بالوثائق.. الكشف عن فضيحة فساد "مدوية" تتعلق بتعامل المنظمات الدولية مع ملف المساعدات الإنسانية
كشف صحفي يمني عن فضيحة فساد جديدة تتعلق بتعامل المنظمات الدولية مع ملف المساعدات الإنسانية في جنوب اليمن. القصة تجمع بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في عدن ومدير عام مديرية الشمايتين بمحافظة تعز.
القضية تتمحور حول رغبة المفوضية في التخلص من كميات كبيرة من الصابون منتهي الصلاحية الموجود في مخازنها، حيث قبل مدير الشمايتين استلام هذه الكميات مقابل مبالغ مالية، وفقاً لما ذكره الصحفي صالح الحنشي في منشور على موقع "فيسبوك".
ووفقاً للحنشي، فإن 750 ألف قطعة صابون بوزن 80 جراماً لكل منها وصلت إلى مخازن المفوضية في عدن عام 2021، ولكنها بقيت هناك حتى انتهت صلاحيتها. وبعد مرور أكثر من عام على انتهاء صلاحيتها، بدأت المفوضية في البحث عن طريقة للتخلص منها. في القانون المتعلق بعمل المنظمات الإنسانية، يُفترض إعادة تدوير هذه المواد في حالة وجود مصانع إعادة التدوير، وإن لم تتوفر يتم شحنها إلى بلد المنشأ. لكن المفوضية اختارت التخلص منها بطرق مشبوهة، حيث تواصل مكتب المفوضية في عدن مع جهات محلية لمساعدتها في التخلص من هذه الكمية.
وأشار الحنشي إلى أن الجهة الوحيدة التي تجاوبت مع المفوضية كانت مديرية الشمايتين، حيث طلب مديرها استلام 260 ألف قطعة صابون فاسدة، مدعياً قدرته على إعادة تدويرها. وذكر الحنشي أنه يجهل ما إذا كانت المديرية تمتلك فعلاً مصانع للتدوير.
ونشر الحنشي وثائق رسمية، من بينها مذكرة من مدير مديرية الشمايتين عبد العزيز الشيباني إلى رئيس مكتب المفوضية في عدن بتاريخ 19 أكتوبر 2023، يعرب فيها عن استعداده لاستلام 260 ألف قطعة صابون ومعالجتها وتوزيعها على "السكان الضعفاء" في المديرية. وطلب المدير مبلغ 10 آلاف دولار من المفوضية لتغطية تكاليف العمالة المرتبطة بمعالجة وتوزيع الصابون، مشيراً إلى أن هذه المبالغ ستكون حاسمة في تسريع العملية.
في رد على مذكرة مدير الشمايتين، أرسل مدير مكتب المفوضية في عدن مذكرة بتاريخ 19 ديسمبر 2023، أبدى فيها سروره بتلبية الطلب وأعرب عن رغبته في تسريع عملية شحن 273,887 قطعة صابون إلى الموقع المحدد. وعبّرت المفوضية عن امتنانها العميق للتعاون في هذا الأمر.
أكد الحنشي أن مكتب المفوضية في عدن قام بنقل الكمية المطلوبة إلى مستودع خاص استعداداً لنقلها إلى مديرية الشمايتين. وفي اليوم نفسه، الذي بعثت فيه المفوضية مذكرتها إلى مدير الشمايتين، رفع المدير أيضاً مذكرة أخرى إلى مدير الأمن بمحافظة عدن، طالباً منه تسهيل خروج الكمية المطلوبة، معترفاً صراحة بأنها "منتهية الصلاحية".
وفي مذكرة أخرى، حاول مدير مكتب المفوضية تبرير عملية التصريف هذه بالإشارة إلى أن التخلص من هذه الكمية يمكن أن يشكل مخاطر بيئية، وأن إعادة التدوير يمثل نهجاً اقتصادياً مفيداً.
وأثار الحنشي تساؤلات مشروعة حول نوايا المنظمة، خاصة فيما يتعلق بثقتها في قدرة مديرية نائية على إعادة تدوير هذه الكميات الكبيرة. وأكد أن هذا الأمر يضع مدير مكتب المفوضية ومدير مديرية الشمايتين تحت المساءلة القانونية والأخلاقية، وربما يتورط محافظ تعز أيضاً إذا كان قد وافق على هذه الصفقة.
وتساءل الحنشي عن دور إدارة أمن عدن في تسهيل خروج هذه الكمية رغم علمها بأنها فاسدة. وكشف عن تسرب كميات من الصابون الفاسد إلى السوق في عدن، ما دفع النيابة للتحرك وضبط الكميات وختمها بالشمع الأحمر. ولفت الحنشي إلى أن هناك مفاوضات جارية بين المفوضية والنيابة لرفع الحظر على الصابون ونقله إلى تعز، متسائلاً عن مصير باقي الكمية البالغة 48 طناً.
واختتم الحنشي منشوره بمطالبة بفتح تحقيق شامل في القضية ومحاسبة جميع المتورطين، مشيراً إلى أن هذا الحادث يكشف طريقة إدارة المنظمة لعملها حتى مع المواد الغذائية.
التعليقات