كشف تفاصيل لأول مرة.. السفير البريطاني الأسبق يكتب شهادته حول "سقوط صنعاء"
كشف السفير البريطاني السابق لدى اليمن"إدموند فيتون براون"، في تحليل مطول حول محور المقاومة ودور الحوثيين فيه، معلومات جديدة تتعلق بسقوط العاصمة اليمنية صنعاء بيد جماعة الحوثي ودور إيران في تعزيز نفوذ هذه الميليشيات التي تشكل تهديداً على الأمن الدولي والشحن في البحر الأحمر.
وأوضح السفير أن الحوثيين، الذين يستمدون الدعم والتوجيه من إيران، لا يشكلون فقط خطراً على استقرار اليمن، بل أيضاً على الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي.
وأشار السفير البريطاني، الذي شغل منصبه في اليمن بين 2015 و2017، إلى أن الحوثيين بدأوا كحركة محلية تهدف إلى تعزيز النفوذ الزيدي في شمال اليمن، لكن بمرور الوقت تطوروا ليصبحوا جزءاً أساسياً من شبكة الميليشيات التي تدعمها إيران في المنطقة.
وتابع: في الوقت الذي تدير فيه إيران تحركات هذه الميليشيات، يظهر الحوثيون كأحد أكثر الفصائل قوة، ورغم ذلك فإن علاقتهم مع إيران باتت أوثق، حيث يعتمدون بشكل متزايد على الدعم العسكري والتقني الإيراني. ويعتبر الحوثيون عنصراً أساسياً في الحرب التي تخوضها إيران ضد خصومها في المنطقة.
ومن أبرز التحديات التي طرحها السفير هو الخطر المتزايد الذي يشكله الحوثيون على الشحن الدولي في البحر الأحمر. إذ أن سيطرتهم على مناطق استراتيجية قريبة من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، تجعلهم في موقع يمكنهم من تهديد الاقتصاد العالمي.
وأكد السفير أن الحوثيين ليسوا مجرد حركة سياسية أو جماعة مسلحة، بل يمثلون تهديداً متزايداً للاستقرار الدولي، وأن تجاهل هذا التهديد قد يفاقم من تداعياته.
استناداً إلى تجربته في التفاوض مع الحوثيين، تحدث السفير عن صعوبة الوصول إلى تسوية معهم. ففي عدة مناسبات، أظهر الحوثيون استعداداً للقتل والدمار للوصول إلى أهدافهم، مشيراً إلى أنهم أبلغوه صراحةً أنهم سينتصرون في اليمن لأنهم لا يهتمون بعدد القتلى، على عكس المجتمع الدولي الذي يسعى للسلام.
وقال: لإدراك قوة الحوثيين اليوم، من الضروري فهم نشأتهم وتاريخهم. فقد تشكلت الجماعة في التسعينيات من القرن الماضي، مستوحية أفكارها من حزب الله اللبناني والنظام الإيراني. ومع مرور الوقت، توسع نفوذهم ليشمل معظم المناطق الشمالية من اليمن، وفي عام 2014، تمكنوا من السيطرة على العاصمة صنعاء. وأتاح لهم هذا التحول تحالفهم المؤقت مع الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الذي ساعدهم في التمدد عسكرياً.
ويرى السفير أن العلاقات بين الحوثيين وإيران قد وصلت إلى مرحلة متقدمة، حيث بات الحوثيون يعتمدون بشكل كبير على الدعم العسكري والمالي الإيراني. كما أصبح دور إيران في دعم الحوثيين واضحاً من خلال تزويدهم بالسلاح والتدريب والتكنولوجيا المستخدمة في هجماتهم على المملكة العربية السعودية وحلفائها.
وأشار السفير إلى أن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، فشل في التعامل مع الحوثيين كجماعة إرهابية لفترة طويلة، الأمر الذي ساعدهم في الاستمرار في أنشطتهم العسكرية. حتى بعد أن هاجم الحوثيون الإمارات بطائرات مسيرة في يناير 2022، تم إدانتهم على المستوى الدولي، ولكن لم تتخذ خطوات كافية لردعهم بشكل فعّال.
وفي ظل تصاعد هجمات الحوثيين، لا سيما في البحر الأحمر وباب المندب، تحركت القوات الأميركية والبريطانية لضرب مواقعهم الأساسية. ورغم هذه الجهود، فإن الحوثيين لا يزالون يواصلون عدوانهم، ويبدو أن إيران مصممة على دعمهم. هذه التصرفات أثارت مخاوف حول استقرار التجارة العالمية، حيث أن مضيق باب المندب هو أحد أهم الممرات البحرية في العالم.
وأكد السفير أن الولايات المتحدة وبريطانيا، بالإضافة إلى شركائهما الإقليميين، يعملون على تشكيل تحالف قوي للتصدي للتهديد الحوثي والإيراني على الملاحة الدولية. ويبدو أن هذه التحركات قد تأتي بنتائج، ولكن تظل هناك تحديات كبيرة، خاصة مع استعداد الحوثيين لمواصلة هجماتهم في ظل الدعم الإيراني المتزايد.
وفي الختام، يمكن القول إن التحديات التي يطرحها الحوثيون اليوم تتجاوز اليمن لتشمل تهديدات إقليمية ودولية. وبالتالي، فإن التعامل مع هذه الجماعة يتطلب تحركاً دولياً حازماً وجاداً يركز على حماية الأمن الدولي وضمان حرية الملاحة في أهم الممرات البحرية.
المادة الأصل على الرابط هنـــــا
التعليقات