انتصرت للمحجبات ودمرت أهداف فرنسا.. هذا ما فعلته العدّاءة الهولندية "سيفان حسن"
صورة للتاريخ وفي أشهر محفل رياضي وفي عمق دولة تحارب "الحجاب" بديكتاتورية القانون، انتصرت العداءة الهولندية ذات الأصول الإثيوبية، سيفان حسن، لكل المحجبات، بصعودها بالحجاب لتسلم ميداليتها الذهبية عقب فوزها في ماراثون أولمبياد باريس.
قصة ملهمة لبطلة “خارقة” اسمها سيفان (31 عاما) لجأت إلى أوروبا في عمر 15 عاما، وعلى منصة الحفل الختامي تسلمت ميداليتها بالحجاب في إذلال لفرنسا “القمعية” التي حرمت الرياضيات المحجبات من المنافسات.
“أخطر حيلة”
ختام أولمبياد باريس في 11 أغسطس/ آب 2023، لفتت فيه سيفان الأنظار بتسلمها الميدالية الذهبية وهي بالحجاب، لتتصدر اهتمام الإعلام الدولي ورواد منصات التواصل الاجتماعي.
وبنظرة شاملة لصورها على حسابها في منصة "إنستغرام"، يظهر أنها لا تتضمن أي صورة محجبة، بل خاضت جميع السباقات بمختلف أماكنها دون ارتداء الحجاب.
وتحدث ناشطون ومدونون على منصات التواصل الاجتماعي أن سيفان أرادت توجيه رسالة احتجاج للمنظمين على منع الحجاب والتضييق على المحجبات.
ونجحت في أن تحول صورتها آخر يوم وآخر ميدالية ذهبية توزع في البطولة إلى أيقونة، وانتشرت كالنار في الهشيم بمواقع التواصل وتناقلتها الوكالات العالمية.
ووصفت صفحة “ساعة رياضة 24” عبر فيسبوك ما فعلته سيفان بأنه “أخطر حيلة في الأولمبياد”، وقالت: “سيفان ليست محجبة، ولكن عندما أدركت أنها آخر من سيحصل على الميدالية في باريس وسط آلاف الرياضيين وتحت أنظار العالم والصحافة والإعلام، قررت ارتداء الحجاب بعد منعه في فرنسا”.
وأضافت أن "سيفان أرادت أن تبعث رسالة تضامن لمحجبات فرنسا اللواتي حرمن من المشاركة بسبب الحجاب".
وأضافت أن "كل ما خسرته فرنسا للترويج له من تفتح وشذوذ ضربته لهم هذا الرياضية في الصفر، في آخر لقطة في الأولمبياد لدرجة جعلت القنوات الفرنسية تتلعثم وترتبك في تغطيتها للحدث، لأن آخر لقطة من الأولمبياد هي مرأة ناجحة محجبة".
ووصفت النائبة عن حزب "فرنسا الأبية"، إرسيليا سوديس، فرنسا بأنها " دولة معادية للإسلام".
وأشارت في مقال نشرته عبر صحيفة “ميديا پارت” في 9 أغسطس، إلى أن “فرنسا هي الدولة الوحيدة التي منعت لاعباتها المحجبات من المشاركة في الألعاب الأولمبية”.
طموح سيفان في باريس أثار إعجاب نجم السباقات الأميركي السابق مايكل جونسون وقال: "بالنسبة لأي شخص آخر هذا جنوني".
وأضاف في تصريحات صحفية: "لا أعتقد أن هناك أي عداء يستمتع بالسباقات أكثر من سيفان حسن".
وخطت سيفان خطواتها الأولى نحو المجد الأولمبي على مضمار نادي آيندهوفن لألعاب القوى، قبل عقد من الزمن في هولندا.
وقال رئيس جهاز التدريب في النادي، آد بيترز، "رأينا على الفور بعد التحاقها بنا أنها رياضية موهوبة، حتى الحصان الأعمى كان يرى أنها ستكون عداءة جيدة".
وأضاف بيترز لوكالة “فرانس برس”: "هكذا تعرّفنا إليها، لقد رأينا بالفعل أنها كانت رياضية موهوبة، لكنها لم تكن عداءة حقيقية في ذلك الوقت".
وارتقى مستواها بسرعة كما حصلت على جواز سفر هولندي في فترة قصيرة أيضا. وأدرك مدربو ألعاب القوى الهولنديون موهبتها وأرسلوها إلى مركز تدريب النخبة الأولمبي.
مسيرة مشرفة
سيفان حسن، عداءة مسافات متوسطة وطويلة هولندية إثيوبية ولدت في 1 يناير 1993 بمدينة أدمة في إثيوبيا.
في سنة 2008 وبعمر الـ15 هاجرت كلاجئة إلى هولندا حيث بدأت بدراسة التمريض هناك، ثم بدأت بعد ذلك مسيرتها الرياضية واختصت بسباقات 1500 متر و3000 متر.
أبرز إنجازاتها، فوزها بالميدالية البرونزية في بطولة العالم لألعاب القوى 2015 في بكين في سباق 1500 متر، كما فازت بالميدالية الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى داخل الصالات 2016 في بورتلاند.
كما فازت بالميدالية الذهبية في بطولة أوروبا لألعاب القوى 2014 في زيورخ في سويسرا في سباق 1500 متر، أفضل رقم شخصي لها في سباق 3:56.05 دقيقة سجلته في سنة 2015 في موناكو.
وفي أولمبياد طوكيو 2020، صنعت الهولندية الحدث، بعدما تألقت بتحقيق عدة ميداليات، بينها ذهبيتان في سباقي خمسة آلاف وعشرة آلاف متر، وميدالية برونزية في سباق 1500 متر.
وفي أولمبياد باريس 2024، واصلت سيفان تألقها، ففازت بميدالية برونزية في نسخة باريس، تخصص خمسة آلاف متر، وأيضا ذهبية في سباق الماراثون، لتصبح المرأة الوحيدة التي تحقق ذهبيات في السباقات الطويلة ونصف الطويلة، ورفعت التحدي في رياضة تعجز فيها المتسابقات عن إكمال المسافة المطلوبة.
ورفعت الهولندية رصيدها الإجمالي من الميداليات الأولمبية إلى 6 ميداليات. وأصبحت أول عداءة في التاريخ تحقق الميدالية الذهبية في سباق المسافات الطويلة والمتوسطة والماراثون.
وفي تصريحات صحفية مع بداية فعاليات الأولمبياد، قالت سيفان: "أنا شخص فضولي يتطلّع للتحديات، وأحاول اكتشاف ما هو ممكن، أحب هذا المشوار وكذلك التحدي".
وأضافت "شكّل إعدادي تحديا، بسبب طريقة الجري، الطاقة الضرورية، كل شيء مختلف بين المضمار والماراثون".
وأوضحت أن أحد شعاراتها المفضلة، المأخوذة من القرآن الكريم، هو “إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً”.
التعليقات