إسرائيل تدرس ثلاثة سيناريوهات لكبح جماح الحوثيين.. ماهي؟
كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن قلق متصاعد في الأوساط الأمنية والسياسية في تل أبيب من استمرار الهجمات الحوثية بالطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية من الأراضي اليمنية، ما دفع إسرائيل إلى دراسة ثلاثة سيناريوهات لاحتواء هذا التهديد، أحدها يتضمن استمرار الضربات العسكرية المباشرة ضد مواقع الحوثيين، سواء من قبل الجيش الإسرائيلي أو عبر تحالفات إقليمية موسّعة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تعتبر فيه إسرائيل أن جماعة الحوثيين، الذراع الإيرانية جنوب الجزيرة العربية، تحولت إلى تهديد مباشر ومستقل، لا يمكن ربطه فقط بسياق الحرب على غزة، رغم إعلان الحوثيين مرارًا أن هجماتهم تأتي دعمًا للفلسطينيين.
وبحسب الصحيفة، فإن تل أبيب تشكك في جدية التزامات الحوثيين، وترى أن سلوك الجماعة "أقرب إلى نمط غير عقلاني وغير محسوب"، بخلاف حزب الله، الذي تتعامل معه إسرائيل على أنه "عدو منضبط ضمن قواعد اشتباك مدروسة".
وأبرز ما يكشفه التقرير هو إدراك إسرائيل لواقع جيوسياسي جديد يتمثل في فتح جبهة جنوبية محتملة من اليمن، تهدد الملاحة في البحر الأحمر، وتشكّل خنجرًا استراتيجيًا في خاصرة الأمن الإسرائيلي، في ظل تصاعد قدرات الحوثيين الصاروخية، وتوسّع مدى طائراتهم المسيّرة التي استهدفت سفنًا لها علاقة بإسرائيل أو تعمل ضمن تحالفاتها.
ولا تستبعد إسرائيل – وفقاً للصحيفة – أن تستأنف جماعة الحوثي هجماتها في حال نشوب توترات جديدة في المسجد الأقصى أو تصاعد المواجهات في الضفة الغربية، وهو ما يُظهر تحولًا في سلوك الجماعة يجعلها "طرفًا قابلًا للاشتعال في أكثر من ملف، بعيدًا عن غزة".
والصحيفة نقلت عن مصادر سياسية أن السيناريو الأول الذي تفضله إسرائيل هو التوصل إلى اتفاق شامل مع إيران أو حماس ينهي القتال في غزة، وبالتالي يُفقد الحوثيين "الذريعة السياسية" لاستمرار هجماتهم. لكن المصدر الإسرائيلي شدد على أن "لا شيء يضمن أن يتوقف الحوثيون بعد انتهاء الحرب"، ما يدفع لمراجعة السيناريوهات الأخرى.
السيناريو الثاني، وهو الأخطر، يتمثل في الاستمرار في استهداف الحوثيين عسكريًا، إما عبر هجمات إسرائيلية مباشرة، أو من خلال دعم عمليات عسكرية مشتركة عبر تحالفات مع الولايات المتحدة أو دول خليجية. وتُشير الصحيفة إلى أن هذه الخطة لا تزال مطروحة بقوة، خصوصًا في حال فشل المسار السياسي مع إيران.
أما السيناريو الثالث، فيتعلق بتحفيز الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا للتحرك عسكريًا ضد الحوثيين، لكن الصحيفة ترى أن هذا الخيار "ضعيف وغير واقعي" في ظل الانقسام الداخلي والوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد.
والتطور الأبرز، بحسب ما يمكن استنتاجه من التقرير، هو أن جماعة الحوثي باتت مدرجة ضمن قائمة الأهداف الاستراتيجية الإسرائيلية، وأن تل أبيب لا تستبعد – ضمن ترتيبات ما بعد غزة – تنفيذ ضربات مباشرة على مواقع حوثية تعتبرها مراكز إطلاق أو تجميع للصواريخ والطائرات المسيّرة.
ومع إدراك إسرائيل للدور الإيراني في تمكين الجماعة وتسليحها، فإن خيارات الرد قد تتسع لتشمل ضرب سلاسل الإمداد ونقاط التهريب التي تربط طهران بصنعاء عبر شبكات تمتد من بحر العرب إلى الحديدة.
وفي ضوء المعطيات الجديدة، لم تعد إسرائيل تنظر إلى جماعة الحوثي كتهديد هامشي أو محلي، بل كجبهة مرنة بيد إيران يمكن تفعيلها متى شاءت، وفي الزمان والمكان الذي يخدم استراتيجيتها.
وبينما تدرس تل أبيب خياراتها، يبقى الثابت الوحيد هو أن اليمن دخل فعليًا في حسابات الأمن القومي الإسرائيلي، ليس بوصفه ساحة صراع بالوكالة، بل كمنصة تهديد عابر للحدود، في معادلة إقليمية معقّدة.
اليمن الكبير|| مأرب التاريخ والعراقة (الجزء الأول)
التعليقات