الريال اليمني يسجل انهياراً قياسياً وسط تحذيرات من كارثة اقتصادية وإنسانية وشيكة
واصل الريال اليمني انهياره الحاد أمام العملات الأجنبية، مسجلاً أدنى مستوى في تاريخه، في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، وسط عجز حكومي متزايد عن وقف تدهور العملة المحلية وغياب حلول جادة لمعالجة الأزمة.
وبحسب مصادر مصرفية، فقد تجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي حاجز 2650 ريالاً يمنيًا في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، فيما قفز الريال السعودي فوق عتبة 700 ريال لأول مرة. يأتي ذلك في ظل استقرار نسبي للعملة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، ما يعكس عمق الانقسام المالي والنقدي بين أطراف الصراع في البلاد.
ورغم الاجتماعات الحكومية المتواصلة، وآخرها اجتماع رئيس الحكومة سالم بن بريك مع قيادة وزارة المالية في العاصمة المؤقتة عدن يوم الأحد 15 يونيو، لم تتمكن الحكومة من كبح جماح التدهور المتسارع للعملة. وخلال الاجتماع، ناقش المسؤولون خطط تعزيز الإيرادات وترشيد النفقات ومكافحة الفساد، غير أن الواقع المالي يواصل التدهور، في ظل فقدان الثقة الشعبية بقدرة الحكومة على إدارة الأزمة.
ويحذر خبراء اقتصاديون من تداعيات خطيرة لهذا الانهيار المستمر في قيمة العملة الوطنية. وفي هذا السياق، قال الباحث في الشأن الاقتصادي محمد النقيب لـ"يمن مونيتور" إن "التدهور الحاد للريال اليمني ينذر بكارثة اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة، في ظل غياب السياسات النقدية الفعالة، وتوقف معظم موارد النقد الأجنبي، وتعطل إيرادات النفط والغاز والجمارك والضرائب، التي لم تعد تخضع بالكامل لسيطرة الحكومة الشرعية".
وأضاف النقيب أن استمرار هذا التدهور سيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار الغذاء والدواء والخدمات، وتفاقم معدلات الفقر والبطالة، مع مخاطر دخول البلاد في موجة تضخم مفرط قد يصعب السيطرة عليها.
من جهته، أشار الناشط الإعلامي أبو فاهم فؤاد العسكري إلى ما وصفه بـ"تواطؤ مخزٍ من الطبقة السياسية الحاكمة"، متهماً السلطات الشرعية بوضع مصالحها الشخصية فوق مصلحة الشعب، وتحويل الأزمة الاقتصادية إلى وسيلة لتعظيم ثرواتها، في وقت يغرق فيه اليمن في مستنقع أزمات متشابكة.
وأضاف العسكري أن الانهيار المتسارع للعملة جعل رواتب الجنود والموظفين تفقد قيمتها بشكل مهين، مشيراً إلى أن راتب الجندي بات يعادل أقل من 70 ريالاً سعودياً، وهو ما وصفه بـ"إهانة وطنية لمن يذودون عن ما تبقى من الجمهورية".
وفي السياق ذاته، أكد الصحفي والناشط السياسي وليد الجبزي أن انهيار الريال جاء بعد فترة قصيرة من تطمينات حكومية متكررة حول خطط معالجة الأزمة، مشيراً إلى أن الحكومة "باتت غائبة فعلياً عن المشهد، في ظل مؤشرات اقتصادية تزداد سوءاً يوماً بعد آخر".
ولفت الجبزي إلى أن المفارقة الصادمة تتمثل في أن مناطق سيطرة الحوثيين تمكنت -رغم الحرب والتدمير- من تحقيق استقرار نسبي في العملة مقارنة بمناطق الحكومة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حادة حول فعالية الأداء المالي والإداري في كلا الجانبين.
ويرى مراقبون أن استمرار انهيار الريال دون تدخل جاد وفعلي قد يقود إلى مستويات كارثية لسعر الصرف، تصل إلى تخطي الدولار حاجز 3000 ريال، مع ما يعنيه ذلك من انهيار شامل للقدرة الشرائية للسكان، وتفاقم معاناة ملايين اليمنيين الذين يعيشون بالفعل تحت خط الفقر.
وتبقى الأنظار معلقة على ما إذا كانت الحكومة الشرعية ستتمكن من اتخاذ خطوات جادة لكبح هذا الانهيار، أو ما إذا كانت الأوضاع مرشحة لمزيد من الانفلات المالي الذي ينذر بانهيار اقتصادي شامل قد يصعب إنقاذه لاحقاً.
المصدر: يمن مونيتور
المصدر: يمن مونيتور
برنامج اليمن الكبير الحلقة الثانية : "عاصمة الروح" .. صنعاء
التعليقات