برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

رغم قرار التشغيل.. مافيا المشتقات النفطية تُبقي مصافي عدن خارج الخدمة

في ظل تصاعد أزمة الكهرباء وانهيار متواصل لسعر صرف العملة المحلية في اليمن، تجد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا نفسها في موقف حرج أمام الشارع الغاضب، وتحت ضغط متزايد لإيجاد حلول حقيقية تخفف من معاناة المواطنين. ومن بين الحلول التي أعيد طرحها مجددًا، تبرز مصافي عدن كخيار استراتيجي وطارئ، يُفترض أن يسهم في تأمين احتياجات السوق من المشتقات النفطية، ودعم الاقتصاد الوطني، إلا أن تنفيذ هذا التوجه لا يزال محفوفًا بالتحديات.

توجيه حكومي جديد.. وخطة مشكوك في واقعيتها

في خطوة رسمية جديدة، وجهت الحكومة بإعداد خطة مزمنة وقابلة للتنفيذ لإعادة تشغيل مصافي عدن، التي تُعد من أبرز المنشآت الاقتصادية والاستثمارية في مدينة عدن، والتي توقفت عن العمل منذ سنوات بسبب تردي أوضاعها الفنية وغياب الصيانة والدعم.

لكن مصادر هندسية وفنية في المصافي تحدثت لـ"العربي الجديد"، مؤكدة أن تنفيذ هذا القرار لن يكون سهلًا، وأن استعادة المصافي لوضعها التشغيلي الطبيعي تحتاج إلى تمويل ضخم، وخطة طويلة المدى، وجهود فنية مكثفة، وسط بيئة سياسية واقتصادية معقدة تمر بها الحكومة في عدن.

خبير نفطي: تشغيل المصافي خلال 100 يوم مستحيل

الخبير الجيولوجي في النفط والغاز عبد الغني جغمان أكد أن فكرة تشغيل المصافي خلال فترة قصيرة، مثل 100 يوم، "أمر مستحيل"، موضحًا أن البنية التحتية للمصافي ومحطة الكهرباء المرتبطة بها قد تم تدميرها بالكامل، بينما انسحبت الشركة الصينية من المشروع بسبب تراكم ديون على الحكومة تُقدّر بملايين الدولارات.

وأشار إلى أن التدمير الممنهج للمصافي تزامن مع صعود ما سماها "مافيا استيراد النفط"، التي تسعى لتعطيل أي جهود حكومية لإعادة تشغيل المصافي، لما في ذلك من تعارض مباشر مع مصالحها.

مصالح تجارية تحول دون عودة المصافي

مصادر خاصة في قطاع النفط كشفت لـ"العربي الجديد" عن وجود مافيات منتشرة في عدة موانئ يمنية – من عدن إلى الحديدة وشبوة والمهرة – تحتكر استيراد وبيع المشتقات النفطية بأسعار باهظة، مستفيدة من تعطيل المصافي.

فبحسب هذه المصادر، تحقق هذه الشبكات أرباحًا ضخمة تصل إلى ألف دولار عن كل طن مشتقات نفطية، في ظل غياب الرقابة واحتكار السوق. وهو ما يجعلها، بحسب وصف الخبراء، "خط الدفاع الأول" ضد أي محاولة لإعادة المصافي للعمل.

معوقات سياسية وتشريعية

الباحث الاقتصادي توفيق صالح أكد أن إعادة تشغيل المصافي لا يتطلب فقط صيانة فنية، بل تهيئة شاملة من الناحية السياسية والأمنية، فضلاً عن وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة، وهو ما يراه غائبًا في المرحلة الراهنة.

من جهته، أوضح المحلل الاقتصادي ماجد الداعري أن أي محاولة لتشغيل المصافي لن تنجح دون إلغاء قرار تعويم استيراد المشتقات النفطية الذي أقره الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وحصر عمليات الاستيراد على شركة مصافي عدن فقط، مع توزيعها عبر شركة النفط. وهذا الإلغاء يتطلب قرارًا جمهوريًا جديدًا.

واقع المصافي المتهالك

وفق معلومات فنية من داخل مصافي عدن، فإن المنشأة لم تعد تعمل بطاقتها الأساسية منذ سنوات، في ظل توقف عمليات الصيانة وتراجع القدرات التشغيلية. ويجري حاليًا التحضير لإعادة تشغيل وحدتين لإنتاج مادة الإسفلت لتغطية السوق المحلي، بالإضافة إلى خطة لتشغيل وحدة تكرير ديزل ومازوت بطاقة تقدر بـ6 آلاف برميل يوميًا، مقارنة بالقدرة الأصلية للمصفاة التي تبلغ 120 ألف برميل.

تحذيرات من تفاقم الأزمة

المصرفي علي التويتي يرى أن تعطيل مصافي عدن، إلى جانب استمرار الفساد الحكومي، كان من الأسباب الرئيسية لتدهور سعر صرف الريال وأزمة الكهرباء، مؤكدًا أن المصافي كانت قادرة على تحقيق إيرادات سنوية تقدر بـ100 مليون دولار، لو أُعيد تشغيلها بكامل طاقتها.

وبرغم زيارة رئيس الحكومة سالم بن بريك للمصافي مؤخرًا وإعلانه عزم الحكومة على استعادة نشاطها، إلا أن مراقبين يشككون في قدرة الحكومة على مواجهة نفوذ التحالف التجاري والمصرفي الذي نشأ بعد قرار تعويم السوق، ويمثل أكبر عائق أمام عودة هذه المنشأة الحيوية إلى العمل.

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا