أزمة سيولة تخنق الحكومة اليمنية في عدن.. الرواتب معلّقة للثلاثة أشهر والمعلمون أبرز المتضررين .. ما الأسباب؟
تواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، والتي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة لها، أزمة سيولة مالية خانقة تسببت في عجزها عن صرف رواتب موظفي الجهاز الإداري المدني للشهر الثالث على التوالي، في وقتٍ تتصاعد فيه حالة السخط الشعبي جراء الأوضاع المعيشية المتدهورة.
ورغم أن الحكومة والبنك المركزي في عدن نفذا سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية والنقدية ساهمت في تحسن سعر صرف العملة المحلية بنحو 50%، وتنظيم سوق الصرف وتمويل الاستيراد، إلا أن ذلك لم ينعكس على انتظام صرف الرواتب، ما فاقم من حجم الاستياء الشعبي.
المعلمون كانوا أبرز المتضررين، إذ أنهوا إضرابهم عن العمل مع بداية العام الدراسي الجديد أواخر أغسطس/آب 2025 بعد وعود حكومية بتحسين أوضاعهم، لكنهم لم يحصلوا حتى الآن على مستحقاتهم.
آراء الخبراء
يرى خبراء اقتصاديون أن الحكومة تمتلك خيارات لمعالجة أزمة السيولة، أبرزها تفعيل مواردها الضريبية والجمركية وربط الإيرادات بالبنك المركزي في عدن، إضافة إلى تشديد الرقابة على المضاربة بالعملة.
أستاذ المالية والمصارف في جامعة عدن، هيثم جواس، أوضح أن الأزمة ليست بالحجم الذي يُصوَّر إعلامياً، مشدداً على ضرورة رفع كفاءة تحصيل الإيرادات وتعزيز التعاون مع الأشقاء والمنظمات الدولية، معتبراً أن الحل ممكن عبر أدوات متاحة دون الحاجة لخيارات مكلفة.
في المقابل، يرى محللون أن أزمة السيولة تتركز في السوق المصرفية أكثر من الحكومة نفسها. ويشير الخبير الاقتصادي وفيق صالح إلى أن البنك المركزي اتبع سياسة نقدية انكماشية للحد من التضخم وضبط سعر الصرف، وهو ما أدى إلى تقييد السيولة. وأضاف أن اندفاع المواطنين مؤخراً لبيع العملات الصعبة مقابل الريال اليمني خلق فائضاً في النقد الأجنبي مقابل نقص حاد في السيولة المحلية.
تحديات حكومية وتحذيرات أكاديمية
تعاني الحكومة أيضاً من ضعف الموارد المالية وعدم التزام بعض الجهات بتوريد إيراداتها إلى البنك المركزي. وفي هذا السياق، حذّر أستاذ الاقتصاد النقدي في جامعة عدن محمد المفلحي من لجوء الحكومة إلى تغطية عجز الموازنة عبر السحب على المكشوف من البنك المركزي، لما يحمله من مخاطر كبيرة قد تعصف بقيمة العملة المحلية.
وأكد المفلحي أن مسؤولية صرف الرواتب تقع على وزارة المالية التي لا تزال شاغرة منذ تعيين الوزير السابق سالم بن بريك رئيساً للحكومة، مشيراً إلى أن البنك المركزي ليس الجهة المسؤولة عن الرواتب بقدر ما هو أداة نقدية لتنظيم السوق.
استقرار نقدي هش
ويؤكد اقتصاديون أن سياسة البنك المركزي الحالية تهدف إلى تحقيق استقرار نسبي في سعر العملة عبر إجراءات رقابية وتقييد قنوات الصرف، وهو ما انعكس في شح المعروض النقدي المحلي، ليبقى الموظفون بلا رواتب والحكومة أمام أزمة ثقة متصاعدة مع الشارع.
التعليقات