"صندوق الأسرار" لـ44 عاماً .. اليوم خارج دائرة الضوء
في أول حكومة يمنية تم تشكيلها بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية برئاسة حيدر أبو بكر العطاس، رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا، شكلت في 24مايو90م، تم تعيين اللواء غالب مطهر القمش، وزيرا الداخلية، كأول وزير داخلية لليمن الموحد.
كانت حقيبة الداخلية من حصة حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم في الشطر الشمالي، مقابل ذهاب وزارة الدفاع للحزب الإشتراكي الحاكم في الشطر الجنوبي وتعيين عضو المكتب السياسي بالاشتراكي اللواء الركن هيثم قاسم طاهر (لحج) وزيرا للدفاع.
فيما أعيد تعيين مجاهد يحيى أبو شوارب (عمران، شمال) في منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الداخلية، وهو المنصب الذي كان يشغله منذ عام 88م في آخر حكومة بالجمهورية العربية اليمنية سابقا ترأسها عبدالعزيز عبدالغني (تعز) وتولت التوقيع على اتفاقيات الوحدة، مقابل تعيين عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي اللواء الركن صالح عبيد أحمد (الضالع)، في منصب "نائب رئيس الوزراء لشئون الأمن والدفاع" في حكومة العطاس.
قبل إعلان الوحدة ودمج المؤسسات كان آخر وزير داخلية في الشطر الجنوبي هو العميد صالح منصر السييلي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية، والعميد/د سعيد صالح سالم عضو المكتب السياسي وزير أمن الدولة. كان السييلي رابع شخصية جنوبية يشغل منصب وزير داخلية في جمهورية اليمن الديمقراطية، وقد تم تعيينه في منصب وزير شئون المغتربين في حكومة العطاس الأولى عقب الوحدة.
اللواء القمش، من أبناء منطقة خارف محافظة عمران شمال اليمن، وهو واحد من أبرز أركان الحكم في اليمن منذ السبعينات، وأحد أهم القادة الذين تولوا مناصب قيادية ذات طابع أمني لعقود.
كان يوصف بأنه الذراع الأمني لنظام صالح، ويعتبره البعض "الصندوق الأسود" للملف الأمني في اليمن خلال تلك العقود الماضية.
التحق بصفوف الجيش الجمهوري الوليد بعد ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بالنظام الإمامي عام 1962، وتدرج في الأعمال والمناصب وتخرج من الكلية الحربية بصنعاء عام 65م.
بدأ العمل في المجال الأمني منذ عام 80م، إذ تم تعيينه آنذاك رئيسا للجهاز المركزي للأمن الوطني المعروف لاحقا بجهاز الأمن السياسي "الاستخبارات".
تم تعيينه بعد الوحدة وزيرا للداخلية إلى جانب عمله رئيسا لجهاز المخابرات، ليستمر في المنصبين حتى عام 93م.
وخلال فترة توليه الوزارة لثلاث سنوات، أشرف –كوزير داخلية- على المراحل الأولى لدمج وزارتي الشطرين الشمالي والجنوبي سابقا، ودمج وتنظيم المؤسسات والأجهزة الأمنية، وامتد عمله كذلك إلى دمج أجهزة المخابرات.
خلال تلك الفترة، تم تعيين العميد حسين محمد عرب (أبين، جنوبا)، نائبا لوزير الداخلية.
وقد أعفي القمش من منصب وزير الداخلية في ثاني حكومة يمنية تم تشكيلها في 30مايو 93، برئاسة حيدر العطاس، عقب أول انتخابات برلمانية جرت في 7ابريل93م. لكنه بقي في عمله رئيسا لجهاز المخابرات حتى عام 2014م.
إدارة ملف الإرهاب
يعتبر القمش أحد الأسماء الذين يشار إليهم من رجال المخابرات، وأسندت له وجهازه مهام إدارة ملف الإرهاب وكلفه الرئيس صالح بالعمل مع الأمريكان عقب حادثة استهداف تنظيم القاعدة للمدمرة الأميركية "يو أس أس كول" في 12أكتوبر 2000، التي كانت ترسو في ميناء عدن، إذ تم تكليفه بالتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية في التحقيقات وملاحقة عناصر القاعدة.
لكن نفوذه بدأ في الانحسار، منذ قيام صالح بإنشاء "جهاز الأمن القومي"، عام 2002، كذراع لصالح وعائلته وجهاز مواز تنامى نفوذه بتسارع على حساب جهاز الأمن السياسي.
تعرض القمش لإصابة في قصف صاروخي استهدف منزل الشيخ صادق الأحمر في منطقة الحصبة بالعاصمة صنعاء نهاية شهر مايو 2011م، إذ كان أحد قادة ومشائخ تم ابتعاثهم من طرف النظام كوساطة لدى بيت الأحمر لمحاولة احتواء الخلاف وإنهاء مواجهات بين قوات صالح ورجال القبائل. اتهم قادة الرئيس صالح بمحاولة تصفية أعضاء الوساطة وكبار المشائخ المجتمعين في المنزل.
بعد 44 عاما من الخدمة في المجال الأمني ورئاسة جهاز المخابرات، تم إعفاء اللواء القمش من منصبه في 7 مارس 2014م، بقرار أصدره الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، ضمن جملة قرارات لإعادة هيكلة واسعة للجيش والأمن شملت تغيير شبكة من رموز نظام صالح الذين كانوا يمسكون بأهم مفاصل القيادة العسكرية والأمنية.
تم تعيينه بقرار رئاسي سفيرا بوزارة الخارجية. وهو منصب فخري بلا صلاحيات.
ومنذ ما بعد إقالته وما بعد تمرد الحوثية المدعومة من إيران على الدولة، اختار الإقامة خارج البلاد متنقلا بين عدد من العواصم، مفضلا أن يكون بعيدا عن الضوء وعن الفعل الأمني.
التعليقات