دراسة تكشف الجذور الفكرية الصادمة للزيدية: تكفير للصحابة ورفض لشرعية الخلافة الأولى
كشفت دراسة فكرية موسعة عن الوجه الحقيقي للفكر الزيدي في مراحله التأسيسية، من خلال تحليل دقيق لمصادره الأصلية التي تعود لأئمة الزيدية في اليمن والديلم (إيران)، مؤكدة أن الزيدية المبكرة لم تكن مذهباً معتدلاً كما تصوره بعض الأدبيات، بل نشأت كتيار إمامي يُقصي الأمة ويكفّر الصحابة ويعتبر الخروج على الحاكم جزءًا من الإيمان.
الدراسة التي حملت عنوان "الفكر الزيدي المبكر – حكمة يمانية" للباحث الدكتور عبدالمجيد محمد الغيلي، تُعد أول عمل توثيقي تحليلي يعتمد كلياً على كتب الزيدية أنفسهم، دون الرجوع إلى مصادر الفرق الأخرى، ما يمنحها مصداقية داخلية قوية في تقييم هذا التراث.
حلّل المؤلف أكثر من 90 كتابًا ورسالة أصلية من التراث الزيدي، وركّز على المواقف من الإمامة والصحابة وأهل البيت وعامة الأمة، كاشفاً تطور هذه المفاهيم من عهد زيد بن علي وحتى عبدالله بن حمزة في القرن السادس الهجري، مروراً بتيارات الجارودية وزيدية اليمن والديلم.
وتُظهر الدراسة أن الزيدية تنكر شرعية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان، وتصفهم باغتصاب السلطة الدينية، بل وتكفّر أو تفسّق الصحابة الذين لم يناصروا علي بن أبي طالب، وتتهمهم بالكذب والخيانة. كما تذهب بعض النصوص الزيدية إلى وصف شخصيات مثل طلحة والزبير ومعاوية وعائشة بأنهم من أعداء الله ورسوله.
وتعتبر الزيدية - بحسب ما ورد في الدراسة - أن من لا يبايع أئمتها، أو يشكك في إمامتهم، هو كافر يستحق إقامة الحد. كما يرون عامة المسلمين خارج الزيدية في حكم "أهل الحرب"، وتُباح أموالهم وتُسقط عدالتهم.
يميز الباحث بين تيارين رئيسيين داخل الزيدية: التيار اليمني والتيار الديلمي، موضحاً أن التقائهما بلغ ذروته عند عبدالله بن حمزة، حيث توحدت فيه أفكار الجارودية، وعقائد المعتزلة، ونظريات الزيدية السياسية.
كما يكشف الكتاب أن الزيدية لا تقبل إمامة "المفضول" مع وجود "الأفضل"، إلا ضمن ذرية الحسن والحسين، وتعتبر الإمامة أصلاً من أصول الدين لا يجوز التهاون فيه، ويكفَّر من ينكره أو يتردد في الإيمان به.
أما عن العلاقة مع المعتزلة، فيوضح الباحث أن الزيدية تبنت منذ القرن الرابع الهجري معظم آرائهم الكلامية في العدل والتوحيد، لكنها احتفظت بأفكارها الخاصة حول الإمامة والعصمة واحتكار التأويل، مع استمرار تكفير المخالفين.
ويمثل الكتاب الذي تجاوز 680 صفحة، أوسع وأعمق دراسة توثيقية معاصرة تكشف حقيقة الفكر الزيدي من منابعه الأصلية، ويدعو المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية إلى إعادة النظر في المزاعم الشائعة بأن الزيدية أقرب إلى أهل السنة، في ضوء مئات النصوص التي تُدين الصحابة وتعتبر الدولة الإسلامية الأولى منحرفة.
التعليقات