصول على إيرادات قطاع الاتصالات المحتجزة في الخارج، منذ انقلابها أواخر 2014، والبالغة 300 مليون دولار.

التدخل الايراني
وكانت مبادرة يمنية مستقلة، كشفت معلومات ووثائق عن مدى التدخل الإيراني في قطاع الاتصالات في اليمن، وتسخيره لصالح ميليشيا الحوثي في الجانب الاستخباراتي والاستثماري والمالي.

وعرض تقرير أصدرته مبادرة استعادة (regain yemen)، المعنية برصد وتوثيق جرائم النهب والفساد والجريمة المنظمة وتعقب الأموال الحوثية، وثائق ومعلومات تتحدث عن قيام الحوثيين بتنفيذ مشروع استثماري استخباراتي يشرف عليه خبراء إيرانيون من شركتي الما وبي ار تل الإيرانيتين، ومن جانب الحوثيين عبد الله مسفر الشاعر كطرف ممثّل لهم، إضافة إلى القائم بأعمال المدير التنفيذي لشركة "واي" ومدير شركة "فايبر فون" إبراهيم هاشم يحيى الشامي، وعبد الله حسين عبد الله الشهاري (ممثّل لشركة يويو) بهدف إدارة قطاع الاتصالات في اليمن وكيفية تنمية استثماراته.

وأوضح التقرير أن ميليشيا الحوثي كلفت قيادات أخرى في الجانب الاستخباراتي وهم محمد حسين بدر الدين الحوثي مدير دائرة الاتصالات العسكرية المشرف العام على برنامج التشارك الحوثي الإيراني، ومحمد ناصر أحمد مساعد (أبو عصام) مدير دائرة الاتصالات الجهادية (الاتصالات الخاصة بالميليشيا)، وعبدالخالق أحمد محمد حطبة نائب مدير دائرة الاتصالات العسكرية، وكذلك محمد محسن حسين المتوكل الملقب أبو بدر المتوكل وينتحل اسما آخر هو محمد محسن الشهاري كحلقة الوصل الرئيسية بين الحوثيين والإيرانيين في مشروع التشارك.

تحديات الحكومة الشرعية
وخلال السنوات الماضية عانت الحكومة الشرعية من تحديات كبيرة في مواجهة السيطرة الحوثية على قطاع الاتصالات، مع عدم قدرتها على توفير خدمات بديلة ذات جودة مناسبة في المناطق المحررة تزايت الصعوبات امامها .
في 2018 دشنت شركة عدن نت الحكومية تقديم خدمات الإنترنت من الجيل الرابع (4G) إلا أنها فشلت في توفير الخدمة للسكان في عدن واقتصر استخدامها على نسبة بسيطة منهم، كما أخفقت ايضاً، في إيصال خدماتها إلى المحافظات الأخرى، مع حضور محدود في المكلا بحضرموت وزنجبار في محافظة أبين حسب سكان محليون.

وامام هذه التحديات كان على الحكومة اليمنية أن تتخذ خطوات عملية في هذا الجانب وأن تهتم بهذا الملف بشكل أكبر وأكثر جدية، ولأجل تحقيق ذلك، والشروع في البحث عن وسائل أخرى لاستعادة السيطرة على قطاع الاتصالات والإنترنت وهو ما حدث بالفعل بعد اعلان الحكومة عن إطلاق خدمة الانترنت عبر الأقمار الصناعية "ستارلينك" كخطوة تأخرت كثيراُ.

خطوة يراها مراقبون تمثل ضربة موجعة للحوثيين، حيث ستقلل من العوائد المالية التي تجنيها المليشيات، من خدمة الإنترنت وأسعارها المرتفعة جدا والتي تتحكم بها من العاصمة المختطفة صنعاء.


ماهي ستار لينك
"ستار لينك" هي خدمة إنترنت قائمة على الأقمار الصناعية أنشأتها شركة "سبيس إكس، وصممت لتوفير الوصول إلى الإنترنت بسرعة تصل إلى 500 ميجابايت في الثانية. في جميع أنحاء العالم والمناطق المحرومة التي لا يوفرها نظام خدمة الإنترنت التقليدي.

واعتبارًا من عام 2023، اطلقت "ستارلينك" ما يقرب من 5000 قمر صناعي في المدار الأرضي المنخفض، والتي يتم ربطها ببعضها البعض لإنشاء شبكة متداخلة قادرة على توفير وصول عالي السرعة إلى الإنترنت.

وتعمل الخدمة من خلال توصيل المستخدمين بالأقمار الصناعية عبر طبق هوائي يتم توصيله بجهاز التوجيه والمودم الخاصين بالمستخدم، والتي بدورها تكون متصلة بالإنترنت.

ضربة موجعة لجماعة الحوثي
يعتقد مراقبون أن اعلان الحكومة بإطلاق خدمة الأنترنت عبر الأقمار الصناعة ستمثل ضربة موجعة للحوثيين، حيث ستقلل من العوائد المالية التي تجنيها المليشيات، من خدمة الإنترنت وأسعارها المرتفعة جدا والتي تتحكم بها من العاصمة المختطفة صنعاء.

فمن المعروف ان جماعة الحوثي تعتمد بشكل كبير على الاتصالات كمصدر للإيرادات من خلال فرض الرسوم والضرائب على شركات الاتصالات ومقدمي الخدمات، وبفقدان هذه السيطرة يعني فقدان هذا المصدر الحيوي للدخل، كما ستتراجع ايضاً قدرتهم على تمويل العمليات العسكرية، بالإضافة إلى تعطّل في بعض الأنشطة الاقتصادية في المناطق التي يسيطرون عليها، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على السكان المحليين وبالتالي يؤدي إلى تراجع الدعم الشعبي.

كما يمكن أن يؤثر فقدان سيطرة الحوثيين على الاتصالات إلى تراجع قدرتهم في التجسس والمراقبة على تحركات خصومهم، وضعف تدفق المعلومات وبالتالي انخفاض قدرتهم على التأثير في الرأي العام وكسب الدعم الشعبي.

وبشكل عام، فان فقدان سيطرة الحوثيين على الاتصالات سيخلف ضغوطا اقتصادية، وامنية، وسياسية، وخلق حالة من الارتباك لدى الجماعة على جميع الأصعدة.


أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.