برنامج : اليمن الكبير : تعز أيقونة الثورة والحرية والنضال

من صعدة إلى المهرة.. ما تداعيات انتشار القوات السلفية المدعومة سعودياً على سيادة اليمن؟
من محافظة صعدة شمالا إلى المهرة شرقا، تتشكل قوات بقرار سعودي وخلفية سلفية، خارج البزة العسكرية، وخارج مؤسسة الجيش الرسمية، حيث ظهر وزير الدفاع اليمني الفريق الركن محسن الداعري، في محوري كتاف والبقع، بجوار اللواء رداد الهاشمي، المعين من قبل السعودية بزي مدني، والذي تخضع وحداته لقرار سعودي تمويلا وتسليحا بعيدا عن مؤسسات الجيش اليمني.

يتكرر المشهد ذاته في المهرة، مع تخرج دفعه جديدة من قوات درع الوطن، بقيادة سلفية، لا تعترف بالزي العسكري أصلا، وتعمل برعاية مباشرة من الرياض لتكشف عن تشكيلات عسكرية تمتد من أقصى الشرق إلى أقصى الشمال، وتبنى خارج وزارة الدفاع اليمنية، وتفتقد لمفهوم الوطنية، ويغلب عليها الطابع الديني المتشدد أكثر من العقيدة العسكرية الجامعة.

حالة من الارتهان الخارجي

يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، د. علي الذهب، يبدو أن الحكومة تظهر ضعفا مستمرا تجاه إعادة هيكلة القوات المسلحة، وربطها في هيكل واحد، وتحت قيادة واحدة، وهيئة عمليات مشتركة واحدة، فضلا عن العقيدة العسكرية الواحدة، التي تمثل أساسا للضبط والربط والتحكم بالقوات من حيث الترقيات والنقل والحقوق المالية، على مختلف الوحدات في إطار مسرح العمليات في الجمهورية اليمنية.

وأضاف: من جانب آخر أتصور أن هنالك حالة من الارتهان الخارجي الذي تبديه الحكومة، رغم الإمكانيات التي أتيحت لها خلال مرحلة ما بعد إعلان الهدنة، حيث تمكنت بعض القيادات العسكرية وقيادة الحكومة من التواجد في الداخل، ولكنها لم تستغل هذه الفرصة ولا تزال مسكونة بالخوف من الإملاءات الخارجية.

وتابع: لم تتمكن هذه القيادات اليمنية على المستوى السياسي أو العسكري أو الأمني، من فرض قرارها المستقل تجاه توحيد القوات المسلحة والأمن، وفرض سيطرة حقيقية فعلية على كافة المحاور والوحدات والهيئات والدوائر العسكرية والأمنية.

وأردف: مؤسف جدا أن نرى مثل هذا، ونحن في العام الثالث أو تجاوزنا العام الثالث من انتقال السلطة إلى مجلس القيادة الرئاسي، وهذا ربما يبعث باليأس كثيرا، ويبرز السؤال هل لا يزال أمام هذه الحكومة أو الرئاسة بشكل عام نية للبقاء خارج اليمن عشر سنوات أخرى، فيما يتقدم الحوثيون، ويفرضون إرادتهم في كافة المستويات السياسية والعسكرية والأمنية، داخليا وخارجيا؟

وزاد: بالنسبة لظهور رداد الهاشمي بزي مدني، في حضرة وزير دفاع، وقائد المنطقة العسكرية الخامسة، وقادة عسكريين آخرين، فضلا عن ظهور قائد محور مران عبد الكريم السدعي، وهو لا يرتدي أو لا يلبس الرتبة العسكرية، أعتقد أن هنالك جدل حول الرتب العسكرية الممنوحة لهؤلاء، والتي لا تحظى بأي غطاء قانوني، لأن كلا الاثنين يعرفان أنفسهما برتبة لواء، وهي رتبة منتحلة، لم يصل إليها إلا قادة الجيش الذين بلغوا أكثر من 30 عاما.

وقال: فضلا عن ذلك، يبدو أنه ليس هناك اعتراف من وزير الدفاع بهذه الرتب، ولا بقيادة بعض هؤلاء الأشخاص مثل رداد الهاشمي، ما يعني أن وزير الدفاع، قال من منطلقه العسكري وثقافته العسكرية، ليحضر رداد الهاشمي، بزيه المدني، فلا مانع على أن لا يلبس رتبة لواء، التي لا يقرها رئيس الجمهورية، وذلك عبد الكريم السدعي لم يلبس رتبة.

وأضاف: في نفس الوقت لاحظت البروتوكولات التي اخترقت أثناء إلقاء الكلمات وتقدمهم على وزير الدفاع، والحركة الفوضوية، كل ذلك ينم عن أن هنالك فقر في العادات والتقاليد العسكرية لدى هؤلاء، وأنهم مجرد ميليشيات يجب أن يصهروا تحت عقيدتين عسكرية وقتالية، تعارف عليها الجيش اليمني، ربما لم تأت اللحظة الراهنة لاحتواء ذلك، ولكن المسالة تستحق الإثارة وليس مجرد المرور عليها مرور الكرام.

وتابع: فيما يخص الغطاء القانوني لتشكيل القوات المسلحة أو القوات الأمنية في حضرموت، ليس هناك أساس قانوني لتشكيلها، وجودها دون المرور بأطر قانونية، هو انتهاك وتعارض مع نصوص الدستور والقانون.

وأردف: هناك نص دستوري واضح يقوم بتحريم إنشاء قوات مسلحة خارج إطار الدولة، سواء كانت هذه القوات تنتمي لقبيلة أو لجماعة او لحزب، أو لما شابه ذلك.

وزاد: القرار هو في يد رئيس الدولة، أو رئيس الجمهورية، هو الذي يصدر مثل هذه القرارات، وأعتقد أن قوات درع الوطن جاءت في هذا السياق، وفي غطاء قانوني منحها هذه الفرصة، لكن القوات التي أنشأها عمرو بن حبريش، قوات حماية حضرموت، هذه جاءت بدون قرار.

خطر على الدولة

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، د. فيصل الحذيفي، الانقسام العسكري في الولاءات وفي التنظيم وفي الترتيب الهيكلي خارج وزارتي الداخلية والدفاع، يشكل خطورة على الدولة اليمنية.

وأضاف: نحن في 2011 خرج الشعب اليمني ثائرا لتغيير السلطة، لكن لا يوجد اختلاف على مفهوم الدولة، بينما عندما تم إسقاط الدولة عبر انقلاب الحوثيين، وإقرار التدخل الخارجي واستدعائه من قبل الرئيس الشرعي عبد ربه منصور، حينذاك، لم يكن هناك ضبطا للقرار السياسي السيادي اليمني، وإنما تم تسليم القرار للتدخل الخارجي.

وتابع: التدخل الخارجي رأى أن الفرصة مواتية أمامه لعدم السماح لإعادة بناء جيش وطني واحد، لأن هذا يجعل حسابات الخارج بعيدة عن التدخل، وبالتالي كانت أول عملية لقصف الرجال الذين فكروا في إعادة بناء جيش وطني في العبر، ومعهم القائد الأبارة، وغيره، وتم التخلص من قيادات عسكرية ذات قيمة، كالشدادي واليافعي والصبيحي، وغيرهم.

وأردف: هنا بدأت تتشكل الجيوش خارج إطار الدولة اليمنية، وخارج إطار القانون والدستور، فعندنا تقريبا مكونين لكل طرف.

وزاد: هناك مكونان يتبعان السعودية، الأول لواء رداد الهاشمي، الذي يحظى بدعم سعودي لحماية الحدود، وكذلك قوات درع الوطن، التي تحظى بدعم سعودي أيضا، للتحكم بالسلطة اليمنية والشؤون اليمنية الداخلية بشكل مباشر.

وقال: هناك أيضا مكونان آخرين مقابلين يتبعان الإمارات، الأول المجلس الانتقالي وقواته، بدعم إماراتي واضح، وكذلك قوات طارق عفاش في الساحل الغربي لتعز.

وأضاف: هذه التشكيلات الأربعة، تتبع جهتين أجنبيتين، ولا تخضع لوزارة الدفاع، والفصائل الأمنية لا تخضع لوزارة الداخلية، وبالتالي تشكل تهديدا لاستعادة الدولة، وتشكل تهديدا لإعادة بناء الدولة.

مخالفة عسكرية

يقول المحلل العسكري الرائد مصطفى القحفة، ظهور قائد محور البقع وكتاف اللواء رداد الهاشمي، وهو يرتدي الزي المدني إلى جانب عدد من الضباط الذين ظهروا وهم مرتدون الزي العسكري، والهندام العسكري، هي مخالفة عسكرية.

وأضاف: أي فرد وأي ضابط يظهر بالزي المدني إلى جانب وزير دفاع أو رئيس أركان أو رؤساء هيئات، ومدراء دوائر، أو يظهر وهو ضابط في الجيش في منصة عرض عسكري، تعد مخالفة عسكرية، والأفضل أن يرتدي الزي العسكري، وأن يرتدي الرتبة العسكرية، أو يلبس الزي الخاص بالوحدة العسكرية التي ينتمي إليها، والذي يحمل شعار القوات المسلحة ويحمل الرتبة العسكرية.

وتابع: من خلال ما قرأته ورأيته في خطاب ووزير الدفاع أثناء زيارته، بأنه مكلف من قبل القيادة السياسية وأنه سيزور الجبهات كاملة، في المناطق العسكرية والمحاور العسكرية، بداية من المنطقة العسكرية الخامسة، وكان يرافقه رئيس هيئة الإسناد اللوجستي، وفي زيارتهم إلى محور مران، كان اللواء ركن يحيى صلاح، قائد المنطقة العسكرية الخامسة، إلى جانبهم.

وأردف: عندما وصلوا جميعا في زيارتهم إلى محور مران في صعدة، رأينا اللواء السدعي، بقواته وعرضهم الرائع في مسقط رأس السيء عبد الملك الحوثي.

وزاد: عندما وصلت الزيارة إلى كتاف والبقع البعض نظر نظرة أخرى، من خلال ارتداء اللواء رداد الهاشمي، لثوبه وهو مرتدي ويحمل الجهاز والمسدس، إضافة إلى أن بقية القادة والضباط، الذين استقبلوا وزير الدفاع، كانوا بالزي العسكري.

وقال: لكن من خلال الرسالة التي قالها رداد الهاشمي، والجميع اطلع عليها، عندما قال نحن رهن إشارتكم ايها القائد، أي وزير الدفاع، ونحن في جميع الألوية والكتائب رهن إشارتكم، وهذا يعني أنهم ليسوا خارج إطار المنظومة العسكرية.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا