هل ستواجه مليشيات الحوثي مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا؟
تُلقي الأحداث الميدانية المُتسارعة، التي يشهدها الشمال السوري منذ يومين، بظلاله على واقع حال الحوثيين في اليمن، خصوصًا مع تقهقر الميليشيات الموالية لإيران الموجودة في سوريا.
ومع تقدّم الفصائل السورية على الأرض، وانتزاع السيطرة على عدد من المناطق والمدن في تلك النواحي لا سيما في حماة وإدلب وحلب ثاني أكبر المدن السورية والأكثر تعدادًا سُكانيًّا، التي كانت تشترك الميليشيا التابعة لإيران مع الجيش السوري في السيطرة عليها، يبرز تساؤل هام يتمحور في فرضية تكرار السيناريو مع الحوثيين في اليمن.
التضييق على الأذرع الإيرانية
تعيش إيران حالة من الانكسار إثر الضربات الأخيرة التي قسمت ظهرها، وجعلتها تقف عاجزة عن فعل أي شيء وهي تشاهد أبرز وأقوى حلفائها في المنطقة حزب الله اللبناني يخرُّ منهارًا.
وعجز طهران عن دعم حليفها الأبرز، فتح أعين الفصائل السورية لاستغلال الوضعية تلك متيقنة من عدم مقدرة النظام الإيراني على دعم حليفها الآخر في سوريا، وبالتالي احتمالية انعكاس الأمر ذاته على التعاطي والتعامل مع حليف إيران في اليمن.
وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المُعترف بها دوليًّا أسامة الشرمي، قال: "إيران لا تُريد أن تتخلى عن ميليشياتها في العالم العربي من تلقاء نفسها، ولكن الأوضاع التي تمر بها والانتكاسات الكبيرة التي مُنيت بها واذرعها خلال الأشهر الماضية، تجعل من الممكن للمجتمع الدولي والدول في الإقليم أن تنفذ إجراءات وتقوم بعمليات تسهم من خلالها في التضييق على الأذرع الإيرانية وقطع طرق إمداد تلقي الأسلحة قبل أن تصل إليها".
ويرى الشرمي، أن "ما يحصل في سوريا، هو مثال لهذه الخطوات العملية على الأرض، وفي اليمن بالإمكان أن يحصل الأمر ذاته، وبالتحديد إذا ما تمت عملية تحرير الحديدة من سيطرة ميليشيا الحوثي".
وبيّن الشرمي: "هذا سيوقف عمليات تهريب الأسلحة إليها التي تجري عبر البحر الأحمر، وفي الوقت ذاته سيوقف ذلك العمليات الإرهابية التي تشنها ميليشيا الحوثي على خطوط الملاحة الدولية".
مضيفًا: "اللحظة الآن مناسبة أكثر من أي وقت مضى، وبالإمكان أن تتحقق الكثير من الإنجازات الإستراتيجية، بأقل الإمكانيات مقارنة بالمراحل الماضية".
وذكر المسؤول اليمني، أنه: "إذا قُطع الدعم الإيراني عن ميليشيا الحوثي، فستعود إلى حجمها الحقيقي، ميليشيا أقل حتى من أن تكون طائفية، هي عبارة عن مجاميع مسلحة تتبع عبد الملك الحوثي بشكل مباشر وأعدادهم ليست بالكثيرة، وتسليحهم يعتمد على شريان التهريب الايراني إلى اليمن".
مواجهة مفتوحة
وأوضح: "بالتالي فإذا رُفِع غطاء الدعم الإيراني عن ميليشيا الحوثيين، ستكون العمليات في اليمن أسهل بكثير مما جرى تحمل نتائجها خلال المراحل الماضية، وستكون ميليشيا الحوثي في أحسن الأحوال مُتمّترسة في جبال صعدة، وليس كما هي الحال الآن تسيطر على العاصمة اليمنية صنعاء وعلى مؤسسات الدولة، وعلى المحافظات ذات الكثافة السكانية الأكبر".
وبدوره، يقول المحلل السياسي خالد سلمان: "ما يحدث في حلب يرمي بظلاله وبقوة على اليمن، وعلى أطراف الصراع فيه، من جهة الحوثي الذي يعيش كابوس معركة قادمة يحتشد ويتجهز لمواجهة مفتوحة، لم يبق وفق حساباته سوى تحديد موعد الضغط على زر الحرب".
وأضاف سلمان، لـ"إرم نيوز": "من الجهة المقابلة الأطراف المناهضة للحوثي، هي الأخرى تستلهم ما حدث ويحدث في حلب؛ ما يجعلها تغادر قشرة تهيبها، وتعيد قراءة الموقف الميداني بمعنوية مغايرة، بالانتقال من وهم القوة الحوثية إلى الإقرار بضعفه، ومن رفع سقف قدراته العسكرية إلى إمكانية هزيمته".
ولفت سلمان إلى أن: "القيادة الفعلية في حلب للحرس الثوري الإيراني، فهو حاكم المدينة والممسك بكل مفاصلها العسكرية والسياسية وحتى السلطات التنفيذية، ومع ذلك تخطت هزيمته وسرعة فراره من الميدان، تسليم الموصل لداعش؛ ما يَطرح لدى الطرف الشرعي والمكونات العسكرية الأُخرى، استنتاجًا مفتاحيًّا يتأسس عليه قادم الصراع".
وتابع: "إيران ليست بتلك القوة، وأن هزيمتها وكل الميليشيات التابعة لها باتت في حكم الممكن، بل وحتى الضرورة الملحة، في سياق إخراج طهران بعد اجتثاث أدواتها من معادلة رسم قادم المنطقة".
إسناد إقليمي ودولي
وأكد سلمان، أن "ما يحتاجه اليمن، هو استلهام تجربة حلب بحتمية هزيمة الحوثي، مع الإقرار برفض خوض الصراع على أساس ديني، وأن معركة اليمن هي استعادة الدولة الوطنية القائمة على الإيمان بالمواطنة ورفض الإقصاء والاعتراف بالتنوع وإقرار الحقوق".
إلى ذلك، يمتلك المحلل العسكري عدنان الجبرني وجهة نظر مُغايرة، إذ يستبعد تكرار سيناريو سوريا مع ميليشيا الحوثي في اليمن على الأقل خلال هذه الفترة، مع الإبقاء على إمكانية حدوثه مستقبلًا، لكن في الوقت الراهن لا يتوقع ذلك.
واستند الجبرني، في حديثه لـ"إرم نيوز" في رأيه ذلك، على أن: "ميليشيا الحوثي ستستفيد من ما يحدث في سوريا، إذ سيبقون خلال هذه المرحلة أكثر يقظة وسترفع من درجات جاهزيتها القتالية، وستُشدّد من تحصيناتها، لتجنب الوقوع في السيناريو ذاته".
وأضاف الجبرني: "عنصر المفاجأة والمباغتة الذي حصل في سوريا، بات غير متوفر هنا في اليمن، كون الحوثيين سيتوقعون احتمالية تكرار الأمر معهم، وبالتالي سيظلون على أهبة الاستعداد دائمًا".
واستدرك الجبرني: "إلا إذا انطلقت عملية عسكرية كبرى، يقف وراءها إسناد إقليمي ودولي، وتجتمع فيها جميع فصائل القوى المحلية المتواجدة على الساحة، هنا من الممكن أن يختلف الأمر".
التعليقات