خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين


السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط: ثوابت راسخة في مواجهة متغيرات ما بعد 7 أكتوبر


بينما تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة من التحولات السياسية، تعود السياسة الأمريكية إلى الواجهة، لا بوصفها مجرد قوة كبرى ذات نفوذ تاريخي، بل كفاعل رئيسي يعيد صياغة ملامح الإقليم، مستفيدًا من ثوابت راسخة ومتغيرات طرأت بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، التي شكّلت نقطة مفصلية في علاقة واشنطن بالمنطقة برمّتها.

وفي تحليل موسع للكاتب والممحلل السياسي الدكتور ثابت الأحمدي، تناول أبعاد السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط من منظور تاريخي واستراتيجي، موضحًا أن علاقة الولايات المتحدة بالمنطقة لم تكن يومًا طارئة أو عرضية، بل تعود جذورها إلى مطلع القرن العشرين، ثم توطدت مع الحربين العالميتين، وتعمّقت أكثر مع الاكتشافات النفطية، وتنامي الصراع الدولي خلال الحرب الباردة.

التحليل يوضح أن الولايات المتحدة، رغم تغيّر إداراتها، حافظت على سياسة خارجية ذات خطوط عامة ثابتة تجاه المنطقة، تقوم على تأمين مصادر الطاقة، ودعم إسرائيل كحليف استراتيجي لا يقبل المساومة، واحتواء الخصوم الإيديولوجيين، بداية من الشيوعية وانتهاء بالإسلام السياسي، مع حضور دائم لفكرة دعم الديمقراطية وفق الرؤية الأمريكية، وإن بدرجات متفاوتة.

لكن التحوّل الأهم، بحسب المقال، بدأ يتشكل بوضوح مع أحداث 7 أكتوبر، والتي أدت إلى إعادة تقييم شاملة للمنظور الأمني والسياسي الأمريكي تجاه الشرق الأوسط. فلم تعد واشنطن قادرة على إدارة المنطقة كما اعتادت لعقود، بل وجدت نفسها مضطرة لتغيير أدواتها دون المساس بجوهر استراتيجيتها. فقد تقلصت التدخلات العسكرية المباشرة، مقابل تصاعد دور التحالفات الإقليمية، خاصة مع دول مثل السعودية التي بات يُنظر إليها كشريك أمني وسياسي مركزي في المرحلة المقبلة.

المقال يسلط الضوء على أن الولايات المتحدة باتت ترى في المملكة العربية السعودية ركيزة أساسية لأي تسوية قادمة في ملفات شائكة، مثل الملف الفلسطيني، والوضع في لبنان، والوجود الإيراني في سوريا واليمن. ويبدو أن واشنطن تعوّل كثيرًا على قدرة الرياض في ممارسة ضغط متوازن على أطراف الصراع، بما يساعد في إعادة بناء المشهد الإقليمي بشكل يضمن المصالح الأمريكية دون الحاجة إلى الانخراط المباشر في المعارك.

وفي هذا السياق، يتناول المقال مشروع "الشرق الأوسط الكبير" الذي برز مطلع الألفية الجديدة، وكيف أعيدت صياغته في السنوات الأخيرة ضمن إطار "المسار الإبراهيمي"، الذي لا يقتصر على التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية، بل يتضمن أبعادًا اقتصادية وثقافية وأمنية تتخطى العلاقات الثنائية، لتأسيس شبكة إقليمية من المصالح المشتركة.

غير أن الكاتب يؤكد أن التحديات لا تزال قائمة، وأن السياسة الأمريكية، رغم نفوذها، لا تستطيع تحقيق الاستقرار وحدها، ما لم توجد قيادة إقليمية قادرة على إنتاج رؤية موحدة، وتجاوز الحسابات الضيقة، والارتهانات الفئوية التي جعلت بعض دول المنطقة خارج حسابات التوازن الجديد.

ويشير إلى أن غياب اليمن عن المشهد السياسي خلال القمة التي جمعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس القيادة السورية أحمد الشرع في الرياض، بحضور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لم يكن تفصيلًا عابرًا، بل دلالة على عجز بعض الأطراف عن فرض نفسها كفاعل سياسي فاعل، في وقت يتغير فيه المشهد بسرعة.

ويختم الدكتور ثابت الأحمدي تحليله بالتأكيد على أن العالم لا ينتظر المترددين، وأن السياسة الدولية لا تمنح مقاعدها إلا لمن يمتلكون مشروعًا، ورؤية، وقدرة على الفعل، وأن من لا يملك ذلك سيبقى حبيس الهامش، مهما توافرت له الفرص.

المصدر: "نافذة اليمن" – مقال: السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.. الثوابت والمتغيرات | بقلم: د. ثابت الأحمدي

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.