ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

تركيا وقطر تؤسسان سرباً جوياً مشتركاً.. ما الأبعاد الاستراتيجية والأهداف؟
أعلنت تركيا وقطر، أمس الثلاثاء، عن تأسيس سرب مشترك يضم قوات جوية وطائرات حربية من كلا البلدين، في خطوة تعتبر هامة على الصعيدين العسكري والاستراتيجي في منطقة الشرق الأوسط.

وأثارت تلك الخطوة الاستراتيجية تساؤلات عدة من مراقبين، حول أهميتها وأبعادها المختلفة، والرسائل التي قد ترغب الدولتان في إيصالها من خلال هذا التعاون العسكري المتقدم.

وجاءت تلك التساؤلات عقب زيارة أجراها قائد القوات الجوية التركية الجنرال ضياء جمال كاديو أوغلو إلى مقر السرب المشترك ضمن قيادة القوات المشتركة في قاعدة دخان الجوية التابعة للقوات الجوية الأميرية القطرية، حيث اطلع على عمليات السرب والتقى قائد القوات الجوية الأميرية القطرية اللواء الركن طيار جاسم بن محمد المناعي، حسب بيان صادر عن وزارة الدفاع القطرية.

ولفت مراقبون إلى أنه من المتوقع أن تعمل طائرات F-16 التركية جنباً إلى جنب مع طائرات رافال القطرية ضمن هذا السرب المشترك.

ويمثل السرب المشترك خطوة متقدمة في التعاون العسكري بين البلدين، متجاوزاً التدريبات المشتركة التقليدية إلى مستوى التكامل العملياتي، كما أنه يساهم في تبادل الخبرات وتطوير القدرات العسكرية لكلا الطرفين، وفق ما يؤكد مراقبون عسكريون.

ويساهم وجود العناصر التركية في قطر بشكل كبير في تعزيز التعاون الدفاعي بين البلدين، فضلا عن تعزيز الصناعات الدفاعية المشتركة التركية القطرية.

ورأى محللون استراتيجيون أنه يمكن اعتبار هذه الخطوة محاولة لتشكيل توازن قوى جديد في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المستمرة، وقد تساهم كذلك في ردع التهديدات المحتملة ضد أي من البلدين أو حلفائهما في المنطقة.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب فوزي السهلي في تصريحات لـ”وكالة أنباء تركيا”، إن “الإعلان بين تركيا وقطر عن تشكيل السرب المشترك إنما هو خطوة مهمة في هذه المرحلة الدقيقة من عمر المنطقة والتغييرات الحاصلة فيها، خاصة بعد (حرب غزة) ومحاولة انفراد الكيان الصهيوني في تحديد ملامح المنطقة دون أن يقيم أي اعتبار لمجموعة دول العالم التي هي على اتصال مع عديد الأطراف بحيث أبقى على مراهنته الجزئية على الولايات المتحدة الأمريكية مع انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية التي ستحصل نهاية هذا العام، ما خلق قلقا دوليا متصاعدا في عموم دول المنطقة”.

وتابع السهلي “حيث إن الكيان الصهيوني اليميني المتطرف خلق حالة من اللاتوازن في عموم دول المنطقة القريبة والبعيدة عن فلسطين، بحيث أضحى هذا الدور الذي يلعبه الكيان الصهيوني مرفوضا لدى عديد الدول في العالم الحر وخاصة الدول الليبرالية، بحيث بات الدفاع عن الحريات والديمقراطيات أساسي بعد أن أحرج الكيان الصهيوني هذه الدول، إضافة إلى أن الانفراد الأمريكي في قيادة المواقف في المنطقة وعدم قدرته على مواجهة طموحات وميول اليمين الصهيوني المتطرف”.

وأضاف أن “كل هذه الأحداث في منطقة الشرق الأوسط والعالم استدعت وضمن المصلحة المشتركة بين قطر وتركيا، الإعلان عن تشكيل هذا السرب، والذي ربما يكون دافعا لتخفيف الضغط عن الشعب الفلسطيني من خلال هذه الحرب الهمجية العنصرية التي لم يحصل مثلها في تاريخ الصراعات البشرية”.

واعتبر محللون وأكاديميون أن هذا التعاون بين تركيا وقطر يؤكد على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والتي تجاوزت المجالات الاقتصادية والسياسية إلى المجال العسكري.

كما قد تُفهم هذه الخطوة على أنها رسالة للقوى الإقليمية والدولية حول قوة التحالف التركي القطري وقدرته على التأثير في المعادلات الإقليمية، حسب مراقبين.

ولفت مراقبون إلى أن هذا التعاون قد يؤثر على علاقات البلدين مع دول أخرى في المنطقة، سواء بشكل إيجابي من خلال فتح آفاق تعاون جديدة.

وأكدوا أن هذا العمل المشترك سيتطلب تنسيقاً عالياً وتدريبات مكثفة لضمان التكامل الفعال، مشيرين في ذات الوقت إلى أن هذا التعاون يمكن أن يفتح الباب أمام تطوير تقنيات عسكرية مشتركة وتبادل الخبرات في مجالات متقدمة مثل الطائرات بدون طيار والأنظمة الإلكترونية.

بدوره، تحدث المحامي والناشط السياسي حسن رفاعة لـ”وكالة أنباء تركيا”، حيث شدد أن “هذه الخطوة التي بدأتها تركيا وقطر نأمل أن تكون فاتحة تعاون وتنسيق بين البلدين بهدف تحسين القدرات المهنية للجنود المقاتلين في سلاح الطيران التركي والقطري وتنمية المهارات في استخدام واستثمار وصيانة الطائرات الحربية للبلدين، من أجل رفع استعدادهما للدفاع عن بلديهما وحماية أمنهما الإقليمي وكذلك أمن بلدان المنطقة في الخليج والشرق الأوسط وشرق المتوسط من أي خطر خارجي قد تواجهه بلدان المنطقة، ولتأمين الاستقرار والأمن والسلم بين بلدان المنطقة، تمهيدا لما نأمل به من بناء منظومة أمن إقليمي لبلدان المنطقة بالقلب منها تركيا وقطر لما لهما من أهمية ودور في هذا الأمر”.

وأضاف رفاعة أن “بادرة التعاون العسكري القطري التركي نأمل أن تكون نواة لتعاون أكبر قابل ليشمل أكثر من دولة تشارك قطر وتركيا اهتمامهَا وهمومهما في السلام والتعاون الإقليمي من أجل السلام والازدهار والنجاح الاقتصادي لرفاه مجتمعات وشعوب المنطقة، ومحاصرة التطرف والإرهاب وتجفيف منابعها، أي كان هدف هذا الإرهاب أو مصدره”.

ورأى أن “هذا يتطلب تعاوناً مثل إيران وروسيا وترك الباب مفتوحا أمام الصين لضمان تعاونها وتأييدها وكذلك مصر والسعودية، استثمارا للتحسن الذي طرأ على العلاقات بين هذين البلدين مع تركيا وقطر، بعد تبادل الزيارات على مستوى مسؤولين كبار ببن البلدين من جهة وكل من قطر وتركيا، والأجواء الإيجابية التي نأمل أن ترمم وتستعيد الثقة والأخوة بين شعوب وحكومات هذه البلدان مجتمعة، والتي هي المؤهلة لتكون قاطرة التقدم والازدهار لشعوب المنطقة، وليكون لها الدور المرجو في حل يؤمن مصالح جميع الأطراف الفاعلة في الأزمة السورية، تستعيد به سوريا الأمن والسلام ووحدتها الإقليمية، والتي كانت من اهتمام أكثر من مسؤول تركي وقطري عبروا عنها في أكثر من مناسبة وأكثر من مكان”.

وزاد رفاعة موضحا “نحن النخب الثقافية والسياسية في سوريا ننظر باهتمام وأمل لهذا التعاون، والذي نطمح أن يمتد لأكثر من مجال في التعاون الاقتصادي والسياسي والتنمية والسلام الإقليمي والعالمي ولما فيه الخير للجميع، ولجم قوى الحرب ووقف أي تهديد للسلم بالعالم”.

وأجمع مراقبون أن تأسيس السرب المشترك بين تركيا وقطر خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الثنائية وتقوية الموقف الاستراتيجي لكلا البلدين في المنطقة، ومن المتوقع أن يؤدي هذا التعاون إلى: زيادة التنسيق والتعاون العسكري بين البلدين في المستقبل، إمكانية توسيع نطاق التعاون ليشمل دولاً أخرى في المنطقة، وتعزيز دور تركيا وقطر في الأمن الإقليمي وزيادة نفوذهما الدبلوماسي.


أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.